المرشحون للإفلاس! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرشحون للإفلاس!

نشر فى : الجمعة 22 نوفمبر 2019 - 8:55 م | آخر تحديث : الجمعة 22 نوفمبر 2019 - 8:55 م

الديون العالمية ارتفعت بصورة كبيرة فى السنوات الأخيرة وبلغت ٢٥٥ تريليون دولار تشكل حوالى ٢٤٠٪ من الناتج الإجمالى العالمى. والأسباب كثيرة.

النمو العالمى يتباطأ، وبالتالى يقل الإنتاج، وتلجأ كثير من الدول إلى الاقتراض، وإصدار سندات الدين السيادى لتمويل عجز الموازنة، وبعبارة مبسطة فإن الإنفاق مستمر فى التزايد والإنتاج مستمر فى التناقص. والنتيجة أن نسبة نمو الديون صارت أعلى بكثير من نسبة نمو الاقتصاد العالمى. وصار تصنيف هذه الديون «سلبى» بعد أن كانت نظرة «موديز» إليها «مستقرة».

والأمر لا يتوقف على الدول فقط، بل وصل إلى الشركات عموما والكبرى خصوصا، وفى «الاقتصادات الناشئة» بالأخص، خصوصا على دول مثل تركيا والمكسيك وتشيلى الديون بدأت تأخذ منحنى تصاعديا منذ الأزمة المالية العالمية فى عام ٢٠٠٨، سواء كانت حكومية أو شركات مالية أو غير مالية أو حتى ديونا للأسر، ما يعنى أن الاقتراض يتزايد فى كل مكان، علما بأن ٧٥٪ من إجمالى الديون العالمية أى ١٩٠ تريليون دولار ديونا للقطاع غير المالى أى الحكومات والأسر والشركات الأخرى.

كانت سوق السندات ينظر إليها باعتبارها «أصول ذات ملاذ آمن» مزدحم للغاية فى الفترة الأخيرة مع اندفاع المستثمرين بسبب أزمات مثل البريكست وتباطؤ النمو العالمى وتحقيقات عزل دونالد ترامب.

والآن نسأل: ما هى الدول التى سوف تتأثر أكثر بارتفاع حجم مديونيتها، وهل هناك دول مرشحة للإفلاس أو على الأقل الدخول فى أزمات حادة؟!

مبدئيا فارتفاع حجم المديونية، حتى لو كان لأرقام قياسية، ليس له نفس الأثر الخطر المباشر على كل الدول بدرجة متساوية.

الصين هى أعلى مديونية فى العالم بإجمالى ٤٠ تريليون دولار ٢١٪ من الديون العالمية، وبعدها أمريكا ٢٣٪ تريليون بنسبة ١٢٫٥٪ من المديونية العالمية، ورغم ذلك فلا يمكن لأحد أن يقول إنهما سوف يعلنان إفلاسهما، فى حين أن ديون فنزويلا التى لا تزيد عن ١٥٠ مليار دولار تضعها تحت خطر الإفلاس الفعلى.

أمريكا أقوى اقتصاد فى العالم بناتج قومى إجمالى يبلغ تريليون دولار، والصين فى المركز الثانى بناتج قومى إجمالى وبالتالى فهما يتمتعان باقتصاد قوى جدا يحميهما من خطر أعباء الديون. فى حين أن فنزويلا تحتاج إلى تكريس دخلها من الصادرات النفطية كاملا لمدة ست سنوات لتسوية أزمة الديون.

ترتيب الدول الأكثر مديونية مقارنة بالناتج القومى الإجمالى لها هى اليابان ٢٣٥٪، اليونان ١٩١٪، والسودان ١٧٦٪، وفنزويلا 162٪، ولبنان ١٦٠٪. لكن مرة أخرى ليس ذلك مؤشرا وحيدا، لأن الاقتصاد اليابانى قوى جدا، ويحتل مكانه فى الخمسة الكبار عالميا، وبالتالى فارتفاع الديون لا يشكل خطرا، لكن الحال مختلف تماما فيما يتعلق بلبنان مثلا الذى هتف العديد من مواطنيه مؤخرا قائلين: «يسقط يسقط حكم المصرف»!!

الدول التى تواجه صعوبات قوية فيما يتعلق بديونها العامة هى بريطانيا على خلفية البريكست، وتركيا التى انهارت عملتها بنسبة زادت عن ٣٠٪، وهونج كونج، وجنوب إفريقيا والمكسيك. الديون السيادية الحكومية لـ١٤٢ دولة زادت عن ٦٣ تريليون دولار والخطر الأكبر يحيق بدول فى قارة أمريكا اللاتينية خصوصا فنزويلا والأكوادور والمكسيك والأرجنتين. فى حين أن الدول التى لا تعانى من أى مشاكل فى الديون هى كندا والدنمارك.

الدول الأقل ديونا مقارنة مع ناتجها المحلى هى: هونج كونج وبروناى وأستونيا والسعودية وبوتسوانا وروسيا والكويت ونيجيريا والإمارات والجزائر. ومرة أخرى فهذا ليس مؤشرا نهائيا، فهونج كونج بدأت تعانى بسبب استمرار الاحتجاجات السياسية الضخمة فيها، كما بدأت السعودية فى الاستدانة التى وصلت إلى ٤٢٥ مليار ريال.

المؤشر الأكثر دقة هو مقارنة هذه الديون ونسبتها إلى الإنتاج الكلى والصادرات والاستثمارات الانتاجية.

عربيا فإن حجم الديون فى أوائل العام الماضى لعشرين دولة عربية بلغ تريليون دولار بزيادة قدرها ١٣٤٫٥٪ عن معدلات ديون عام ٢٠٠٠ التى بلغت ٤٢٦ مليار دولار. مصر فى مقدمة الدولة العربية الأكثر استدانة، لكن الديون الأخطر موجودة فى لبنان حيث بلغت ١٦٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى.

أحد الأسباب الرئيسية أيضا هو وجود ما يسمى بظاهرة «المال الرخيص» نظرا لسهولة الاقتراض بسبب انخفاض سعر الفائدة فى غالبية بلدان العالم لفترات طويلة.

وإذا كانت الدول الغنية قادرة على التعامل مع أزمة ديونها فإن المشكلة فى الدول الفقيرة أو المتوسطة، التى ستجد نفسها مضطرة لتخصيص معظم دخلها وإيراداتها لسداد أقساط وفوائد الديون فقط.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي