وظيفة (الست) عائشة

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 30 ديسمبر 2010 - 3:12 م بتوقيت القاهرة

 أسوأ ما فى خطاب أقطاب الحزب الوطنى وحكومته خلال الأيام الماضية هو أنه يعكس قدرا مخيفا من التعالى على الشعب وغرور السطوة والقوة, بعد أن نجح الحزب فى حسم معركة مجلس الشعب من خلال انتخابات لم يقل بنزاهتها أحد من العالمين.

لذلك لم يكن غريبا أن تخرج «الست» عائشة وزيرة القوة العاملة لتقول إنه على خريجى الكليات النظرية أن يعملوا كأفراد أمن, لأن الحكومة لن توظفهم. فهذا التصريح يكشف عن جهل فاضح بطبيعة وحقيقة هذه الكليات وتخصصاتها من ناحية وعن قسوة بالغة فى وأد أحلام ملايين الشباب الذين يراهنون على التعليم حتى لو كان فى كليات نظرية من أجل الترقى فى السلم الاجتماعى.

فالست الوزيرة التى لم تتخرج لا من كلية عملية ولا نظرية وإنما من «جامعة الحزب الوطنى» التى أهلتها لمقعد الوزارة الوثير تنسى أن واجبها الدستورى هو توفير فرص العمل للباحثين عن وظائف بما يتناسب مع مؤهلاتهم أو على الأقل إعادة تأهيلهم لسوق العمل.

هذا التصريح لوزيرة التوظيف والتشغيل هو «التطور الطبيعى» لقيادية عمالية فى الحزب الوطنى، لأنها هى نفسها التى كانت قد دعت للتوسع فى تسفير بنات مصر للعمل كخادمات فى الخليج.

لكن المأساة الحقيقية هى أن وزيرة القوة العاملة بتصريحها الأخير تؤكد أنها لا تعرف شيئا عن سوق العمل ولا طبيعة الوظائف التى يمكن أن يعمل فيها خريجو الكليات النظرية. فمدارس حكومة الست عائشة تعانى عجزا يصل إلى نحو 70 ألف معلم من دارسى التاريخ والجغرافيا واللغة العربية وغيرها من الدراسات النظرية.

ليس هذا فحسب بل إن تصريح الوزيرة يؤكد أن حكومتها تكذب عندما تتعهد فى برنامج حزبها الانتخابى بإقامة 3000 مدرسة وإقامة 800 مركز شباب جديد وتحديث 4000 مركز قائم وإقامة 13 جامعة، وغير ذلك من المشروعات التى بالتأكيد تحتاج إلى عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من خريجى الكليات النظرية لكى يتولوا تشغيل هذه المنشآت، أم أن الحكومة تعتزم إقامة المدارس ومراكز الشباب والجامعات ثم تتركها خاوية على عروشها.

فالمجتمع السوى ــ يا ست عائشة ــ لا يقيم الجامعات لكى تخرج أفراد أمن ولا خادمات فى منازل الخليج وإنما يقيمها لتخريج مدرسين وإخصائيين اجتماعيين وإخصائيين فى الجغرافيا وعلم النفس واللغات والقانون والتجارة لكى يعملوا بما درسوا دون أن يكون كل ذنبهم أنهم محكومون بحكومة عاجزة وتتباهى بعجزها وفشلها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved