كم جاموسة نحتاج للتغيير؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 31 أكتوبر 2009 - 8:47 ص بتوقيت القاهرة

 نجحت جاموسة المواطن صابر عبدالتواب من قرية جزرا بالعياط فيما فشل أن يحققه كل خصوم وزير النقل المستقيل محمد لطفى منصور ومعه رئيس هيئة السكة الحديد المستقيل أيضا محمود سامى، وربما قيادات أخرى بالهيئة تنتظر دورها فى الإقالة.

ربما سيتذكر كثيرون فى المستقبل أن الأقدار وضعت هذه الجاموسة أمام قضبان قطار الفيوم، فاصطدم بها وقتلها على الفور، ثم تعطل ليأتى قطار قادم من الجيزة فيصطدم به، ويموت 18 شخصا، ويهيج الرأى العام، ويصبح مطلوبا البحث عن كبش فداء، خصوصا قبل مؤتمر الحزب الوطنى الذى بدأ أمس.

هذه الجاموسة بدأت تدخل الفولكلور الشعبى، ومن أطرف ما سمعته من شخصية مطلعة على التفكير الحكومى، أن بعض المسئولين بدأوا يحللون شخصية هذه الجاموسة، وقال بعضهم إنها «صاحبة سوابق»، حيث تعرضت لحادث مماثل حينما كانت تعبر القضبان، وسمعت صوت القطار الصاخب، فأصيبت بحالة ربما تكون أقرب إلى الفزع أو الهلع أو الصرع. لكنها نجت وعبرت قبل وصول القطار لكن فى المرة الأخيرة يوم حادث السبت الماضى كما ــ تضيف الحكاية ــ فإن الجاموسة عندما سمعت صوت القطار المزعج استعادت فى ذاكرتها كل الخبرات السلبية ــ «وجاءتها الحالة»، وهكذا تسمرت فى مكانها على القضبان، ثم جاء القطار «المفترى» ليقطعها أربا.

لا نستبعد أن يفكر البعض بمثل هذه الطريقة العبثية، ولا نصادر على حريته، لكن مثل هذا التفكير هو الذى يعيد إنتاج الكوارث، بمعنى أن يتم اتهام الجاموسة القتيلة بأنها كانت مريضة نفسية، وأن طبيها المعالج فشل فى إخراجها من حالتها الاكتئابية، أو حتى أن أبقارا وجواميس معادية فى إيران وسوريا وإسرائيل جندت هذه الجاموسة أثناء مؤتمر جرى عقده فى برارى السودان، لكى تشوش على الاستقرار الذى ينعم به الوطن فى ظل الحزب الوطنى.

ومن التهريج إلى الجد فشىء جيد أن تتم محاسبة المسئولين فى السكة الحديد من عامل التحويلة ومراقب الإشارات نهاية برئيس الهيئة، لكن ذلك وحده لا يكفى.

وشىء أكثر من جيد أن تتم إقالة محمد منصور، لأننا بصدد تكريس مبدأ المسئولية السياسية للوزير، بغض النظر عن شخصيته.. لكن ذلك أيضا لا يكفى بمفرده.

ما نريده هو التغيير الشامل. تغيير العقلية ووضع معايير محددة نحاسب عليها الجميع، من كمسارى القطار إلى رئيس الجمهورية.

لأنه وبنفس منطق إقالة منصور فنحن بحاجة إلى جاموسة لكل وزير كى يتم تغييره أو إقالته، لكن ماذا سنفعل مع الدكتور أحمد نظيف؟!

وحتى إذا غيرنا الدكتور نظيف أو طلب الرجل الإعفاء هل ذلك سيحل المشكلة؟

للأسف الشديد، وحتى نكون صرحاء مع أنفسنا، وكما يقول «الأسطى برايز» فى ختام «فيلم ثقافى» فإن المشكلة موجودة فى «السيستم» هذا «السيستم» دهس فى طريقه آلاف الأبقار والجواميس وسائر أنواع الحيوانات.. ومعهم بالطبع البشر.. ولم يستطع أحد أن يضغط على فرامله حتى كى يهدئ قبل أن يتوقف.

ehussein@shorouknews.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved