لنحترم الديمقراطية حتى إذا لم تعجبنا نتائجها

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 31 مارس 2014 - 5:00 ص بتوقيت القاهرة

يوم السبت قابلنى زميل عزيز كان فى قمة حزنه وأسفه وهو يقول إنه كفر بالديمقراطية التى تأتى بسين أو صاد على رأس هيئات ومؤسسات كبرى رغم أن هذه النماذج من وجهة نظره لا تؤمن بالديمقراطية وخطر عليها.

قلت له إن الإيمان الحقيقى بالديمقراطية يدفعك إلى احترام نتائج أى انتخابات حقيقية حتى لو أتت بمن تختلف معهم فى كل شىء.

من دون هذه القاعدة الجوهرية فإنك تتحول إلى شخص لا يؤمن بالديمقراطية إلا إذا جاءت به أو بمن يحب فقط لكرسى الحكم سواء كان فى المجالس المحلية والنيابية أو النادى أو الشركة وصولا إلى رئاسة الجمهورية.

الأمور ليست بهذه الصورة المثالية بطبيعة الحال لكن الإيمان بالمبادئ والتمسك بها مهم جدا ليس لكى تقنع خصومك فقط، ولكن من أجل الحفاظ على احترامك لنفسك.

عندما تنتخب شخصا وتكتشف أنه سيئ فإن استمرار الآلية الديمقراطية، وإيمان الجميع بها سيصحح أى مسار خاطئ شرط أن تؤمن كل الأطراف بجوهر الديمقراطية، وليس باعتبارها مجرد رحلة طائرة تطير مرة واحدة ذهابا ولا تعود مرة أخرى!!.

أقول هذا التوضيح لأن كثيرا من الإخوان المسلمين سيسأل باستنكار: ولماذا ساعدتم فى عزل الرئيس المدنى المنتخب محمد مرسى؟.

والرد ببساطة على هذا السؤال هو أن غالبية المصريين طلبوا منه وتوسلوا إليه ولجماعته أن يقبلوا بإحدى آليات الديمقراطية وهى الانتخابات المبكرة تجديدا للثقة من قبل الشعب. ولو قبل الإخوان هذا الأمر، ربما لم نكن لنصل إلى ما وصلنا إليه.

يقال دائما إن الشعوب لا تخطئ حتى لو كان بعضها منقادا، وحتى لو افترضنا جدلا أن العكس هو الصحيح، وأن بعض الجماهير أو حتى كلها تخطئ أحيانا، فإنها تصحح خطأها فى أقرب استحقاق انتخابى، وعندها تعاقب هذا الحزب أو ذاك وهذه الحكومة أو تلك الوزارة.

تذكروا أن كثيرين لاموا الشعب على أنه انتخب وصوت للإخوان والتيار الإسلامى فى أكثر من استحقاق انتخابى منذ 19 مارس 2011 وحتى استفتاء ديسمبر 2012.

هؤلاء ينسون أن وجود الإخوان فى هذا الامتحان الصعب والخطير هو الذى ساعد على كشفهم وتعريتهم بصورة قد لا تعيدهم للانتخابات قبل 15 أو 20 عاما.

لولا هذا الاختبار الديمقراطى الحقيقى ما عرف الشعب أن الإخوان تنظيم خطير ينبغى معالجته بكل الطرق الممكنة.

هل كنا سنعرف أنهم «بشر عاديون» مثلنا يخطئون، وأنهم ليسوا «بتوع ربنا» كما كنا نفترض ذلك، لم يكن كل ذلك ليحدث لولا التجربة الديمقراطية الحرة.

هل تخطئ الشعوب أو الكتل الضخمة من الجماهير وتختار اختيارات سيئة؟!

سؤال شغل أساتذة ومنظرى العلوم السياسية طويلا وانقسموا بشأنه. لكن هناك وجهة نظر معقولة تقول إنه حتى لو أخطأت الجماهير «وتم النصب عليها» باسم الديمقراطية، والشعارات الرنانة والوعود المعسولة فإنها قادرة على تصحيح مواقفها فى أقرب فرصة ممكنة والدليل مرة ثانية ما فعله الشعب المصرى مع جماعة الإخوان. وبالتالى تكون العبرة بالعمل على الأرض والنتائج المتحققة وليس بالشعارات مهما كانت زاعقة وبراقة. لكن بصفة عامة يصعب اتهام شعب كامل أو جموع طائفة أو كل أعضاء جمعية عمومية لشركة أو هيئة أو مؤسسة بأنها ضلت الطريق، وبالتالى علينا قبول نتائج الانتخابات سواء أعجبت بعضنا أو لم تعجبه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved