التنافس الأجنبي في غينيا يتلخص في التدافع على مواردها الطبيعية - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التنافس الأجنبي في غينيا يتلخص في التدافع على مواردها الطبيعية

نشر فى : الجمعة 1 أكتوبر 2021 - 7:55 م | آخر تحديث : الجمعة 1 أكتوبر 2021 - 7:55 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتبة جيسيكا بيكيرينج، تناولت فيه تكالب القوى الخارجية، الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وتركيا، من أجل السيطرة على الموارد الطبيعية الغينية. مختتمة مقالها بكيفية تحويل هذه المنافسة إلى شيء إيجابى يحقق مصالح الدولة الأفريقية وجميع الدول المتنافسة.. نعرض منه ما يلى.
تتمتع دولة غينيا الواقعة فى غرب أفريقيا بوفرة من الموارد الطبيعية الأكثر قيمة فى العالم. لكن على الرغم من أن البلاد تتمتع «بالثراء الطبيعى»، إلا أنها واحدة من أفقر الدول وأقلها نموًا فى العالم.
تعانى غينيا من عدم الاستقرار السياسى والفساد المستشرى منذ استقلالها عن فرنسا فى عام 1958. وعلى الرغم من ضعف البنية التحتية للبلاد، إلا أن هناك تواجدًا أجنبيًا كبيرًا فى غينيا. فالبلدان الغربية فى الغالب تتنافس على مواردها المعدنية، مثل الذهب والماس والبوكسيت وخام الحديد ومن ثم القدرة على التأثير على حكومة البلاد.
قرية تماكينيه، الواقعة فى شمال غرب غينيا، تعتبر صورة مصغرة للمنافسة الأجنبية فى غينيا. هذه القرية تشتهر بالبوكسيت، الخام الرئيسى المستخدم فى إنتاج الألومنيوم. يوجد أكثر من ربع احتياطيات البوكسيت عالية الجودة فى العالم فى غينيا، وفى عام 2017، تجاوزت غينيا أستراليا باعتبارها المصدّر الأساسى للصين.
هناك أكثر من 20 شركة أجنبية تجرى عمليات تعدين فى غينيا، لكن ثلاث شركات تهيمن على الصناعة: أحدهما مدعومة من الصين، وأخرى مملوكة لروسيا، والثالثة مملوكة بنسبة 49 فى المائة للحكومة الغينية و51 فى المائة مملوكة للتحالف الدولى (الأمريكى والأنجلو ــ أسترالى) هالكو ماينينج Halco Mining. كما انضمت شركة فرنسية أيضًا إلى الشركات الأجنبية التى تتنافس للحصول على حصة من أرباح احتياطيات البوكسيت الضخمة فى غينيا، وبدأت عمليات إنتاج البوكسيت فى عام 2017 ووافقت على بيع كامل إنتاجها إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة الصينية.
وفى حين أن جمهورية الصين الشعبية هى حاليًا المنافس العالمى الرئيسى للولايات المتحدة، فإن بكين ليست الوجود الأجنبى الوحيد فى غينيا، أو بقية أفريقيا فى هذا الصدد. وإذا كانت روسيا لا تتمتع بنفس النفوذ الاقتصادى فى القارة مثل الصين، ولكن مع الشركات/ المتعاقدين العسكريين الخاصين (PMC) وزيادة الوجود العسكرى، فإن موسكو لديها القدرة على التأثير سلبًا على الأمن القومى للولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك يثير الوجود التركى المتزايد فى أفريقيا مخاوف أمنية أيضًا. وتساهم يد فرنسا الطويلة فى شئون مستعمراتها السابقة، إلى جانب جهودها فى مكافحة الإرهاب، فى زعزعة الاستقرار فى دول مثل غينيا.
الانقلاب العسكرى الرابع فى غينيا فى 5 سبتمبر 2021 أدى إلى تفاقم عدم الاستقرار الوطنى عندما أعلن جنود فى بث تلفزيونى أنهم اعتقلوا واحتجزوا الرئيس كوندى وقاموا بحل الدستور الغينى. وبقيادة العقيد مامادى دومبويا، الضابط السابق فى الفيلق الأجنبى الفرنسى، يزعم المجلس العسكرى أنه تصرف وفقًا لإرادة الشعب. ويخطط دومبويا لمكافحة الفساد المستشرى وسوء الإدارة الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان من خلال الوعد بـ «حكومة وحدة وطنية انتقالية».
بعد الانقلاب، تدفق الشعب الغينى إلى الشوارع محتفلا ومتفائلا بأن نهاية حكم كوندى ستؤدى إلى الإصلاح المنشود. ومع ذلك، فقد أدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، من بين مؤسسات دولية أخرى، عملية الانقلاب. وهدد الاتحاد الأفريقى بفرض عقوبات، وعلقت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مشاركة غينيا فى جميع عمليات صنع القرار.
يأتى هذا الانقلاب فى أعقاب عمليات اغتصاب سلطة فى مناطق أخرى مؤخرًا، مما يثير المزيد من المخاوف بشأن الاستقرار والأمن فى غرب أفريقيا وشركائها. وبالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسى المحلى، فإن التأثير على صناعة التعدين فى غينيا موضع تساؤل، فاستيلاء المجلس العسكرى على السلطة سيمكنه من تدارك العواقب الوخيمة على اقتصاد البلاد المتعثر، على الأقل فى المدى القصير، مع تضاؤل ثقة المستثمرين الدوليين. صحيح أنه فى اليوم التالى للإطاحة بكوندى ارتفعت أسعار البوكسيت إلى أعلى مستوى لها فى 10 سنوات ولكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على حدوث اضطرابات فى الإمدادات. قد يشير استمرار عمليات قطاع التعدين الغينى إلى استقرار آثار التنويع الاقتصادى للقطاع كما يشير إلى فائدة غير متوقعة لما يسمى «منافسة القوى العظمى» والتى، وفقًا للمساعدات الدولية، متهمة بأنها تضر بالتنمية المستدامة الأفريقية.
ختاما، طالما أن المنظمات الأمريكية والدولية تعطى الأولوية للشفافية والاستدامة من خلال دعمها واستثمارها فى الشركات الغينية والأفريقية، فإن مثل هذه المنافسة لديها القدرة على أن تصبح إيجابية صافية. فمن خلال التركيز على الشراكة بدلا من اتباع أسلوب الكفالة وتقديم المعونات، يمكن للولايات المتحدة المساهمة فى النمو الاقتصادى وتمكين الشركات الأفريقية من الاستمرار فى تعزيز مصالح الولايات المتحدة وحماية الأمن القومى وتشجيع الانتقال السلس نحو حكم ديمقراطى حقيقى فى غينيا. يجب إعادة ترتيب أولويات عقلية المساعدة المزعجة التى ابتليت بها التنمية فى القارة الأفريقية لعقود من الزمن للتأكيد على قدرة القوة الناعمة الأمريكية على تمكين الدول الأفريقية من التطور بشكل مستدام لنفسها، ولصالح وأمن الجميع.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات