حجر فى بركة التطبيع

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: الأحد 31 يناير 2021 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

قبل أيام انتقدت الشيخة جواهر زوجة حاكم إمارة الشارقة الشيخ سلطان القاسمى، عقد لقاء افتراضى بين وزارتى التعليم الإماراتية والإسرائيلية، لبحث التعاون فى مجالات تبادل الوفود الطلابية ورعاية المتفوقين والموهوبين والدراسات الأكاديمية المشتركة.
الشيخة جواهر قالت فى تغريدة على حسابها بموقع «تويتر»، تعليقا على الاجتماع الوزارى: «مناهجهم.. توصى بقتل العربى واغتصاب العربى».
منذ أن أعلنت دولة الإمارات تطبيع علاقاتها رسميا مع دولة الاحتلال الإسرائيلى قبل شهور، لم يصدر عن حاكم الشارقة المعروف بتوجهاته القومية العروبية أو أحد من عائلته أى تصريح يفيد تأييد اتفاق السلام مع تل أبيب، بل ترددت أخبار لم يتم التحقق منها وتناقلتها وسائل إعلام إلكترونية ومستخدمون على شبكات التواصل الاجتماعى عن رفض القاسمى لهذا الاتفاق.
تغريدة الشيخة جواهر جاءت كاشفة لتوجهات الشارقة ، فضلا عن أن تاريخ الرجل الداعم للجان مقاومة التطبيع، والمؤيد لحقوق الشعب الفلسطينى الأعزل، تدعم ما تردد عن موقفه الأخير المتحفظ على انجراف بلاده نحو تسريع وتيرة التطبيع مع العدو الإسرائيلى.
فى لقاء سابق له مع أعضاء لجنة الإمارات الوطنية لمقاومة التطبيع مع ــ العدو الاسرائيلى ــ داعا القاسمى إلى ضرورة دعم كل ما من شأنه ابراز ما يتعرض له الشعب الفلسطينى الأعزل من بطش وعدوان، وشدد حاكم الشارقة فى اللقاء الذى عقد قبل نحو عقدين فى مكتبه على أن «مقاومة التطبيع يجب ألا تقتصر على مقاومة الانجراف تجاه العدو المحتل بل تمتد إلى تنبيه العالم تجاه جميع قضايا العدوان وتجاوزاته السابقة والحالية».
تصريحات زوجة القاسمى الأخيرة عن المناهج الإسرائيلية التى توصى بقتل واغتصاب العربى، وتحفظ زوجها غير المعلن على تطبيع علاقات بلاده مع دولة الاحتلال، وبيان عدد من المثقفين والكتاب والإكاديميين الإماراتيين الرافضة لاتفاق حكومة بلادهم على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونى التى تجاهلت تاريخ الشعب الإماراتى المناصر والداعم للقضية الفلسطينية العادلة، قد تكون الحجر الذى ألقى فى مياه التطبيع الماضية فى طريق واحد منذ أن وقعت الإمارات اتفاق «إبراهام» مع إسرائيل برعاية أمريكية فى سبتمبر الماضى.
وقد يتبع هذا الحجر أحجار أخرى من المحتمل أن تبطئ عجلة التطبيع التى دارت بسرعة لافتة دون أى مراعاة للحقوق والثوابت العربية والفلسطينية أو حتى لندية العلاقات والاحترام المتبادل بين الدولتين المتفقتين حديثا على إقامة علاقة طبيعية، فهرولة أبوظبى نحو تل أبيب بالشكل الذى جرى فى الشهور الثلاثة الأخيرة لم يكن مصدر غضب وسخرية بين شعوب الدول العربية فقط بل فى الأوساط الإسرئيلية الرسمية أيضا.
نهاية الأسبوع الماضى ربطت رئيسة خدمات صحة الجمهور بوزارة الصحة الإسرائيلية إلروعى برايس زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا وارتفاع عدد الوفيات، بالرحلات السياحية إلى دبى.
برايس قالت إن «أسبوعين من السلام مع دبى سبّبا وفيات أكثر من 70 عامًا من الحرب»، فى إشارة إلى توافد السياح الإسرائيليين إلى إمارة دبى. وبعد أن أثارت التصريحات الساخرة غضب المسئولين فى دبى واعتبروها ادعاءات كاذبة، قدمت تل أبيب اعتذارا رسميا أشارت فيه إلى أن تصريحات برايس ليست سوى «مزحة فاشلة»، ولا تعكس موقف الحكومة الإسرائيلية.
ما بين المرارة التى نضحت بها تصريحات جواهر القاسمى، والسخرية الواضحة فى تعبير مسئولة الصحة الإسرائيلية، دلالة على أن العلاقات بين الدولتين لن تدوم على ما هى عليه من اندفاع، وأن قطار التطبيع سيتوقف حتما فى محطات عديدة.
حاول الرئيس الراحل أنور السادات قبل 40 عاما أن يفرض التطبيع على الشعب المصرى ومؤسساته، لكن المقاومة التى بدأت خجولة فى بداية الأمر انطلقت وفرضت كلمتها وأبطأت القطار المنطلق وشلت حركته فى بعض الأوقات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved