من يبيد شعبه لن يراعى حقوق غيره - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يبيد شعبه لن يراعى حقوق غيره

نشر فى : الأربعاء 11 أغسطس 2021 - 8:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 أغسطس 2021 - 8:00 م

فى ٢٠ يونيو الماضى، قال بيكا هافيستو وزير خارجية فنلندا، ومبعوث الاتحاد الأوروبى إلى إثيوبيا إن قادة إثيوبيا قالوا له فى جلسة مغلقة، إنهم يعتزمون إبادة سكان إقليم التيجراى.
الوزير الفنلندى قال هذا الكلام، خلال جلسة نقاشية مع لجنة تابعة للبرلمان الأوروبى.
والتقدير المقصود أساسا بهذا الكلام هو رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد وكبار مساعديه لأنهم هم من قابلوا المسئول الأوروبى خلال جهوده للوساطة.
كما هو متوقع فإن الحكومة الإثيوبية، سارعت لنفى ما قاله المسئول الأوروبى، معتبرة أن كلامه أقرب إلى الهلوسة أو خلل فى الذاكرة، ويعكس بشكل صارخ الاستعلاء الاستعمارى.
للموضوعية، فلا يوجد ما يدعو وزير خارجية فنلندا ومبعوث الاتحاد الأوروبى، لكى يختلق هذا الكلام، ومهمته كانت واضحة، وهى محاولة تحسين الأحوال الإنسانية المتردية فى إقليم التيجراى بعد الفظائع التى ارتكبتها قوات الجيش الإثيوبى فى هذا الإقليم.
ثم إن الواقع على الأرض يؤكد صحة ما قاله المبعوث الأوروبى.
مئات الآلاف تم تشريدهم وصاروا لاجئين داخل بلادهم أو فى السودان. والآلاف قتلوا وأصيبوا. وكل يوم يتم العثور على مقابر جماعية، بل تم قبل أيام العثور على مجموعة من الجثث الطافية فوق أحد الأنهار الصغيرة بين الإقليم والسودان.
كذلك فإن اللغة التى تحدث بها آبى أحمد وكبار مساعديه يجعل من كلام المسئول الأوروبى أمرا منطقيا.
سوف نفترض أن وزير الخارجية الفنلندى يفترى على الحكومة الإثيوبية، لكن فإن ما فعلته القوات الموالية لآبى أحمد فى التيجراى يجعل كلام المسئول الفنلندى أمرا صحيحا جدا. الجرائم التى تم اكتشافها بعد دخول قوات الجيش الإثيوبى للإقليم فى ٤ نوفمبر الماضى، لا تعد ولا تحصى، وكثير من هذه الجرائم لم يتم اكتشافه، لأن الحكومة منعت وسائل الإعلام خصوصا العالمية من دخول المنطقة، لكن الجزء الصغير الذى تسرب من هذه الجرائم تقشعر له الأبدان.
على سبيل المثال تم توثيق مقتل المئات خلال الصراع بالفئوس والمناجل، والأبشع أنه تم إجبار العديد من مواطنى المنطقة على رؤية اغتصاب زوجاتهم وشقيقاتهم.
وأفاد تقرير لمنظمة العفو الدولية قبل يومين فقط أن القوات الإثيوبية والإريترية اغتصبت مئات النساء والفتيات فى إقليم تيجراى وفرضت على بعض الضحايا العبودية الجنسية وتشويه أعضاء.
والآن وبعد هزيمة قوات أحمد فقد عمدت لقطع جميع الخدمات عن الإقليم من كهرباء ووقود واتصالات.
فى هذا المقال لا أحاول أن أدلل على الجرائم التى ارتكبها نظام آبى أحمد، فمنظمات حقوق الإنسان لديها عشرات الأدلة، وحسب إحصاءات الأمم المتحدة فإن أكثر من 400 ألف من سكان الإقليم يعانون المجاعة حاليا، والولايات المتحدة نفسها فرضت عقوبات على بعض مسئولى الحكومة الإثيوبية بسبب هذه الجرائم.
لكن الفكرة الجوهرية من وراء كلامى اليوم، هى أنه إذا كان آبى أحمد يرتكب جرائم التطهير العرقى والإبادة الجماعية ضد جزء من شعبه، فهل يكون غريبا أن يرتكب أى جريمة أخرى؟!
إذا كان أحمد لا يتردد فى إبادة شبعه، فهل نستكثر عليه أن يضر بحقوق مصر المائية إذا واتته الفرصة؟!
أحمد خدع العالم كله، حينما مثل بمهارة واقتدار أنه رجل سلام، واستطاع أن يقتنص جائزة نوبل للسلام، قبل أكثر من عامين، لأنه أوهم العالم كله أنه قام بتصفية كل مشاكل بلاده مع دول الجوار، خصوصا إرتيريا.
وأظن أن هذا أكبر خطأ ارتكبته إدارة جائزة نوبل على مر تاريخها، حينما منحت جائزتها لرجل لا يخجل أن يقول إنه ينوى إبادة جزء من شعبه.
المعنى المهم الذى يفترض أنه نستخلصه كمصريين من هذه القصة، هى أن آبى أحمد لا عهد ولا أمان له، وأنه لن يتورع عن الإضرار بحقوق مصر المائية، إذا وجد الفرصة لذلك، وبالتالى فالرهان على أنه سيقبل بحلول سلمية لأزمة سد النهضة أمر مشكوك فيه بشدة.
آبى أحمد وخلافا لمظهره الذى خدع به العالم يؤمن فقط بلغة القوة، وليس المفاوضات والحقوق، هو قام بغزو إقليم التيجراى وقتل شعبه، لكنه انسحب مهزوما قبل أسابيع من هذا الإقليم، حينما تمكن مقاتلو التيجراى من استعادة زمام المبادرة، وشن هجوما مضادا ضد القوات الحكومية، بل صاروا يتمددون الآن خارج الإقليم فى اتجاه أمهرا.
آبى أحمد يؤمن فقط بلغة القوة، وليس بطاولة المفاوضات والحلول المتوازنة، التى تخدم مصلحة الجميع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي