دموع التماسيح فى حرب اليمن

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 31 مارس 2015 - 10:10 ص بتوقيت القاهرة

بعيدا عن دموع التماسيح التى تذرفها قوى الإرهاب والتطرف على ما يحدث فى اليمن، قدم البيان الختامى للقمة العربية فى شرم الشيخ مفهوما واضحا وشاملا للأمن القومى العربى، ليشمل الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وليؤكد أيضا على أن التكامل الاقتصادى العربى، هو جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومى العربى، بما يعنيه ذلك ــ بحسب نص البيان ــ من استكمال منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، وتحقيق الأمن الغذائى والمائى والتنمية المستدامة ومبادرة السودان..

صحيح أن البيان لم يشر بأى شكل من الأشكال لأية خطة محددة، تستهدف وضع جداول زمنية لتحقيق هذه الأهداف العربية الاقتصادية والتنموية الكبرى، والمطروحة على ساحة العمل العربى منذ عشرات السنين، دون أن تساوى ــ على أرض الواقع ــ ثمن الحبر الذى كتبت به، وصحيح أيضا أنه كان من المفروض أن تولى القمة هذه القضايا الاقتصادية نفس الاهتمام الذى أولته لتشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة، إلا انه كان واضحا أن الأحداث المشتعلة فى اليمن هى السبب وراء الاسراع فى تشكيل هذه القوة، والتى تقف وراءها إيران بمساعداتها لجماعة الحوثيين الذين نجحوا فى السيطرة عسكريا على اليمن، فى مغامرة تقترب من حد الجنون، والتى لم تكن لتمر بدون رد فعل عربى قوى، لا أدرى كيف لم تحسب طهران حسابه؟!

فالمؤكد أن إيران هى المسئول الوحيد عن إشعال الحرب الحالية فى اليمن، قد يرى البعض سببه انه ينبع من فكرة «تصدير الثورة» التى أقرها الإمام الخومينى بعد ثورته على الشاه، وقد يرى آخرون أن إيران توسع مجال نفوذها الحيوى فى العالم العربى لتقايض به الغرب فى مفاوضاتها النووية معه، وقد يرى فريق ثالث ان الصراع فى جوهره مذهبى بين المعسكر الشيعى والسنى فى العالم الإسلامى، وفى القلب منه العالم العربى.

أيا كان الأمر، كان التدخل العسكرى هو الخيار الوحيد المطروح أمام العرب، لإيقاف الزحف الحوثى ــ الإيرانى على جميع الأراضى اليمنية، وكل الحسابات الاستراتيجية تؤكد بوضوح أن سقوط اليمن فى دائرة النفوذ الإيرانى سيعرض أمن الخليج للخطر، خاصة أن إثارة ثورات الاقليات الشيعية فيها ستكون الهدف الإيرانى التالى، وهو امر لن تستطيع الدول الخليجية تحمل تكاليفه، خاصة أنه قد يجر المنطقة بكاملها إلى حرب طائفية ومذهبية، لا أحد يستطيع معرفة مداها ولا مآلاتها المدمرة.

ومن هنا فإن تشكيل قوى عسكرية مشتركة، ربما يكون خطوة صحيحة فى اتجاه ضبط الأوضاع فى اليمن، وما كشفت عنه قيادة «عاصفة الحزم» يؤكد بوضوح ان الحرب فى اليمن تستهدف أساسا تسليم الحوثيين سلاحهم، ووقف مغامراتهم العسكرية الحمقاء، على أن يعقب ذلك استضافة السعودية مؤتمرا للمصالحة الوطنية تشارك فيه كل الاطراف اليمنية ــ بما فيها الحوثيون وممثلو الطائفة الزيدية، لإعادة بناء الدولة فى اليمن على أسس جديدة، تضمن رفع المظالم عن الحوثيين ومشاركتهم العادلة فى مؤسسات الدولة.

المأخذ الوحيد على هذه القوة العربية المشتركة، هو أنها تفتقد إلى معايير سياسية واضحة تحكم عملها، كما تفتقد إلى قيم سياسية وفكرية محددة تدافع عنها، وهى أمور قد تفتح الباب أمام قوى التطرف والإرهاب الدينى للمزايدة عليها، ومطالبة هذه القوة المشتركة بشن الحرب على إسرائيل دفاعا عن حماس وأهلنا فى غزة، دون ان يضعوا فى حساباتهم موازين القوى بين العرب وإسرائيل التى يقف وراءها كل الدول الغربية..ومن هنا، فإنه بدون التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى كل الدول العربية، سيستمر نزيف الجراح العربية، وسيستمر أعداء التقدم يصطادون فى المياه العكرة، وهم جاثمون على صدورنا بأفكارهم الشيطانية!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved