السلطان قابوس يعتقد أن طريق التهدئة بين واشنطن وطهران يمر عبر المحادثات مع نتنياهو - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السلطان قابوس يعتقد أن طريق التهدئة بين واشنطن وطهران يمر عبر المحادثات مع نتنياهو

نشر فى : الأحد 26 مايو 2019 - 9:50 م | آخر تحديث : الأحد 26 مايو 2019 - 9:50 م

فى الأسبوع الماضى طلب اتحاد الإمارات رسميا من الولايات المتحدة مساعدته فى التحقيق فى أعمال التخريب التى تعرضت لها بعض السفن التجارية بالقرب من إمارة الفجيرة. وقعت الحادثة فى المياه الإقليمية التابعة لاتحاد الإمارات فى خليج عُمان، بالقرب من مضيق هرمز ــ ممر ضيق يمر فيه النفط الخام المصدّر من منطقة غنية بالنفط.

بالاستناد إلى المؤشرات الأولى، سفينة واحدة تعرضت للغم بحرى. مع ذلك، لم يُعرف بعد مَن يقف وراء هذا العمل. مسئولون أمريكيون رفيعو المستوى قالوا إن إيران هى المشتبه به الأساسى، وأن العمل «يتطابق» مع أسلوبها.

جرت التطورات الأخيرة بموازاة تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. فى الأسبوع الماضى بدأت إيران بسبب ضائقتها الاقتصادية ــ الناجمة، بين أمور أُخرى عن سياسة «الضغط الأقصى» التى يمارسها الرئيس دونالد ترامب ــ هجوما تضمّن تهديدات بالإضافة إلى جهود إقناع، الغرض منها تحويل اهتمام العالم نحوها، والتوصل إلى إلغاء العقوبات المفروضة عليها.

فى إطار المقاربة الأمنية التى تبلورها الولايات المتحدة فى الخليج الفارسى حاليا، أرسلت قبل أسبوعين طائرات قاذفة من طراز بي ــ 52 إلى القاعدة الجوية فى قطر. ووصلت حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» إلى المنطقة.

الهدف الاستراتيجى لترامب فى الشرق الأوسط هو عزل إيران من خلال إقامة علاقات بين إسرائيل والدول الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى (الذى يضم اتحاد الإمارات، والبحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والسعودية)، لكن الخلاف بين هذه الدول، وخصوصا بين السعودية واتحاد الإمارات وبين قطر، وبين اتحاد الإمارات وعُمان، يهدد ليس فقط سياسة «الضغط الأقصى» على إيران، بل أيضا يمكن أن يعرقل تحقيق الأهداف الإقليمية للولايات المتحدة سنوات طويلة.

كل دول الخليج تؤدى دورا مهما فى الاستراتيجية الأمريكية، وعلى الرغم من أن الأطراف تبحث «أزمة قطر» منذ زمن طويل، فلا يزال غير معروف ما هى القضايا التى ترغب هذه الأطراف مستعدة لحلها من دون المسّ بسيادة قطر، وما هى القضايا التى يمكن أن تؤدى إلى تفكك الحلف الدفاعى بين دول الخليج.

التوتر السائد بين عُمان وبين اتحاد الإمارات والسعودية ناجم فى الأساس عن قرار المملكة العربية السعودية إرسال نحو 5000 جندى وآلاف المتطوعين إلى اليمن، المحاذية لعُمان. كما أرسل اتحاد الإمارات قوات خاصة إلى جزيرة سقطرى اليمنية، وهاتان الخطوتان شكلتا تطويقا استراتيجيا لعُمان من جاراتها.

هذه الدينامية الإقليمية تعقّد المعركة التى تخوضها إدارة ترامب ضد إيران، وتزعزع أيضا الأمن فى أنحاء الشرق الأوسط. إن التوترات بين دول الخليج تُلحق الضرر بالقدرة على محاربة الإرهاب معا، وبالمساعدة على تحقيق الاستقرار فى العراق وفى سوريا فى مرحلة ما بعد داعش. ولا تنحصر هذه النزاعات فى شبه الجزيرة العربية بل تؤثر أيضا فى ليبيا التى، بدورها، تؤثر فى أوروبا وفى تدفق جموع اللاجئين إليها من منطقة الصحراء الكبرى فى إفريقيا.

على الرغم من هذه التحديات لا تزال هناك إمكانيات لحل الأزمة بين دول الخليج. ولا تزال هناك فرصة لإقامة «حلف استراتيجى شرق أوسطي ــ إطار أمنى مشترك الغرض منه تجميع القوى، على الأقل فى المستوى السياسى، بين الدول الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى، ومصر والأردن، فى حربها من أجل أهداف مشتركة: محاربة الإرهاب ولجم التطلعات الإقليمية لإيران. مستقبلا، من المتوقع أن تنضم إسرائيل وفلسطين إلى الحلف كدول مراقبة، وهذه خطوة يمكن أن تساهم فى حل النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى.

لكن لا يمكن تبديد التوتر مع إيران فقط من خلال زيادة القوات العسكرية الأمريكية فى الخليج. يجب أن يترافق هذا الوجود مع استراتيجية دبلوماسية إزاء إيران. وعُمان لها مكانة خاصة تسمح لها بالتوسط بين الطرفين.

عُمان هى الدولة الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجى التى ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران، لذلك تتمتع بمكانة خاصة يمكن أن تساعد على تبديد التوترات السائدة فى المنطقة. ويقدم قابوس نفسه كوسيط محتمل بين إسرائيل وإيران ــ التى تُعتبر العدو الأول لإسرائيل ــ وأيضا بين إيران والولايات المتحدة.

فى ضوء قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، ورفضه الجلوس للتفاوض مع إيران طالما لا تزال توسّع تدخلها العسكرى فى الشرق الأوسط، يبدو أن قابوس مقتنع بأن مسار تهدئة العلاقات بين طهران وواشنطن يمر عبر القدس، من خلال اتصالات مباشرة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن موضوع إيران.

اللافت أن إيران امتنعت من انتقاد عُمان عندما استضافت بنيامين نتنياهو وإسرائيليين آخرين، بينهم رئيس الموساد. السبب بسيط: طهران تعلق أهمية على علاقاتها مع مسقط، ولا تريد المسّ بها. هامش المناورة الذى تتمتع به عُمان ــ قدرتها على التوسط، ونقل الرسائل وتقليص خطر حدوث سوء فهم قاتل ــ ازدادت أهميته حاليا، مع ازدياد التوتر بين واشنطن وطهران. يجب على شركاء الولايات المتحدة وضع الخلافات فيما بينهم جانبا ودعم بعضهم بعضا فى جهودهم للمحافظة على الاستقرار الهش فى المنطقة.

التعليقات