العودة لإفريقيا عبر الاقتصاد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العودة لإفريقيا عبر الاقتصاد

نشر فى : الأحد 9 ديسمبر 2018 - 11:45 م | آخر تحديث : الأحد 9 ديسمبر 2018 - 11:45 م

هل الأفضل أن نزيد من الاستثمارات المصرية داخليا، أم نوجه بعضها إلى القارة الإفريقية؟!
أطرح هذا السؤال بمناسبة الدورة الثالثة لمنتدى «إفريقيا ٢٠١٨» التى تنظمها وزارة الاستثمار بقيادة الوزيرة سحر نصر وبمشاركة العديد من المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية وبمشاركة أكثر من ٣٠٠٠ شخص.
البعض يقول إن الإجابة تتمثل فى الحكمة القائلة «ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع»، وبالتالى فلا داعى لإنفاق أموالنا بالعملة الصعبة فى إفريقيا، التى لن نستفيد منها شيئا، والأفضل توفير فرص عمل لملايين المصريين العاطلين.
تقديرى الواضح أن أصحاب وجهة النظر هذه مخطئون كليا.
أولا: لا يوجد تعارض بين تعظيم الإنتاج والاقتصاد فى الداخل، والاستثمار فى الخارج، والدليل أن كل بلدان العالم المتقدمة والمتوسطة لديها استثمارات بمئات المليارات من الدولارات بالخارج رغم أن بلدانهم تعانى من مشاكل اقتصادية داخلية كثيرة، ويوجد لديها عاطلون وتضخم وديون كثيرة.
ثانيا: فإن إجمالى الاستثمارات المصرية فى بلدان الكوميسا وعددها ٢١ دولة منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الآن لم تزد عن ٤.٧ مليار دولار، ٦٠٪ منها موجودة فى السودان و٢٠ موجودة فى إثيوبيا، ومعظم هذه الاستثمارات خاصة وليست حكومية، وإجمالى هذه الاستثمارات تقترب من تكلفة مشروع واحد تقيمه الصين أو تركيا فى القارة الإفريقية.
ثالثا: فأن أى مستثمر لا يذهب الي إفريقيا من اجل النزهة بل لتحقيق الارباح .
ندخل الآن فى صلب الموضوع أكثر ونسأل: وما هى أهمية وجود استثمارات مصرية فى إفريقيا؟
القارة السمراء مترامية الأطراف وبها ٥٥ دولة فى حين أن الكوميسا تضم ٢١ دولة بينها دول حوض النيل الـ١١، وبالتالى فتعظيم الاستثمارات المصرية مع هذه البلدان يحقق العديد من الفوائد، أهمها ضمان التأثير فيما يتعلق بمصالحنا، وفى مقدمتها تدفق حصتنا من مياه النيل.
حينما يذهب رجل أعمال مصرى للاستثمار فى إفريقيا وإذا تمكن من تحقيق ربح، فإن ذلك سينعكس إيجابا عليه أولا، وعلى الاقتصاد المصرى، إضافة إلى أن أمواله وراسماله وارباحه بالعملة الصعبة ستعود في النهاية الي بلده.
لكن التأثير الأكبر هو ما سيعود على المصالح المصرية من تعظيم وزيادة الاستثمارات والتبادلات التجاربة مع البلدان الإفريقية خصوصا الواقعة فى منطقة حوض النيل ذات الأهمية الاستراتيجية لنا.
هناك مثل أكرره كثيرا يتعلق باستيراد اللحوم، وهو أيهما أفضل لمصالحنا: أن نستوردها حية من السودان وإثيوبيا أو أى دولة إفريقية، أم مجمدة من بلدان فى أقصى أمريكا اللاتينية؟
إذا طبقنا هذا المعيار على العديد ومن الواردات التى يمكن أن نستوردها من إفريقيا فسوف نفيد ونستفيد، سوف نوفر لهم فرص عمل فى حين أن رجال أعمالنا سيحققون أرباحا كثيرة والأهم هو ضمان وجود التأثير المصرى هناك.
تخيلوا أيضا لو أن لدينا استثمارات ومبادلات وعلاقات اقتصادية متشبعة مع دول مثل إثيوبيا والسودان، هل ستفكر أى منهما فى الإضرار بمصالحنا خصوصا فى المياه؟!!.
أدرك تماما أن مناخ الاستثمار فى إفريقيا ليس بالمثالى، ومن ذهب إلى هناك واجه صعوبات كثيرة، بعضها يتعلق بالفساد، وبعضها يتعلق بالروتين وبعضها يتعلق بغياب الأمن والاستقرار، وهنا يأتى دور الحكومة المصرية فى مساعدة ودعم كبار رجال الأعمال على الذهاب إلى إفريقيا والصمود هناك، باعتبار أن ذلك سوف يصب فى النهاية فى مصلحة الاقتصاد المصرى.
نقرأ كثيرا فى الفترات الأخيرة عن وجود اقتصادات إفريقية واعدة مثل إثيوبيا ورواندا وغيرها. علينا أن ننظر إلى الأمام ونفكر فى المستقبل. كنا روادا فى إفريقيا فى الخمسينيات والستينيات، ثم تراجع دورنا، لا وقت للبكاء على اللبن المسكوب، بل التفكير فى المستقبل، والإجابة على سؤال كيف نعود إلى الأشقاء الأفارقة بصورة صحيحة من بوابة المصالح المشتركة والمتشابكة وليس فقط الحديث عن الشعارات؟

عماد الدين حسين  كاتب صحفي