إيران والمرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 17 أبريل 2024 1:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إيران والمرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية

نشر فى : الإثنين 18 مارس 2019 - 11:05 م | آخر تحديث : الإثنين 18 مارس 2019 - 11:05 م

نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالا للكاتب «وليد خدورى» وجاء فيه:
تبدأ فى 3 مايو المقبل المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران، والتى تهدف إلى خفض الصادرات النفطية الإيرانية «أقرب ما يمكن من الصفر». وتشمل العقوبات التى بدأ تنفيذها فى 5 نوفمبر الماضى منع الدول والكيانات أو الأفراد من دخول الأسواق الأمريكية فى حال استمرار شراء النفط الإيرانى أو مواصلة التعامل مع المصارف الإيرانية وذلك لمنع الوصول إلى المنظومة المالية الأمريكية.
والهدف منع المؤسسات المالية الإيرانية عن نظام «سويفت» الدولى للتحويلات المالية، باستثناء التحويلات الإنسانية، كما تضمنت العقوبات حظر تجارة الذهب والألومنيوم والحديد، وشملت حظر التجارة فى قطاعى السيارات والطيران التجارى، وفرض حظر على الواردات الأمريكية من السجاد والمواد الغذائية الإيرانية.
لكن على ضوء التجارب السابقة، سيكون من الصعب جدا، إن ليس من المستحيل، تنفيذ هدف منع الصادرات النفطية إلى «أقرب ما يمكن من الصفر». فاستطاعت إيران من خلال تجاربها السابقة تفادى سياسات الحصار النفطى، وأنشأت منافذ للتهرب من الحصار. فهناك، على سبيل المثال، البورصات المتخصصة التى لا تتعامل فيها الشركات المعنية بالدولار، وهناك المصارف التى ركزت عملياتها مع الدول المحاصرة والتى هى بدورها لا تتعامل بالدولار. من الطبيعى أن تصبح عمليات هذه المؤسسات محدودة النطاق لعدم تعاملها بالدولار. لكن تتحقق الأرباح من خلال حجم العمليات أو الأرباح لتى تجنيها فى التعامل مع إيران المحاصرة. ونشأت هذه المؤسسات فى الصين والهند، كما هناك سياسة شحن الناقلات الإيرانية إلى الدول المستوردة قبيل بدء الحصار وقبض ثمن الشحنات المرسلة من المصافى مسبقا من دون أى تجاوز رسمى للحصار. وهناك أيضا التعامل التجارى الإيرانى المتوسع النطاق مع الدول المجاورة مثل العراق وروسيا وكازاخستان وتركيا. ففى السنة المالية الماضية، استورد العراق من ايران ما قيمته نحو 6 بلايين دولار من المواد الغذائية والزراعية وأدوات منزلية ومواد احتياطية للسيارات، إضافة إلى 6 بلايين دولار أخرى من الغاز الإيرانى. وتشير تقارير إلى أن الرئيس حسن روحانى حاول خلال زيارته الأخيرة إلى العراق زيادة قيمة التجارة بين البلدين من 12 إلى 20 بليون دولار سنويا. وأبدت واشنطن انزعاجها من هذا التوسع التجارى بين الدولتين.
وعلى رغم كل المحاولات لتفادى الحصار، تضرر الاقتصاد الإيرانى بقوة وتراجع مستوى معيشة المواطنين وزادت عمليات الفساد والتضخم اللذين يتفشيان جراء الحصار. واضطرت طهران إلى تقليص الموازنة والنفقات وتقليص الاعتماد على النفط.
وتكمن أهمية موعد 3 مايو المقبل، بأنه نهاية موعد الاستثناءات التى منحتها واشنطن لأهم الدول المستوردة للنفط الإيرانى. وبدأت الصادرات تتدهور إلى نحو مليون برميل يوميا مقارنة بمستواها قبل الحصار البالغ 2.3 مليون برميل يوميا. وتوقعت الموازنة المقترحة أن يتقلص الريع المالى خلال السنة الحالية، ورسمت الموازنة على معدل سعرى نحو 54 دولارا للبرميل فى حين تراوحت أسعار نفط برنت خلال النصف الأول لهذا العام ما بين 60 و70 دولارا للبرميل، كما توقعت الموازنة أن ينخفض معدل الصادرات إلى نحو مليون برميل يوميا.
تدل سياسات العقوبات التى تم تبنيها بشكل مفرط على الدول النفطية، على أن هذه العقوبات لا تؤدى بحد ذاتها إلى تغيير نظام الحكم، من دون اتباعها لاحقا بخطوات عسكرية، وأن جل ما يحققه الحصار هو ضعضعة اقتصاد الدولة المحاصرة، وإلحاق الضرر بالطبقات الفقيرة، نظرا إلى فقدانها القدرة المالية لشراء الطعام والأدوية، ولعدم تمكن الدولة من الاستمرار فى دعم المواد الأساسية هذه. وتسبب أيضا هذه العقوبات بتهجير عائلات الطبقة المتوسطة نظرا إلى تدهور النظام التعليمى وبث الخوف من التطورات المستقبلية لأفراد هذه الطبقة الذين ينشدون الاستقرار والانخراط فى الحرف المهنية فى بلادهم.
فرض العقوبات على دولة، يؤدى إلى فرض ضرائب إضافية ووضع قيود وعراقيل على الاستيراد بالعملة الصعبة، ما يقلص النشاط الاقتصادى ويزرع القلق والبلبلة عند التجار والمستوردين والمستهلكين. واقترحت الحكومة الإيرانية على المجلس فى ديسمبر 2018، الموازنة للسنة المقبلة، آخذة فى الاعتبار الحصار الذى ستفرضه واشنطن. واقترحت الحكومة موازنة للسنة الإيرانية المقبلة بين مارس 2019 ومارس 2020 تزيد 40 فى المائة على الموازنة السابقة. والسبب هو توقعها زيادة الضرائب 38 فى المائة، والاعتماد على الريع النفطى بما نسبته 35 فى المائة من الموازنة، و13 فى المائة على بيع السندات وأنواع أخرى من الديون، و14 فى المائة من مصادر أخرى.
وتتوقع حكومة روحانى زيادة الضرائب فى موازنة 2019ــ2020 إلى 38 فى المائة من دخل الموازنة، بدلا من الاعتماد العالى السابق للربع النفطى. وازدادت بالفعل الرسوم على استيراد السيارات والرسوم على المواطنين عند تعاملهم مع دوائر الدولة. وشكل زيادة الضرائب على السفر أعلى ارتفاع ضمن هذه الزيادات، بما نسبته 300 فى المائة، ما أثار الكثير من الانتقادات. ومنذ مارس الماضى، يضطر المواطن الإيرانى أن يدفع ما بين 50 و60 دولارا للسفر خارج إيران. وتزداد هذه الضريبة 100 فى المائة للمسافر أكثر من ثلاث مرات سنويا. ويتوقع أن تحصل الموازنة على نحو 340 مليون دولار خلال هذه السنة المالية من ضرائب السفر هذه.
ووافق المجلس على اقتراح الموازنة بعد التأخير والانتقادات، وكان من الواضح أن الحكومة أخذت فى الاعتبار الآثار المترتبة والمتوقعة من المقاطعة، كما عكست الموازنة آثار المقاطعة بتقليص نفقات الوزارات والمساعدات لذوى الطبقات الفقيرة. لكن لم تتقلص بالنسب ذاتها عن السنة الماضية المخصصات لنهج الحكم فى دعم بسط النفوذ الإيرانى إقليميا، خصوصا مؤسسة الحرس الثورى. وأخذت الموازنة بالاعتبار أن الصادرات النفطية ستبقى عالية نسبيا خلال الأشهر الأولى من المقاطعة، ولكنها ستنخفض بشكل أكبر بعد مايو.
وتوقعت الموازنة أن يتقلص التعاون مع بعض المصارف الأجنبية التى استمرت بالتعاون مع إيران فى البداية. فنظرا إلى شدة بنود المقاطعة لتلك المؤسسات المالية التى ستستمر فى التعامل مع المؤسسات الإيرانية بعد مايو، يتوقع أن ينخفض عددها، أو على الأقل عدد التعاملات التجارية معها.

الحياة ــ لندن

التعليقات