صحيفة البيان ــ الإمارات: منطق الحرب وثقافة السلام - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صحيفة البيان ــ الإمارات: منطق الحرب وثقافة السلام

نشر فى : الثلاثاء 15 نوفمبر 2022 - 9:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 نوفمبر 2022 - 9:00 م

نشرت صحيفة البيان الإماراتية مقالا للكاتب الهاشمى نويرة بتاريخ 14 نوفمبر ينتقد فيه عزوف دول الغرب عن تقديم التمويل المناسب للدول النامية للتكيف مع سياسات مواجهة التغير المناخى، وفى الوقت ذاته تمول بسخاء الحروب والصراعات المتأججة فى العالم.. نعرض من المقال ما يلى.
تمثل ظاهرة الاحتباس الحرارى خطرا داهما يهدد مستقبل الأرض والكائن البشرى، وهو الأمر الذى جعل الأصوات تتعالى منبهة من مغبة وصول الأمر إلى حد يستحيل تداركه، وهذه الظاهرة هى ناجمة عن الازدياد المفرط فى الانبعاثات الغازية المسببة لارتفاع متوسط الحرارة على سطح الأرض، وفى الجو، وكذلك كميات غاز ثانى أكسيد الكربون وغازات أخرى، ما يؤثر بشكل كبير على التوازنات البيئية، وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات، بما ينبئ حتى بتلاشى بعض الدول، وتختلف حدة تداعيات ظاهرة الاحتباس الحرارى من منطقة إلى أخرى.
ولعل أهم تداعيات الظاهرة تحملتها، وتتحملها الدول الفقيرة ودول الجنوب عموما، وهى المسئولة فقط عن 3 % من هذه الانبعاثات الغازية، ومع ذلك كانت هذه الظاهرة سببا مباشرا فى خسارتها لـ525 مليار دولار أى لربع ناتجها القومى الخام، وقد حاولت قمة كوبنهاجن فى 2009 إيجاد حلول لمساعدة هذه الدول الفقيرة لترميم اقتصاداتها وتمويل تركيز الصناعات البديلة فيها، ولكن تنفيذ الدول الغربية لالتزاماتها فى هذا الخصوص كان مخيبا للآمال.
وكان يراد لقمة الأمم المتحدة حول التغييرات المناخية، التى انطلقت أعمالها فى مصر الأسبوع الماضى، أن تجد الحلول الكفيلة بإلزام الدول الغربية بالوفاء بالتزاماتها تجاه الدول الفقيرة، كى تواجه تداعيات ظاهرة مناخية لا مسئولية لها فيها، وتوفير التمويلات الضرورية لذلك، ولكنها نجحت فقط فى تحديد سقف هذه الالتزامات بـ100 مليار دولار على مدى الـ 10 المقبلة، علما بأن حاجات دول الجنوب لمجابهة هذه الظاهرة المناخية وتركيز صناعات بديلة تقدر بـ2.4 تريليون دولار، بحسب تقرير حديث حول الموضوع، والذى أشار تفصيليا إلى أن الدول النامية تحتاج إلى تريليون دولار سنويا، وذلك إلى حدود 2030 نصف هذه التمويلات من التمويلات الخارجية، والنصف الآخر محمول على دول الجنوب ذاتها.
ورغم أن التزامات الدول هى دون المأمول إلا أنه لا تفوتنا الإشادة بنجاح مصر فى تنظيم هذه القمة، التى شهدت نسبة عالية جدا من المشاركة، ومن مستوى التمثيل.
ورقم 100 مليار دولار، الذى قبلت به الدول الغربية يدلل على أنها تجد صعوبات كبرى فى تمويل اقتصادات دول تسببت هى فى دمارها، وربما هى ترفض من حيث ذلك فى سياق التنصل الدائم من مسئوليتها التاريخية، ولكنها فى المقابل لا تجد أى غضاضة فى تمويل مجهودات الحرب والدمار.
وتفيد الأرقام التى لا تقبل التشكيك أن الغرب «الديمقراطى» وفر إلى حد الآن تمويلات مباشرة وغير مباشرة لأوكرانيا فى حربها ضد روسيا 85 مليار دولار، منذ فبراير 2022 وحتى شهر أغسطس الماضى، وقد تفوق بحسب التقديرات الـ90 مليار دولار مع نهاية شهر نوفمبر 2022.
إن السخاء الغربى فى تمويل الحروب والدمار وتأجيج الصراعات فى مختلف مناطق العالم مقابل الشح اللافت فى تمويل عمليات السلام والبناء والإنقاذ يطرح أكثر من سؤال حول مدى مبدئية إيمان هذا الغرب بجدوى العيش بسلام وأمن، والذى من شروطه الأساسية تحقق الحد الأدنى المشترك من النمو الاقتصادى، ومن التوازن بين مختلف مناطق العالم، وهو أمر مستحيل التحقيق فى غياب قيمة التضامن بين الأمم والشعوب، التى تمثل إلى جانب الحرية والديمقراطية القيمة المثلى، التى تعلو على جميع القيم الأخرى، إن ثقافة الحرب يجب أن تزول؛ لأنه سيكون الدمار والخراب الإنسانى دون ذلك.

التعليقات