أمريكا تثير الرعب بـ (عدوى) سينمائية جديدة مع سبق الإصرار

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

لماذا تسعى أمريكا دائما لتخويف العالم عبر شاشتها السينمائية وترهيب جموع البشر وملء قلوبهم بالرعب من مجهول قادم بصورة فيروس قاتل ومميت وليس له ملامح، فيروس يحتار معه الأطباء، بل ينال هو منهم، فيروس ينتقل فى الهواء وعبر اللمس بسرعة جنونية مما يصيب العالم بالذعر.

 

فى مثل هذه الأفكار التى تتبناها شاشة هوليوود من فترة إلى أخرى وتصرف عليها ببذخ ويقوم ببطولتها نجوم كبار من أجل أن تكون الصورة أكثر واقعية والإيحاء بمخاطر الموت المفاجئ أكثر صدقا، لدرجة أن يتسلل إليك كمشاهد ومتلق نفس الإحساس، وتتساءل: هل السينما يمكن أن تكون أداة لتوصيل رسالة تحذير من «سيدة العالم» إلى الدول الأخرى بأنه يمكن أن يتم القضاء على كل شىء وأى شىء عبر انتشار فيروس قاتل فى لحظة، وعندما يتم التوصل لعلاج له تكون حالات الإصابة به تعدت مئات الملايين من البشر، أم أن صناع هذه النوعية من الأعمال المتقنة فنيا يتنبئون بأن انهيار مجتمعهم الأمريكى لن يأتى سوى بفيروس خارق للحياة.

 

ويأتى فيلم «العدوى» الذى تصدر شباك الإيرادات الأمريكى ليفجر القنبلة الأمريكية التى تناثرت شظاياها فى بقع كثيرة من العالم بدءا من شنجهاى وحتى باكستان ومصر ووصولا لولايات أمريكية.

 

الفيلم الذى حلم به المخرج الشهير ستيفن سودربيرج مع المؤلف سكوت زى بيرنز بدأ من اللقطة الأولى دون تمهيد فى إثارة الرعب وعبر إيقاع لاهث وسريع وصورة صادمة للضحايا، وهم يسقطون واحدا تلو الآخر، ويليه صراع من نوع آخر بين أمريكا وباقى دول العالم التى ظهرت بها حالات الإصابة بالفيروس الهوائى القاتل، فبينما يتوصل أطباء أمريكا لعلاج، تظهر لنا بعض الحقائق المؤلمة حول أفضلية من يحصلون على العلاج أولا بدءا من المواطن الأمريكى إلى الدول الكبرى ونلحظ صراع دول العالم الثالث التى لن يصلها قطعا العلاج الفعال إلا بعد خراب مالطة، حيث نجد مجموعة من الأشخاص العاديين يحاولون البقاء على قيد الحياة فى مدن ممزقة.

 

تبدأ حكاية «العدوى» فى مطار هونج كونج الدولى، حيث تقف بيث ايمهوف (جوينيث بالترو) فى صالة الوجبات الخفيفة تنتظر إقلاع الطائرة لتعود إلى عائلتها فى شيكاغو، وفى اجتماع وحفل داخل الصالة تزدحم بالناس تصاب بالترو بالفيروس دون أن تشعر، وتعتقد أنها مصابة باضطرابات رحلة الطيران الطويلة، وتظن الأمر نزلة برد، وبعد يومين تتوفى بالمستشفى ويقف زوجها فى مشهد مؤثر (مات ديمون) مصدوما أمام عدم وجود تفسير طبى لسبب الوفاة.

 

وفى خلال ساعات تتكرر الحالة فى العديد من الدول باريس، لندن، هونج كونج، أمريكا، مصر، وتظهر نفس الأعراض على آلاف الأشخاص سعال وحمى ونزلة برد تنقلب إلى نزيف فى المخ ووفاة سريعة.

 

ونجد معظم مراكز أبحاث مكافحة الأمراض فى أمريكا تبدأ عملها حول الفيروس وتحت قيادة د.شيفير (لورانس فيشبورن) ومعه طبيبة شابة ارين (كيت وينسلت) فى محاولة للوصول إلى طريقة سريعة لمعرفة أصل الوباء الذى ينتشر بسرعة باللمس والتنفس والتصافح، وهنا نتذكر عندما أرسل المخرج بالسيناريو إلى مات ديمون قال له فى رسالة (اقرأ السيناريو ثم قم بغسل يديك جيدا)، وربما يمكن أن أقول شاهد هذا الفيلم ثم اغسل عينيك جيدا.

 

ونعود إلى مشاهد الفيلم المتوالية السرعة فهناك من يدعى اختراعه لدواء ونشره عبر الفيس بوك، وآخر يهاجم عجز أطباء الحكومة والدولة أمام وقف نزيف الموت، وأنهم لا يرون سوى أنفسهم لدرجة أصبحت المواجهات بين الحكومات وشباب الفيس بوك صادمة وقوية جدا، وإن أوحى الفيلم بأن كل طرف يحاول أن يلعب على مشاعر الناس لمصلحته الخاصة.

 

وبعودة إلى الفيلم.. نجد كل المشاهد مليئة ببشر يهرولون ومنازل تهدم وصراع على الحصول على جرعة دواء وطبيب أمريكى يضحى بجرعته من أجل ابن جاره.. وحيرة من توماس ايميه ــ مات ديمون ــ زوج أول سيدة تتوفى، من أن ينتقل المرض إلى ابنه، ثم يصاب ابنه ويتوفى هو أيضاً، ولم يتبق له سوى ابنته التى يرعاها.. وعندما يدخل المستشفى مشتبها فى إصابته يقولون له إنه يملك المناعة.. وهذه هى بارقة الأمل الوحيدة.. أن تكون مخلوقا لديك مناعة من الفيروسات القاتلة، فبتلك المناعة وحدها يمكنك أن تتجنب الرحيل بفيروس قاتل. ولكن ترك الفيلم فى ذهن الجمهور السؤال: هل يمكن حدوث ذلك ولكن متى يحدث ذلك؟! كاتب السيناريو سكوت زى بيرنز طرح أيضا فكرة أن الإنسان يمكن أن يموت فى منزله قبل أن يعرف ما أصابه أو كيف انتقل إليه.. نعم واقعية الصورة وجاذبيتها وعظمة الحدث وذكاء الحوار المرعب الذى لا تعرف جمله بعض الرحمة فى متابعة تطورات العدوى الجرثومية والأداء المبهر لماريون كورتيلار وديمون وكيت وينسلت وجوينيث بالترو وفيشبورن كلها عوامل أخافت الجمهور بالفعل وجعلته يصدق الأزمة كحقيقة وليست خيالا، لأن صناع الفيلم استثمروا القصة المؤثرة على الوجه الأكمل خاصة المخرج سودربيرج الذى يشعرنا أننا عالم لا يخلو لحظة من فيروس مميت.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved