تجارب ملهمة فى الكاجوج! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجارب ملهمة فى الكاجوج!

نشر فى : الجمعة 17 مارس 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 17 مارس 2023 - 8:50 م
الكاجوج قرية تقع فى حضن الجبل فى مركز كوم أمبو بأسوان، بعض السيدات فيها اللاتى لم يكن مسموحا لبعضهن بالخروج أساسا من المنزل صرنا يشتركن فى جروبات على الواتس آب لتربية البط والمتاجرة فيه وتحقيق مكاسب معقولة، والتفكير فى توسيع هذه التجارة. وكل الأمل أن تنتقل هذه التجربة فى أنشطة مماثلة لربات بيوت فى كل قرى الجمهورية من أجل تحسين حياة المواطنات والمساهمة فى عملية التنمية.
ما سبق هو ملخص تجربة مهمة وأظن أنها ملهمة، وكان من حسن حظى أننى عايشتها بنفسى، حينما ذهبت مع الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى وإيلينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة فى مصر واللواء أشرف عطية محافظ أسوان والعديد من المسئولين، فى إطار «أسبوع الأمم المتحدة».
الوصول لقرية الكاجوج لم يكن سهلا فالطرق ليست كلها ممهدة، وبعضها ضيق جدا ويسمح بمرور سيارة واحدة ورغم ذلك فإن أهل هذه القرية يتميزون بالطيبة والرغبة الشديدة فى التعلم والتطور.
فى أحد حقول القصب الإرشادية والمتميزة كان لقاء الوفد مع مجموعة من السيدات والمزارعين. تحت عنوان: «تعزيز مقاومة المناخ والأمن الغذائى من خلال تعزيز سبل الابتكار الريفى». والبيانات الرسمية الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة تقول أن ٢٠ ألف سيدة مصرية استفادت من برامج التدريب على ريادة الأعمال وتربية الثروة الحيوانية، وحصلت ١٢٦٠٠ سيدة منهن على قروض صغيرة بالفعل، منهن ٢٠٠٠ امرأة فى أسوان.
رغم أهمية الأرقام، لكن ما لفت نظرى أكثر حديث بعض السيدات خلال اللقاء.
إحدى السيدات قالت: «لم نكن نخرج من بيوتنا، لكن سمعنا فى ميكروفون القرية عن عرض مسرحى قريب من بيوتنا عن تغيير المناخ وأثره على الزراعة والتنمية، خرجنا وشاهدنا العرض. وشخصيا حصلت على خمسة أزواج من «البط المولر» والحمد لله ربيتهم وصار عندى إنتاجية متميزة، وبقى فى يدى فلوس، عملت منها مخبوزات للبيع أيضا. وعملت جروب على الواتساب أسميته «الدكانة». وعندى طلبات من تجار كثيرين، والفضل فى كل ذلك لجمعية تنمية المجتمع فى الكاجوج التى تهدف لزيادة دخل القرية البالغ عدد سكانها ٤٠ ألف نسمة، وزمامها لا يزيد عن ١٢٠٠ فدان ويتبعها قريتان صغيرتان.
سيدة أخرى تقول، كنا نربى الطيور فى بيوتنا، لكن لم يكن عند معظمنا «ثقافة الجدوى الاقتصادية»، ودراسة نوعية السلالة، التى جعلتنا ننتج أكثر بتكلفة أقل، وهو ما مكننا مثلا من اختيار سلالة «البط المولر» والذى يصل وزنه بعد شهر ونصف من التسمين إلى ٣ كيلوجرامات وهدفنا زيادة دخل الأسرة وأن يكون لدينا إنتاج يعادل احتياجاتنا.
أما هبة مصطفى فقالت: «لم نكن نخرج من بيوتنا، لكن بفضل الجمعية حضرنا ندوة فى «المندرة» القريبة من بيوتنا، وأخذت ١٥ «جوز بط»، ولم يكن عندى إلا حجرة غير مسقوفة، فعملت لها سقف وحولتها لتربية البط، واكتشفت أن الجمعية وفرت لنا طبيبا بيطريا نستشيره باستمرار، وصار عندى ٣٠ زوج بط، وبحثت عن تاجر حتى أبيع له جملة، ثم اكتشفت أننى قادرة على الخروج من البيت والحديث والتفاهم والنقاش مع الناس واكتشفت فى نفسى مهارة عمل دراسة جدوى لمشروعى الصغير، والنتيجة أننى حققت ربحا ١٥٠٠ جنيه وقررت أن استثمرهم فى حاجة ثانية».
هبة تقول إن أهلها وغالبية الناس يربون «الحمام البلدى» لكنها دخلت على «جوجل» واكتشفت وجود أنواع مختلفة من الحمام ومنها «الشقلباط أو المهرج» وهو أكثر جدوى اقتصادية.
أحد المسئولين عن الجمعية والبرنامج قال إن هذا المشروع موجود فى ٦ محافظات بالصعيد من المنيا حتى أسوان مرورا بأسيوط وسوهاج والأقصر وقنا، ووصلنا إلى ٢٠٠ قرية، وتوفر الجمعية كل شىء من أول الطب البيطرى حتى تسويق الإنتاج، بل مجموعة من الكاميرون وناميبيا ومدغشقر، من أجل تبادل المعرفة، وهدفنا الوصول إلى ٥٠٠ قرية.
الكاجوج قرية محظوظة إلى حد كبير بهذا التفكير الإيجابى لمواطنيها ولجمعية تنمية المجتمع، لكنها أيضا استفادت من مبادرة حياة كريمة فى مرحلتها الأولى من خلال نحو ٢٠ مشروعا منها وحدة طب الأسرة بقرية سلوا قبلى التابعة لها، وإنشاء مجمع للمصالح الحكومية والمجمع الزراعى ومحطة الصرف الصحى، وتبطين ترع بطول ١١ كيلو مترا وتجديد شبكة مياه الشرب وشبكات الكهرباء المتهالكة.
وقد زارها رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى فى ٦ يوليو عام ٢٠٢١ والتقى بالعديد من أهاليها واستمع إلى شكاواهم ومطالبهم.
يتبقى الحديث عن التجربة المهمة الأخرى فى الكاجوج وهى كيف تمكن مزارعى القرية من مواجهة التغيرات المناخية بالتعاون مع الأمم المتحدة!
عماد الدين حسين  كاتب صحفي