أن نتعلم من «هاآرتس» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أن نتعلم من «هاآرتس»

نشر فى : الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 - 12:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 - 12:15 ص

لماذا ليس من «نيويورك تايمز» الأمريكية أو «جارديان» البريطانية أو «لوموند» الفرنسية؟
لأن المجتمع الإسرائيلى، أى مجتمع «هاآرتس»، أقل تقدما وأقل ديمقراطية من مجتمعات الصحف المذكورة. ولأننا فى حالة عداء مع الدولة الإسرائيلية ذات الممارسات الاستيطانية والعنصرية حيال الشعب الفلسطينى. إذا، القياس هنا ليس مع حالات سهلة أو مع موضع إجماعات. وهو ليس من قبيل التبشير القديم والمضجر الذى عرفته الثقافة العربية: «تشبهوا بما يجرى فى الغرب البعيد. لماذا أنتم مختلفون؟».
مع «هاآرتس» الجارة جغرافيا، يصعب العثور على نقد صارم لتلك الممارسات الإسرائيلية ولنزعتها الشوفينية والحربية كالذى نجده على صفحاتها. هذا فضلا عن نقدها الفساد والشعبوية فى بيئة الحكام الإسرائيليين، وبالطبع إدانتها الصريحة والثابتة والتى لا مواربة فيها لبنيامين نتنياهو وحزبه ووزرائه، وأيضا لقادة الأحزاب المعارضة.
الدعوة إلى التعلم من «هاآرتس» جارحة لنرجسيتنا، أو هكذا، فى حد أدنى من الحساسية، ينبغى أن تكون. لكن بعضنا الكثير يؤثر الرد على الجرح بالمكابرة و«الشنفخة»، مؤكدين على انعدام أثرها بسبب ضعف توزيعها (فيما تُغلَق صحفنا)، أو على أنها صهيونية هى الأخرى، لا تقول بتحرير فلسطين وإزالة إسرائيل من الوجود، أى بإزالتها هى نفسها!
حسنا.. هذا يجعل الدعوة إلى التعلم منها أشد إلحاحا، لا سيما اليوم.
فاليوم، فى العالم العربى كله، وباستثناء بلدان قليلة جدا كلبنان والعراق وتونس، يستحيل نقد الحاكم أو حتى تسميته من دون إرفاق الذكر بأفعال التفضيل فى صيغتها الأكثر انتفاخا بالمجد. ومن ذاك اللقاء بين جوع الحكام إلى المديح، وهو جوع لا يشبع، واستعداد الكتاب إلى المدح، وهو أيضا استعداد لا يشبع، يتشكل وضع قاتل ومهين للطرفين. الأمر عندنا كان دائما كذلك، لكنه لم يكن مرة كما هو اليوم.
وحين يكون الحاكم والناشر والمحرر شخصا واحدا تقريبا، أو حين تنعدم المسافة بين الثلاثة، تكون النتيجة ما نراه الآن وما نعيشه مما تجهد اللغة لوصفه. هذا ما ينبغى أن يُقلق الحاكم الذى جعل صدى صوته الصوت الوحيد الممكن الوجود، واكتفى من الاستنتاجات الكثيرة التى يضج بها عالمنا الراهن باستنتاج وحيد هو أن الثورات العربية تركتْه غير ممسوس، بل أقوى مما كان. هكذا بات يستطيع أن يفعل ما يشاء متذرعا بمكافحة الإرهاب أو بمكافحة التطرف الإسلامى، والاثنان واحد فى الغالب، فيما يتطوع بيننا المتطوعون للقول إن من يتجاوز الكبيرة كبير بالضرورة، وهو تاليا لا بد أن يتجاوز الصغيرة بنجاح يُحسد عليه. والناجح، فى هذا الحساب، هو المُحق. البرهان: أنه نجح.
فلنذكر بأن «هاآرتس» تصدر أيضا فى منطقة مضطربة لا ينقصها التوتر والنزاع والدعوات إلى التلاحم من أجل الشعب والأمة والقضية.
ولنذكر بأن الإسرائيليين ليسوا أكثر استحقاقا منا لحرية التعبير. ألا يثير تفوق العدو الكريه غيرة أحد؟

حازم صاغية
الحياة ــ لندن

التعليقات