الاختفاء القسرى.. لماذا نتآمر على أنفسنا؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاختفاء القسرى.. لماذا نتآمر على أنفسنا؟

نشر فى : السبت 20 يونيو 2015 - 11:05 ص | آخر تحديث : السبت 20 يونيو 2015 - 11:05 ص

أكثر جهة تتآمر على وزارة الداخلية هى وزارة الداخلية نفسها.. وإليكم الأسباب:

قبل نحو أسبوعين اختفى مجموعة من النشطاء السياسيين وبعضهم محسوب على جماعة الإخوان المسلمين ومنهم مصورة تدعى إسراء الطويل.

زملاء وأصدقاء وأقارب المختفين بدأوا يبحثون عنهم، وعندما عجزوا، كتبوا على صفحات التواصل الاجتماعى، ثم قدموا شكاوى لكل من يهمه الأمر.

طوال هذين الأسبوعين قامت المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية بالتعامل مع هذه القصة الخطيرة، وبعضها طالب الحكومة المصرية بسرعة الكشف عن مصير هؤلاء المختفين، ورأينا آلاف التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعى ومعظمها يصب جام غضبه على وزارة الداخلية ثم انتقادات دولية وإقليمية آخرها التقرير الصعب لوكالة أسوشيتدبرس.

كل هذه التطورات ولم يخرج أى مسئول مصرى ليقول لنا ما هى الحقيقة.

بعد مرور أسبوع على اختفاء النشطاء كان يمكن أن يخرج بيان أو تصريح من عشر كلمات فقط يقول «هؤلاء الشباب مقبوض عليهم على ذمة التحقيق فى كذا، أو تم استدعاؤهم لأى سبب وسيعودون لمنازلهم بعد انتهاء التحقيق».

كان يمكن اللجوء إلى مليون طريقة بعد القبض على هؤلاء الشباب مباشرة لإعلام المجتمع أنهم فى مكان محدد. لو حدث ذلك ما كانت لدينا أى قضية.

هل كان الإعلان عن القبض أو التحقيق مع عشرة أو عشرين ناشطا او حتى مائة سوف يسىء إلى مصر، خصوصا أن السجون مليئة بآلاف المقبوض أو المحكوم عليهم؟!.

بعد مرور نحو أسبوع على انتشار القصة ظهر بعض المختفين، وتبين أنهم تم القبض عليهم، وبعضهم تم إخلاء سبيله. لكن لم يتم أيضا إذاعة أى بيان رسمى أو حتى غير رسمى.

زادت وتيرة النشر عن الموضوع وزادت وتيرة الانتقادات داخليا وخارجيا، لكن أحدا لم يتحرك ولم يدرك أن تأثيرات هذا الصمت كارثية.

وأخيرا وبعد نحو أسبوعين تقريبا وجدنا «مصدرا قضائيا مختصا»، يخرج صباح الخميس ليقول لنا «إن المصورة إسراء الطويل تم عرضها على نيابة أمن الدولة العليا فور القبض عليها، وأن ضبطها كان بإذن من النيابة بناء على تحريات الأمن الوطنى». التهمة الموجهة لإسراء هى «بث أخبار كاذبة عن الأوضاع فى البلاد وإرسال صور لجهات بالخارج باعتبارها دلائل على انتهاج الأمن للعنف غير المبرر فى التعامل مع المتظاهرين» حسب بيانات المصدر القضائى.

السؤال ببساطة، لماذا لم يتم إذاعة هذا البيان أو التصريح فى اليوم الأول للقبض على إسراء أو أى من زملائها؟.

من هو صاحب الفكرة العبقرية فى إخفاء هذه الفتاة وغيرها كل هذا الوقت، حتى صارت كلمة الاختفاء القسرى على محرك البحث جوجل خلال الأسبوعين الماضيين لصيقة ببلد اسمه مصر؟!.

ما هو المكسب الذى عاد على مصر وسمعتها من كل هذه القصة، وهل هناك مكسب فعلا يبرر كل هذة الخسارة الجسيمة التى لحقت بسمعة الحكومة فى ملف حقوق الإنسان، وهو ملف خسرته الحكومة وأجهزتها بكفاءة منقطعة النظير طوال العامين الماضيين؟!.

نعود إلى أصل القصة ونقول إن الاختفاء القسرى مرفوض إنسانيا وأخلاقيا وقانونيا، وإدانته ينبغى أن تكون واضحة وقوية من أى شخص لديه ذرة عقل أو ضمير. ثم نذهب إلى الواقع ونكرر السؤال: من هو صاحب فكرة خطف الشبان بهذه الطريقة، ولماذا يتم الإصرار عليها، وما الذى كسبناه منها؟.

الذى فعل ذلك قدم واحدة من الخدمات الثمينة لجماعة الإخوان وكل المتطرفين والإرهابيين وجميع من يتحرش بمصر فى الخارج.. والمأساة أنها خدمة مجانية.. السؤال الملح: لماذا لا تغلق وزارة الداخلية ملف بقية المختفين، وتستخلص العبر مما حدث وتتوقف عن التآمر على نفسها؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي