«رزق الله».. الأب الروحى

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 31 مارس 2020 - 10:55 م بتوقيت القاهرة

دون شك، تأتى خطوة مهرجان القاهرة السينمائى بعرض فيلم «رزق السينما» للمشاهدة مجانا عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، ملهمة بقدر ما يحمله العمل من دروس فى عشق السينما وتقديس الإنسانية، فهى مبادرة تشكل مساهمة حقيقية لمشاهدة عمل تسجيلى رائع عن رجل عظيم هو الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله، فى لحظات زمن الكورونا القاسية التى فرضت الجلوس فى المنزل.
الفيلم الذى أنتجه المهرجان وفاء وعرفانا لـ«المعلم»، كان وراءه اصرار وفكر وشعور صادق من كتيبة «القاهرة السينمائى» وعلى رأسها رئيسه المنتج محمد حفظى والقائم بأعمال المدير الفنى حينئذ الناقد أحمد شوقى، اللذان أصرا على تكريم مختلف للاستاذ وتاريخه المشرف، والواقع ان المخرج عبدالرحمن نصر ومعه الزميل مصطفى حمدى وفريق اعداد واعٍ قدموا رؤية فنية عميقة تجسد الحلم فى مضمونها، ترصد السيرة والعمر، وشهادات وذكريات من القلب تقر بأن ما زرعه يوسف شريف رزق الله، من دروس فى السينما وفى الحياة، وفى شغف التمسك بالأمل وعشق ما تفعله، سينمو ابد الدهر حتى حتى وإن مررنا بلحظات عجاف.
فى الفيلم تحدث رفقاء المشوار وممن عاصروا الأستاذ من مبدعين.. نجوما ومخرجين وكتابا ونقادا، وتلاميذ ومريدين ينتمون لأجيال متعددة اعتبروه جميعا «الاب الروحى».
شاهدت المنتج محمد حفظى وهو يعبر عن لحظة الولاء الكبرى لترشيحه من قبل رزق الله لرئاسة المهرجان، وكم تمنى ان يستمر معه لينهل من ثقافته ورؤيته الثاقبة فى اختيار الأفلام، وهو شعور نبيل لمسته بنفسى فى كواليس المهرجان.
وبلمحة انسانية صادقة روى الناقد أحمد شوقى علاقة الأستاذية والأبوة على مدار ست سنوات.. اعتبر رزق الله كأبيه الذى ظل بجواره وفى حضرته يستنير برأيه، وكيف كان اكثر شخص مسئول يتقبل ملاحظات واعتراضات واراء مغايرة كنوع من الجدل الايجابى ويعلمنا بشكل يومى دون دروس مباشرة.
المخرج يسرى نصر الله اشار إلى أنه كان يشعرنا دائما انه معنا معينا وناصحا ومحفزا، وقالت يسرا، انه موسوعة سينمائية عالمية، وعملة نادرة تعمل فى صمت.
الناقد طارق الشناوى اكد أن المهم لديه ان تصل الرسالة، وعنوان رحلته «عطاء انسانى بلا انتظار لمقابل» وقالت المخرجة هالة خليل انه المخلص للسينما وكم كان تشجيعه لها فى عملها الأول بمثابة طوق نجاة وطريق للامل، ووصفه الفنان حسين فهمى بأنه المفتش العام، فيما جاءت كلمات وحيد حامد مؤثرة عندما ذكر لو كان يوسف متزوج اتنين، كانت السينما هى الزوجة الثانية بلا أى نقاش، وكشف الناقد محمود عبدالشكور نشأته وشغفه الكبير بالسينما منذ جمعية الفيلم ونادى السينما وبرنامج ستار فى الستينيات بشفافية كبيرة، وأشارت د. درية شرف الدين إلى اختياره موسيقى برنامج نادى السينما لتعزف فى ليلة زفاف ابنه.
فيما شهد المخرج مروان حامد أنه وجيله تربى على برامج رزق الله، ووصفه يسرى نصر الله بأنه المحب للسينما
وشهادات اخرى تنبع انسانية من مدير التصوير محمود عبدالسميع عبدالسميع وسعيد شيمى والمخرجان خيرى بشارة وخالد الحجر والنقاد كمال رمزى وماجدة واصف ورامى عبدالرازق ورامى المتولى وابنيه كريم واحمد اللذان كشفا عن علاقة عشق الوالد لمهرجان القاهرة التى امتدت لاربعين عاما، وكذلك حينما كان يأخذ العائلة إلى مهرجان كان والسينما.
وكذلك شهادات من القلب لأسامة الشيخ وسيد فؤاد كان شريكا أساسيا ومؤثرا على صناع السينما، يوسف شريف رزق الله دليلى ومرشدى لمهرجان كان انا وغيرى، كان دائما يسألنى هتسافر ازاى ويساعدنى.
وفى شهادتى داخل الفيلم، تذكرت مواقف كثيرة كنت ارى فيها الأستاذ معلما وسندا كبيرا، منذ ان اخبرنى انه كان يتابع ما اكتبه واختياره لأكون ضمن اعضاء لجنة المشاهدة عدة سنوات ( 2010ــ 2017 )، قبل ان يشرفنى بأن اكون مديرا للمكتب الصحفى
تذكرت عندما كنت اشاهد فى مهرجان «كان» فيلم «العبقرى» وهو امريكى الجنسية، وتأثرت كثيرا به وحكاية بطله، ووجدت عينى تمتلئ بالدموع، والتفت جوارى لأجد الاستاذ غارقا فى دموعه، ادركت اللحظة جيدا فقد علمنى أن أشاهد الفيلم بكامل مشاعرى وأثق فى احساسى ودرجة استقبالى للعمل.
كان يسقينا حب السينما والافلام وحب الإنسانية وهذا أعظم دروس يوسف شريف رزق الله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved