المغرب ــ تونس.. أين حظ الأطفال فى مشاريعنا وسياساتنا واهتماماتنا؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المغرب ــ تونس.. أين حظ الأطفال فى مشاريعنا وسياساتنا واهتماماتنا؟

نشر فى : الخميس 10 يناير 2019 - 4:10 ص | آخر تحديث : الخميس 10 يناير 2019 - 4:10 ص

نشرت صحيفة المغرب التونسية مقالا للكاتبة «آمال قرامى» حول معاناة وتهميش الأطفال وضرورة طرح مشاريع مواطنية وإصلاحية وثقافية ومعمارية.. وجاء فيه:
فى غمرة الاستعداد للاحتفال بالسنة الميلادية وتبادل التهانى بين الراشدين الغاضبين والمتذمرين من سوء الأحوال...

لا بأس أن نغير اتجاه البوصلة صوب المنسيين: فنتأمل فى أوضاع أولئك الأطفال الذين تعرضوا خلال هذه السنة للخطف أو الاغتصاب إن كانوا من الذكور والإناث، وننكب على رصد حياة المشردين الذين يجوبون الطرقات يتسولون تارة، ويعرضون خدماتهم طورا آخر، ولا عيب فى أن نتوقف لحظة لنحاور «صغار البرباشة» الذين يفتشون فى سلات القمامة، ولا مفر من متابعة الأطفال المحرومين من حق العلاج أو أصحاب الاحتياجات الخاصة، ولا مناص لنا أيضا من متابعة أحوال المحرومات من الدراسة كالخادمات القاصرات فى بيوت المتعلمات والناشطات الحقوقيات والنساء الناهضات بأدوار مهمة فى مواقع صنع القرار.

ليس وضع الطفولة فى تونس اليوم أمرا معهودا لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن فحسب، وإن كانت هى الجهة المعنية بالدرجة الأولى بحماية الأطفال ووضع الاستراتيجيات التى تضمن لهم حقوقهم الأساسية وأولها الحق فى الحياة، والصحة، والتعليم والكرامة وغيرها، ولكننا نقدر أن كل الوزارات تتحمل مسئولية تردى أوضاع الطفولة فى بلادنا، وكل مكونات المجتمع المدنى معنية بالتفكير فى الحلول وطرح البدائل.

ولأننا نعيش فى مجتمع يصفه الساسة بأنه مسلَّم بنسبة 90 ٪ تتجاور فيه الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وجمعيات المحافظة على القرآن والسنة، والجمعيات الخيرية.. مع الأحزاب الحداثية ذات المرجعية الحقوقية، والجمعيات المواطنية وغيرها فإن التساؤل عن موقع الطفل/ة فى برامج مختلف مكونات المجتمع المدنى وأنشطته المختلفة مشروع. فهل أن التفكير فى الطفل المهمش حاضر فى أذهان القوم، وهم يطرحون المشاريع المواطنية والإصلاحية والثقافية والمعمارية و...؟ وهل للطفل حضور فى الخطب المسجدية باعتباره كائنا ممتعا بالحقوق؟ وهل ثمة ما يوحى بتفعيل مختلف مكونات المجتمع المدنى لآلية المساءلة والمحاسبة، والحال أن الناشطين يعاينون الانتهاكات فى الفضاءات التى كنا نعتبرها آمنة كالمؤسسات التربوية والتعليمية أو بعيدة عن «الفعل المدنس» كالمساجد؟ وهل لنا دراسات ميدانية عن أشكال هشاشة الأطفال، وهم عرضة للاستغلال والاستقطاب؟ وهل نملك إحصائيات عن عدد الأطفال الذين اغتصبوا خلال هذه السنة؟ ولنا أن نتساءل أيضا لِم لم تستأثر البحوث الاستقصائية كتقرير inkyfada عن الخادمات القاصرات باهتمام الجماهير، والحال أن تصريح أحد الفنانين أو الرياضيين «يهز الدنيا ويقعدها»؟ أضاقت البلاد عن أهلها فصارت منشغلة بعالم الكبار: الساسة، القادة، النجوم..؟

وفى ظل هذه الأوقات العسيرة تنتابنا الحيرة: أنى لنا أن نقنع أما تدفع بابنتها إلى العمل فى بيوت «الأكابر» وتحرمها من الاستمتاع بطفولتها وفرص التعليم بأن هذا القرار مجرم بالدستور والقانون وما التزمت به الدولة حين أبرمت على الاتفاقيات والمعاهدات الضامنة لحقوق الأطفال؟ وأنّى لنا أن نثنى صبيا عن التفتيش فى أكياس القمامة وأن ندعوه إلى اللعب والترفيه عن النفس؟ وأنى لنا بأن نقنع اما بأن سفاح القربى لا يمكن السكوت عنه؟

تثبت تجارب البلدان التى خاضت مسار الانتقال الديمقراطى أو تحولت إلى بلدان نزاع وبؤر توتر أو صارت فضاء حربيا أنه كلما اشتدت الأزمات صار التفكير فى مستقبل الفئات الهشة ضروريا ومن الأولويات. فهل تجاوزنا الخطابات السياسية الرسمية والخطابات الحقوقية والقانونية، والتربوية والدينية (بدرجة أقل) لنبتكر حلولا عملية وسياسات ذات نجاعة فعلية أم أننا مازلنا نفكر وفق آليات فهم تقليدية ونتوهم أن الأسرة مازالت تمثل الحصن الحصين وفضاء للأمان والتواصل والحوار، وهى أنموذج لم يصبه العطب؟

إن هذه الفئة المنسية من الأطفال والمراهقين معرضة فى كل يوم لمخاطر الاستقطاب من الجماعات المتطرفة وشبكات التهريب، والمخدرات، والاتجار بالبشر، وغيرها، ومن هذه الفئة عدد لا يستهان به صار يساق سوقا إلى قوارب الموت بعد أن قرر الأب أو الأم «الحرقة».. إن أطفالنا فى خطر فلتكن سنة 2019 سنة الانكباب على موضوع الطفولة.

التعليقات