نفاق دبلوماسى

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: السبت 31 ديسمبر 2016 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

قررت الجمعية العمومية فى الأمم المتحدة الأسبوع الماضى إنشاء آلية دولية لجمع الشهادات والإعداد لدعاوى فى المستقبل ضد المسئولين عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حدثت فى سوريا منذ نشوب الحرب الأهلية قبل نحو ستة أعوام. إن القرار الذى حظى بأغلبية كبيرة، لن ينقذ مئات الآلاف من ضحايا نظام الأسد، ولن يعيد ملايين اللاجئين إلى منازلهم، لكنه يوضح رغبة المجتمع الدولى فى محاسبة المسئولين عن المجازر والطرد الجماعى.
لقد قرر رئيس الحكومة ووزير الخارجية بنيامين نتنياهو عدم مشاركة إسرائيل فى التصويت. إنه نتنياهو الذى يهاجم المجتمع الدولى ومؤسسات الأمم المتحدة «لأنها لا تفعل شيئا» من أجل وقف المجزرة فى سوريا وتركز فقط على إسرائيل، هو نفسه مَن طلب من سفارة إسرائيل عدم اتخاذ موقف من مسئولية القتلة خارج الحدود.
كيف يمكن لنصير العدالة نتنياهو، الذى ليس هناك من يزعجه نفاق المجتمع الدولى أكثر منه، أن يتهرب من مناقشة المسئولية الجنائية للسفاحين خارج الحدود؟ هل هذا الرجل الذى يحذر دائما من محرقة ثانية لا تهمه، ببساطة، معاناة السوريين الرهيبة؟ أم هناك دوافع أخرى لإخفاء المخزى من التصويت فى الأمم المتحدة؟
***
لقد طرحت مخاوف فى النقاشات الداخلية فى القدس. من بينها أن يضر التصويت الإسرائيلى بالعلاقات مع روسيا، التى يحارب جيشها إلى جانب الأسد ويمنحه رئيسها دعما دبلوماسيا. وعندما تكون رادارات فلاديمير بوتين وصواريخه المضادة للطائرات قادرة على ملاحقة أى طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلى فى الشمال، ليس من المفيد التشاجر مع موسكو. أما التخوف الثانى فهو حدوث سابقة إجرائية تسهل اتخاذ قرارات ضد إسرائيل فى المؤسسات الدولية، وربما أيضا التحقيق مع إسرائيليين ورفع دعاوى ضدهم. لقد سبق أن حذر نتنياهو شخصيا من أن قانون مصادرة أراض فلسطينية خاصة من أجل بناء بؤر استيطانية يمكن أن يجر زعماء إسرائيل إلى محكمة العدل العليا فى لاهاى. لكن عندما أوصى الطاقم المسئول فى وزارة الخارجية بالتصويت على الاقتراح على الرغم من هذه المخاوف، من أجل التعبير عن موقف إسرائيل الأخلاقى والعادل، رفض نتنياهو توصيتهم.
فى اللحظة الحاسمة قرر نتنياهو الوقوف إلى جانب الأسد والمؤيدين له من الإيرانيين واللبنانيين والروس وليس إلى جانب ضحاياهم. ولا تستيقظ أخلاق رئيس الحكومة إلا عندما يعترض المجتمع الدولى على المستوطنات الإسرائيلية فى المناطق المحتلة. عندها يمكن تذكير الأمم المتحدة بالفظائع فى سوريا و«الكشف عن وجهها الحقيقى». لكن عندما تصبح المسئولية بين يديه فهو يتصرف تماما مثل السياسيين الآخرين الذين وقفوا متفرجين وصمتوا على الجرائم ضد الإنسانية دفاعا عن مصالحهم.
فى المرة المقبلة التى يهاجم فيها نتنياهو نفاق الأمم المتحدة يجب أن ينظر إلى نفسه فى المرآة.

افتتاحية هاآرتس

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved