متى تكون الحرب ضرورية؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى تكون الحرب ضرورية؟

نشر فى : الثلاثاء 13 أبريل 2021 - 7:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 13 أبريل 2021 - 7:25 م
الحرب سيئة ومريرة ومدمرة، وكلها خسائر، لكنها فى لحظات تصبح هى الخيار الحتمى الوحيد الذى لا مفر منه.
مساء الجمعة الماضية تحدث الإعلامى الكبير عمرو أديب فى قناة «إم بى سى مصر» وقال إنه لفت نظره «أن كل الناس الكارهة لمصر والمتربصة بها، يتمنون أن تدخل مصر فى حرب مع إثيوبيا، ويشجعونها على ذلك من أجل توريطها، وهناك ابتزاز عسكرى لمصر وسخرية حتى تدفعنا للحرب. وأنهم بدأوا يقولون إن الجيش المصرى جبار. ولأن هؤلاء كلهم يتكلمون بنفس الطريقة، فقد فهمت أنهم يريدون أن يورطونا فى حرب».
أتفق مع عمرو أديب أن كل الأطراف التى تكرهنا أو لا تريدنا أقوياء، يتمنون أن ندخل فى حرب مع إثيوبيا، شرط ألا ننتصر فيها، بل يتمنون أن ندخل الحرب، من أجل أن نتورط ويتم استنزافنا.
معلوم ومعروف من هى الأطراف التى تكرهنا، وبالمناسبة فى مقدمتهم إسرائيل، التى يقال إنها زودت إثيوبيا بصواريخ دفاع جوى، نصبتها قرب السد. إضافة لإسرائيل، فهناك قوى إقليمية وبعضها يقول إنهم أصدقاء لنا، لا يريدون لمصر أن تكون قوية، وهناك أطراف داخلية تتمنى أن نخسر هذا الصراع ظنا ووهما أن ذلك، سوف يعيدها للمشهد السياسى مرة أخرى.
كل ما سبق صحيح، لكن أختلف مع عمرو أديب فى نقطة جوهرية وسؤال أساسى هو: إذا سلمنا نظريا أن هناك دولا وقوى وأجهزة وتنظيمات وأفراد تريد توريطنا فى حرب مع إثيوبيا، حتى تستنزف قوانا، فما هو الحل إذا واصلت إثيوبيا تعنتها وأصرت على عدم التوقيع على اتفاق قانونى وملزم لتشغيل سد النهضة؟
الإجابة ببساطة عن هذا السؤال هى أننا فى هذه الحالة لدينا خياران: الأول أن هناك قوى متربصة تريد توريطنا. والثانى أن هناك دولة تصر على تعطيشنا والتحكم فى حصتنا المائية، وربما ابتزازنا لبيع المياه لنا فى المستقبل أو قطعها عنا.
السؤال بصيغة أخرى، أى الخطرين أكبر؟!.. خطر من يريد توريطنا فى حرب، أم خطر من يريد أن يتحكم فى مستقبلنا جميعا بسلاح المياه؟!
أظن أن الإجابة لا تحتاج إلى تفكير، لأن مياه النيل بالنسبة لنا قصة حياة وجودية.
فى كل الصراعات هناك أطراف تريد توريط أطراف أخرى. وعلى سبيل المثال كانت هناك أصوات كثيرة دعت إ‍لى تدخلنا المباشر فى ليبيا. ولم نفعل ذلك حتى لا نتورط فى الرمال الليبية المتحركة، لكن حينما جد الجد، واقتربت الميليشيات الليبية، وقوات الدعم والمرتزقة التركية من مدينة سرت، خرج الرئيس عبدالفتاح السيسى وأعلن خط مصر الأحمر فى سرت والجفرة.
وحينما فعلت مصر ذلك كانت تدرك أنها يمكن أن تحارب. ومن حسن الحظ أن هذا الإعلان كان نقطة التحول فى الأزمة الليبية برمتها.
قضية المياه أخطر تريليون مرة من الأزمة الليبية، والأخيرة مهمة جدا للأمن القومى المصرى، لكن المياه قضية وجود وحياة، ومن أجل ذلك أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى خطا أحمر جديدا بشأنها قبل أسبوعين تقريبا حينما كان يتحدث بمناسبة تعويم السفينة البنمية «إيفر جرين»، وقال إن: «مصر لن تتنازل عن قطرة مياه واحدة، وأنه لا أحد بعيد عن قدرتها ومن يريد أن يجرب فليجرب».
مصر ليست داعية حرب، بل ظلت تتفاوض طوال عشر سنوات، وفعلت كل شىء من أجل إقناع اثيوبيا بأهمية الاتفاق والتعاون، بل إن الرئيس السيسى قال قبل أيام إننا مازلنا نؤيد حق إثيوبيا فى التنمية، لكن بشرط ألا تضر مصر.
وبالتالى إذا أصرت إثيوبيا على الإضرار بحقوق مصر المائية، فإن الحرب فى هذه الحالة، لا تصبح مجرد احتمال، بل هى ضرورية وحتمية من أجل الحاضر والمستقبل.
علينا أن ندرس القضية من كل جوانبها، وعلينا إقناع العالم بعدالة قضيتنا. وعلينا البحث عن أى حل سياسى سلمى، لكن عند لحظة معينة، وإذا واصلت إثيوبيا بلطجتها وتهورها وعنادها، فإن الحرب وقتها تصبح أكثر من ضرورية حفاظا على حياتنا ومستقبلنا.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي