هل من منقذ للتنمية المستدامة؟

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 31 يناير 2023 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

يحل فى سبتمبر المقبل منتصف الفترة التى حددتها الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والتى أطلقت فى سبتمبر 2015، ودخلت حيز التنفيذ مع مطلع عام 2016. وكما نعرف، فإن أهداف التنمية المستدامة الـ 17 تتناول جوانب كثيرة فى التنمية مثل محاربة الفقر، والجوع، والنهوض بالصحة والتعليم، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وبناء المرافق والصناعة والطاقة النظيفة، والحفاظ على الحياتين البرية والبحرية، فضلا عن البيئة والوصول إلى مؤسسات العدالة، ولكن يظل أهم هذه الأهداف على الإطلاق الذى إن لم يتحقق ستظل أهداف التنمية الأخرى مجرد حبر على ورق هو الحد من عدم المساواة، والذى يٌعد الهدف رقم (10).

تخلق عدم المساواة قطاعات من المهمشين، وتحول دون تحقيق النمو الاقتصادى، والمساواة بين الجنسين، ولا تساعد على تحقيق أى من أهداف التنمية المستدامة الأخرى، وهى قضية مهمة، وأساسية، فى المجتمعات التى تسعى إلى تحقيق التنمية التى تستوعب كل أبنائها. 

هناك مظاهر عديدة من عدم المساواة اجتماعيا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا، يُترجم ذلك فى انقسامات اجتماعية حدة تستعصى أمامها جهود التنمية. ومع تراكم صور عدم المساواة تزداد المجتمعات هشاشة وضعفا، وتصبح معرضة للتبعثر. 

يبدو أن العالم مٌقدم على مرحلة صعبة، يصعب معها تحقق أهداف التنمية المستدامة بالكم والكيف الذى توقعه قبل سبع سنوات. فقد كشف تقرير الأمم المتحدة عن الوضع الاقتصادى العالمى وآفاقه لعام 2023 ــ الذى صدر الأسبوع الماضى ــ عددا من المؤشرات المهمة منها انخفاض معدل نمو الناتج العالمى من 3% عام 2022 إلى 1.5% لعام 2023، وأن التعافى من وباء كوفيدــ19 لم يتحقق بالصورة المطلوبة، وسط إحصاءات تشير إلى أن هناك 350 مليون شخص يواجهون الجوع، وأن الركود الاقتصادى العالمى يصيب اقتصادات العالم المتقدم والنامى على السواء. 

وتشهد الدول النامية أزمات متلاحقة، وسط فجوة تمويلية لتمويل أهداف التنمية المستدامة تصل إلى 7 تريليونات دولار، أزمات تتعلق بالديون، والعجز عن توفير الاحتياجات الأساسية للسكان نتيجة ارتفاع أسعارها على نحو غير مسبوق، فضلا عن عدم القدرة على سد الفجوات التمويلية التى تواجهها، وهو ما يدفع دول العالم إلى الأخذ بميزانيات أكثر تقشفا، يستوى فى ذلك الدول المتقدمة والنامية على السواء، لكن بالطبع مع الفارق فى قدرة الاقتصاد على امتصاص الأزمات، والتعافى السريع منها. ويظل السؤال فى ضوء الأزمات الكونية المتلاحقة.. من يمول أهداف التنمية المستدامة؟ 

هناك صندوق أهداف التنمية المستدامة التابع للأمم المتحدة، وهيئات دولية أخرى، لكنه بالتأكيد لا يكفى نظرا لحاجة الدول النامية إلى إنفاق مبالغ ضخمة إذا أرادت تقليص عدم المساواة التى تسود مجتمعاتها أفقيا ورأسيا. وهناك رغبة فى شراكة قوية بين الحكومة والقطاع الخاص فى سبيل تحقيق هذه الأهداف، ولكن تتحطم كل الجهود على صخرة التقشف. وعلى حد تعبير أنطونيو جوتيريز الأمين العام للأمم المتحدة «هذا ليس الوقت المناسب للتفكير فى المدى القصير أو للتقشف المالى الذى يؤدى إلى تفاقم عدم المساواة، ويزيد المعاناة، ويجعل أهداف التنمية المستدامة بعيدة المنال»، وأضاف قائلا «تتطلب الأوقات غير المسبوقة إجراءات غير مسبوقة».. ويظل السؤال من يستطيع أن يتخذ الإجراءات غير المسبوقة؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved