الحكيم.. والعراق المنفتح المفيد للجميع

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 31 مايو 2023 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

العراق القوى والمستقر هو أحد أهم ضمانات وجود موقف عربى موحد والعكس صحيح. لكن ما نوع هذا العراق الذى نريده؟! هل هو المهدد لأشقائه وجيرانه أم المتسامح مع نفسه والمنفتح على الآخرين؟
هذا التساؤل كان فى أذهان بعض الإعلاميين والباحثين والنواب الذين حضروا اللقاء مع عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة العراقى فى أحد فنادق القاهرة الجديدة مساء الإثنين الماضى.
الحكيم قال للحاضرين إن بلاده تسعى أن تكون واحة للحوار وقريبة من الجميع فى المنطقة التى نعيش فيها وألا نحسب لصالح طرف على حساب طرف آخر. خصوصا أن مشاكل العراق تزيد دائما بسبب الانحيازات.
وفى تقديره أن الرؤية العاقلة للعراق حاليا صارت تخدم البلد وتماسكه الداخلى، بحيث يبقى العراق للجميع ومنفتحا على الجميع. علما أن التجربة بيّنت أن الدخول فى خصومة مع دول إقليمية كبرى مثل تركيا وإيران لا يفضى إلى نتيجة. هو قال إن بلاده تستطيع أن تعاقب تركيا بوقف التبادل التجارى الذى سيكلف أنقرة حوالى ١٧ مليار دولار سنويا، هذا المبلغ الكبير قد تتمكن تركيا من تعويضه من مجالات وقطاعات أخرى، لكن السؤال الجوهرى: وماذا عن اليوم التالى؟
الحكيم كشف أنه التقى أردوغان ذات يوم وحينما همّ بشرب الماء خلال اللقاء سأل الرئيس التركى: هل تسمح لى بشرب الماء وحدى أم أنا وشعبى!. وقلت له ليس عندكم شح للمياه بل ربما سوء إدارة لهذا المرفق، فرد أردوغان: بل تشرب أنت وشعبك.
فى تقدير الحكيم أن التشابك الاقتصادى والمشروعات المشتركة التى تعود بالنفع على كل سكان المنطقة هى أفضل عامل لحفظ الأمن والاستقرار، فحينما تكون هناك أنابيب نفط وغاز تأتى من أقصى شرق العراق وجنوبه إلى أقصى الشمال وتدخل إلى تركيا وكذلك خطوط السكة الحديد، فإن ذلك سيفتح علاقات طيبة مع تركيا، ومع دول أخرى فى العالم التى سيصلها النفط والغاز من العراق، ولو توقفت هذه الخطوط لساعة واحدة، فسوف يتضرر الجميع وتكون الخسائر بالمليارات، ومن هنا تصبح مصلحة تركيا والخارج أن يكون العراق قويا ومستقرا. ومن هنا وجب على الجميع الإدراك بأنه فى عالم اليوم المتداخل لم تعد هناك دولة يمكنها تحقيق استقرارها الشامل بمفردها وبالتالى كلما زاد التشابك الاقتصادى، كلما زادت علاقات الدول رسوخا، وكلما تراجعت حدة الخلافات. الحكيم تحدث مطولا عن الكتل السياسية والاجتماعية فى العراق وما طرحه مقتدى الصدر لتشكيل التحالف العابر للطائفية كاشفا عن أن المفاجأة وقتها هى وجود انقسامات داخل المكونين السنى والكردى، ويومها يقول الحكيم إنه أخبر الصدر بأنه لكى تنجح الفكرة فلابد أن يحصل على الأغلبية الشيعية، مضيفا أن الأحجام الاجتماعية مهمة ولا يمكن الحديث عن استقرار فى ظل تجاهل أى مكون خصوصا الأغلبية الشيعية، وفى التحالف لا يمكن القفز على الواقع الموجود.
فى تقدير الحكيم فإن بلاده تسير فى الاتجاه الصحيح، وهو مثلا يقول إنه من بين التطورات الإيجابية وجود انقسامات داخل الكتل المختلفة، وهى انقسامات سياسية ما يعنى أن التمترس داخل الطائفة أو العرق بدأ يتراجع، وهذا الانقسام داخل المكون الواحد يراه الحكيم تقدما وليس تراجعا، لأن انفتاح الطوائف والكتل والمكونات سيظهر الخلافات داخلها وهو ما يقود فى النهاية إلى تشكيل «المكون العابر» للطائفية.
فى تقدير الحكيم أيضا أن الحشد الشعبى فى العراق مختلف تماما عن الميليشيات والكيانات والتنظيمات العسكرية الموجودة فى دول أخرى بالمنطقة. ويرى أنه كيان تشكل من عناصر ليس لديها مصالح، بل بدأ بفتوى المرجع على السيستانى عن «الجهاد الكفائى» لمواجهة سيطرة داعش على نصف العراق عام ٢٠١٤، والآن تراكمت لهم الخبرة وأصبحوا طاقة كبيرة. الحكيم يقول إن هناك فرقا كبيرا بين «الحشد الشعبى» وهو منظمة عسكرية تابعة للدولة وتحت سيطرة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبين التنظيمات المسلحة التى يجب أن نجد لها حلا حيث وهى تقول إنها ستحل نفسها بمجرد خروج القوات الأمريكية.
فى تقدير الحكيم أنه لا يوجد خطر من وجود الحشد الشعبى، بل يعتقد أن وجود أكثر من تنظيم عسكرى فى البلد الواحد أمر ليس بالخطأ. وهو أمر اختلفت فيه كثيرا معه وكذلك بعض الحاضرين. لكن من الواضح أن التجربة العراقية المريرة فى الانقلابات العسكرية تفسر ربما وجود هذا الحشد الآن، وبالتالى لا يمكن توقع دمج الحشد فى الجيش قريبا.
من الموضوعات المهمة التى تحدث فيها الحكيم لقاؤه مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وماذا قال له حينما دعاه لزيارة العراق؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved