ترامب لا يرى عواقب ما يفعله - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب لا يرى عواقب ما يفعله

نشر فى : الأربعاء 2 سبتمبر 2020 - 8:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 2 سبتمبر 2020 - 9:21 م

نشر موقع TheCitizen مقالا للكاتب M. K. Bhadrakumar عرض فيه تزايد الانقسامات فى الشرق الأوسط نتيجة سياسات ترامب وما تأمله إسرائيل من قيادة لنظام الشرق الأوسط الجديد والمصاعب التى ستواجهها... جاء فيه ما يلى.
نجح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أن يبدد الوحدة العربية فى الشرق الأوسط. فما لم تتمكن الجماعات الإرهابية أو الإسلام السياسى من تحقيقه، نجح ترامب فى تحقيقه فى أقل من 3 سنوات. نستطيع القول أن ما يفعله الرئيس الأمريكى من دفع للدول العربية للتطبيع مع إسرائيل يظهر أن ترامب يفتقر إلى سعة الاطلاع لفهم عواقب ما يفعله.
تحاول واشنطن وأبوظبى وتل أبيب إعطاء مبررات جيوسياسية مقنعة «لاتفاقية السلام» الإماراتية الإسرائيلية. لكن لا أحد يستطيع الادعاء بأن الصفقة تعزز حل المشكلة الفلسطينية، والتى هى جوهر قضية الشرق الأوسط. ومن جانبه، ندد الشعب الفلسطينى بالصفقة ووصفها بأنها طعنة فى الظهر.
على صعيد الشارع العربى نجده يشاهد ما يجرى بفزع وصمت خانق. وعلى الصعيد الآخر، لم نجد للمنظمات الإقليمية الرئيسية الثلاث ــ منظمة المؤتمر الإسلامى وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى ــ موقفا قويا.
إن أجندة ترامب هى فى جوهرها أجندة إسرائيلية. هدفها الأساسى هو إنشاء وطن لإسرائيل. وبالتالى تعمل إدارة ترامب على إقامة علاقات قوية بين الدول العربية من جانب وإسرائيل من جانب آخر. ومن وراء ذلك تهدف الولايات المتحدة إلى تخفيف عزلة إسرائيل فى المنطقة.
كما أن محنة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط لا تختلف عن محنة إسرائيل. فكلاهما يتمتعان بتفوق عسكرى لا مثيل له فى المنطقة، لكن براعتهما الهائلة سرعان ما تعرضت للاختبار. ظهرت علامات ذلك لأول مرة خلال الغزو الإسرائيلى للبنان عام 2006. ثم فقدت الولايات المتحدة دورها كوسيط. فلا أحد يستمع إلى واشنطن هذه الأيام. فقد دعا ترامب السعودية للتطبيع مع إسرائيل أسوة بالإماراتيين. لكن ردا واضحا وقاطعا جاء من الأمير تركى الفيصل مفاده: «ليس حتى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم». وزعمت الولايات المتحدة أن البحرين وعمان متشوقتان للتطبيع مع إسرائيل. لكن الحقيقة على عكس ذلك، فوزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو مضطر للسفر إلى المنامة لمحادثة ملكها فى هذا الأمر.
يدرك الحكام تمامًا الغضب الشديد فى الشارع العربى بسبب ما يعتبرونه خيانة الإماراتيين لفلسطين نتيجة دخولهم فى اتفاقية مع إسرائيل.
***
الرواية الإسرائيلية تقول أن هناك عملية إعادة ترتيب جديدة قيد الإنشاء للشرق الأوسط ــ «من المحتمل أن تشمل مصر واليونان وقبرص وإسرائيل والإمارات والبحرين وعمان وفى نهاية المطاف المملكة العربية السعودية«، وهذا التحالف بدوره سيواجه تحالفًا معارضًا، يضم إيران وتركيا وقطر والوكلاء الإيرانيون فى العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن، مع احتفاظ الأردن والكويت فى الوقت الحالى بموقف محايد غير مستقر.
تأمل إسرائيل من وراء هذا التحالف أن تكون هى قائدته، ولم لا، فهى التى تتميز بتفوقها العسكرى على باقى الدول فى المنطقة. لكن لا يستطيع أحد أن يجزم أن شكل الشرق الأوسط الجديد سيكون على النحو الذى تأمله إسرائيل. فما الذى ستجنيه الدول فى المنطقة من تحالف كهذا؟. ولماذا يتحمل شركاء إسرائيل فى التحالف عبء الأعمال العدائية مع إيران، وتركيا، وقطر، وسوريا، ولبنان، وحزب الله، وحماس، وفتح، وآخرون؟.
إن رغبة إسرائيل فى الانخراط فى تحالف إقليمى أو آخر أمر مفهوم، لكن يجب على إسرائيل أولا أن تتعلم ألا تنفرد بقواعد اللعبة، فعليها أن تحترم العمل الجماعى مع باقى الدول المتحالفة. فهى تتجنب السياسة التوافقية وتفضل طريقة جون واين. كما أن إسرائيل تعمل فقط من أجل المصلحة الذاتية ومن الصعب إخضاعها.
***
من الواضح أن سياسات الشرق الأوسط منقسمة ومختلفة من دولة لأخرى وجاءت الصفقة الإماراتية الإسرائيلية لتزيد الوضع سوءا. وهناك أيضا «التعددية القطبية» الناشئة، والتى تفقد إسرائيل الهيمنة الإقليمية التى كانت تتمتع بها.
الأوقات الصعبة آتية. نظرًا لأن الدخل من النفط لا يزال غير كافٍ لتحقيق الرفاهية الاقتصادية فى أنظمة دول النفط لتهدئة سكانها الغاضبين، مما جعل العلاقة بين الحكام والمحكومين معرضة للتوتر. وجاء فيروس كورونا والركود الاقتصادى المتفاقم ليزيدا الوضع السياسى سوءا. وبسبب هذه الأوضاع يحاول أردوغان فى تركيا استغلال الفرصة عن طريق التقدم بمشروعه الإسلامى الديمقراطى كبديل للأنظمة القمعية فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك إسرائيل!. وهناك الآن تحالف بين تركيا وقطر وإيران يركز على الترويج للإسلاموية كوسيلة للتغيير فى المنطقة.
تتفق الدول الثلاث على نقطة واحدة ــ وهى أن الإسلام السياسى يجب أن يكون المحرك للتغيير فى الشرق الأوسط المسلم. وعلينا أن ندرك أنه لا يمكن لإسرائيل أن تنقذ الأنظمة العربية من دوامة التغيرات الاجتماعية والسياسية.
بالنسبة لتركيا، قرر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن الوقت قد حان لبلاده لإنعاش برنامجها النووى. وكانت قد أشارت المواد الأرشيفية السرية الأمريكية التى تم الكشف عنها إلى أنه منذ عام 1966، وفقًا لتقارير من دبلوماسيين أمريكيين فى أنقرة، كان بعض كبار المسئولين الأتراك مهتمين بامتلاك أسلحة نووية، مثل الجنرال رفيق تولغا الذى كان مشاركًا فى الانقلاب العسكرى عام 1960.
فى الواقع، سجل أردوغان مرة واحدة على الأقل بعد وصوله إلى السلطة اعتراضه شاكيا من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ويسأل لماذا لا تمتلك تركيا أسلحة نووية قائلا: «هذا لا يمكننى قبوله». وإذا سارت تركيا على هذا الطريق نحو امتلاك سلاح نووى، فهل ستتخلف السعودية والإمارات عن الركب؟
أما إيران، فمع انتهاء الحظر الأمريكى على تمديد الأسلحة لإيران فى 4 أكتوبر، بدأ بزوغ فجر جديد لمنظومة الأمن الإقليمى. فقد أجرى وزير الدفاع الإيرانى الجنرال أمير حاتمى، الذى زار موسكو، محادثات مع مضيفه الروسى سيرجى شويغو. وبحسب ما ورد أظهر الجنرال حاتمى اهتمامًا بالأسلحة الروسية المتقدمة بما فى ذلك نظام الدفاع الجوى Sــ400 Triumf، ونظام صواريخ Pantsir S1E المدمج، وطائرة هليكوبتر Kamov KAــ226T، ومقاتلة Sukhoi Suــ30 وغيرهم.
وتتفهم المنطقة كلها التداعيات العميقة للهزيمة التى عانت منها إدارة ترامب الشهر الماضى فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وذلك فى محاولتها، بدعوة من إسرائيل، لفرض عقوبات «العودة السريعة» أو سناب باك ضد إيران.
***
فى غضون ذلك، تعمل المملكة العربية السعودية بهدوء على تطوير برنامج نووى. وكلف الإماراتيون بإنشاء محطة للطاقة النووية ويصرون على أن طياريهم لن يطيروا طائرات أقل من الطائرات المقاتلة Fــ35. وتشير التقارير إلى أن إسرائيل تشعر بالارتباك من جراء هذا كله.
فحكام السعودية والإمارات لن يكتفوا بالبقاء خلف إسرائيل. لقد اعتادوا على امتلاك أفضل ما يمكن أن يشتريه المال. وفى المستقبل القريب جدًا، ومن المتصور، أن تتعرض إسرائيل لضغوط شديدة لتشرح لهم لماذا يجب أن تظل الأسلحة النووية أو طائرات Fــ35 أو القبة الحديدية حق امتياز لها وحدها فى الشرق الأوسط.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/32Fs7uL

التعليقات