اضرب يا ريس - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اضرب يا ريس

نشر فى : الجمعة 16 يوليه 2021 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 16 يوليه 2021 - 7:25 م

«اضرب يا سيسى» و«اضرب يا ريس» هتاف سمعته بأذنى يهز مدرجات وأرجاء استاد القاهرة الدولى ليلة الخميس الماضى، حينما كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يطمئن المصريين على ألا يقلقوا، وأن يثقوا أن حقوقهم فى مياه النيل لن يمسها أحد.
للحظة كدت أشك أن هذه الهتافات منظمة، أو أنها من فرط حماس بعض الحاضرين، لكن ما بدد هذا الشك أن الذين كانوا يهتفون من مشارب مختلفة مناطقية ومهنية وقطاعية وفئوية، ثم إن من كانوا حولى، ويجلسون فى أرض الاستاد قرب الرئيس وكبار المسئولين، تجاوبوا مع هذا الحماس، وبدأ بعضهم يردد الهتاف.
لكن يحسب للرئيس السيسى أنه كان فى غاية التوفيق فى هذه الليلة، وتحدث بطريقة محسوبة بعناية شديدة، رغم أنها كانت مرتجلة وليست مكتوبة.
غالبية المصريين قبل الخطاب كانوا شديدى القلق، وصارت قضية سد النهضة هى الموضوع شبه المتكرر فى معظم حكايات وأحاديث المصريين، وقبل الخطاب بيوم، كنت فى صالون حلاقة قرب ميدان السيدة زينب، ووجدت الحلاق واثنين من الزبائن يتناقشون فى آخر تطورات القضية، وكل منهم يتحدث باعتباره خبيرا فى شئون الهيدروليكا والاستراتيجيات العسكرية.
وهؤلاء أعذرهم جميعا، وأعذر كل مصرى شعر بالقلق بعد إعلان إثيوبيا بدء عملية الملء الثانى قبل أسبوعين وكذلك الحصاد السلبى جدا لاجتماع مجلس الأمن ليلة الخميس قبل الماضى.
السيسى لم يتحدث كثيرا فى موضوع الاحتفال وهو إطلاق مبادرة «حياة كريمة» بل تولى ذلك بالتفصيل رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، فى حين أن غالبية المصريين، وربما بعض الإثيوبيين والسودانيين، كانوا ينتظرون ما الذى سيقوله السيسى عن سد النهضة.
مسرح الاحتفال تم إعداده بصورة جيدة وعلى الرغم من أن الرئيس لم يركز فى كلمته الرسمية المكتوبة على الموضوع، فإنه حينما قال إنه سيتحدث إلى الناس فى قضية تهمهم، وقف كثيرون ليعرفوا ما الذى سيقوله الرئيس.
يعتقد البعض أن الموقف المصرى الأهم والأكثر وضوحا فى هذه القضية، هو ما قاله الرئيس السيسى قبل أسابيع فى قناة السويس، حينما تم تعويم السفينة إيفر جيفن، حينما حدد خط مصر الأحمر وقال يومها: «لن تنقص نقطة مياه واحدة واللى عايز يجرب يجرب».
تقديرى أن الموقف الجديد الذى أعلنه السيسى مساء الخميس الماضى، لا يقل أهمية، بل ربما هو الأكثر تفصيلا ووضوحا وشمولا وحسما.
هو قال إنه يقدر قلق المصريين المشروع، لكن مصر دولة كبيرة، ولا يليق بنا كمصريين أن نقلق أبدا أو نبالغ فى القلق.
قال أيضا المساس بأمن مصر القومى خط أحمر، لا يمكن اجتيازه شاء من شاء وأبى من أبى، ولدينا فى سبيل الحفاظ على أمن مصر خيارات متعددة نقررها طبقا للموقف والظروف، ونحن نمتلك من القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية ما يعزز حماية مقدراتنا.
هذه كلمات واضحة وحاسمة والمؤكد أنها ستهدئ من روع وقلق المصريين المتزايد هذه الأيام، وربما تجعل إثيوبيا تعيد النظر فى موقفها المتصلب والمتعنت فى قضية سد النهضة.
يحسب للرئيس السيسى فى هذه الليلة أيضا قوله: نتعامل فى كل قضايانا بعقل راشد وتخطيط عميق وعمرنا ما عشنا الوهم ولا نقدم الوهم للمصريين، وعمرنا بفضل الله ما حاولنا ندغدغ مشاعر الناس..
قال الرئيس إن هناك كلاما لا يستطيع أن يقوله فى هذه القضية، لكن رسالته الأساسية وصلت للناس فى هذه الليلة، وهى ألا تقلقوا و«عيشوا حياتكم» حسب تعبير الرئيس. الذين استمعوا لخطاب الرئيس شعروا بالاطمئنان، وينتظرون أن يتم ترجمة ذلك بعدم حدوث ضرر فى حقوقنا المائية.
يحسب للرئيس السيسى أيضا عدم انجراره للتفكير العاطفى، الذى كلفنا خسائر فادحة فى حقب وأزمات مماثلة. قضية مياه النيل شديدة التعقيد، وتحتاج حسابات وتوازنات كثيرة، بشرط جوهرى، وهو ألا نخسر حقوقنا.
خلال فترة الاستراحة، سألت مسئولا رفيع المستوى ــ وكان يقف يقف معى فى هذه اللحظة الزميل نشأت الديهى ــ عن هذه القضية فقال لى عبارة من خمس كلمات بصورة واضحة: «حقوقنا فى مياه النيل لن تضيع».

عماد الدين حسين  كاتب صحفي