سليمان فياض يكتب عن ابن النفيس: الطبيب الفيلسوف النابغة في الفقه والحديث - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:55 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سليمان فياض يكتب عن ابن النفيس: الطبيب الفيلسوف النابغة في الفقه والحديث

الطاهر عماد
نشر في: الإثنين 27 أبريل 2020 - 8:52 م | آخر تحديث: الإثنين 27 أبريل 2020 - 8:52 م

هو علاء الدين على بن أبى الحزم ابن النفيس القرشى، المولود فى حمص عام 1210 م، بدأ حياته بدراسة الفقة والحديث وعلوم اللغة العربية، وله عدة كتب فيها.

قرر ابن النفيس أن يترك حمص ويرحل إلى دمشق فى الشام لكى يدرس علم الطب فى المستشفى النورى، ولم يعد إلى حمص مرة أخرى.

ودرس فى دمشق على يد الفيزيائى ابن الدخوار، وتعلم على يديه علوم الطب جميع، وقضى ابن النفيس عشر سنوات فى دمشق وصار إمام فى علم الطب، يضاهى بعلمه أساتذته وأصبح معروفا فى الشام كله.

ثم رحل إلى مصر ليصبح مسئولًا عن المستشفى الناصرى فى القاهرة، وفى تلك الفترة تعرضت مصر لوباء فتاك، فوقف ابن النفيس مع أطباء مصر يقود حملة لمكافحة الوباء طوال ستة أشهر حتى تم الخلاص منه، فنال ابن النفيس مكانة مرموقة لدى المصريين.

كتب ابن النفيس العديد من المؤلفات عن أمراض العين والأنظمة الغذائية، كما كتب شروحات ومؤلفات فى الطب لكل من أبقراط وابن سينا ابن إسحاق.

وهو مكتشف الدورة الدموية الصغرى، التى مهدت لاكتشاف الدورة الدموية الكبرى بعد ذلك، حيث توصل إلى أن الجدار الفاصل بين بطينى القلب الأيمن والأيسر جدار صلب لا مسامات فيه، عارض رأى غالين الذى كان يرى أن الدم يمر مباشرة من الجانب الأيمن إلى الأيسر، فأكد ابن النفيس على نحوٍ واضحٍ أن الدم يمر من البطين الأيمن إلى الأيسر عبر طريق يمر بالرئتين، إلا أن هذا الاكتشاف لم يلقَ أى اهتمام، بل فى الواقع ظل مجهولًا من قبل الفيزيائيين الغربيين ولم يخرج إلى الضوء حتى القرن العشرين.

لم تقتصر شهرة ابن النفيس على الطب، بل كان يُعد من كبار علماء عصره فى اللغة، والفلسفة، والفقه، والحديث، وله كتب فى غير المواضيع الطبية، منها الرسالة الكاملية فى السيرة النبوية، وكتاب فاضل بن ناطق.

أما فى الطب فكان يعد من مشاهير عصره، وله مصنفات عديدة اتصف فيها بالجرأة وحرية الرأى، إذا كان، خلافًا لعلماء عصره، يناقض أقوال ابن سينا وجالينوس عندما يظهر خطأها.

أما كتبه فأهمها: المهذب فى الكحالة (أى فى طب العيون)، المختار فى الأغذية، وشرح فصول أبقراط، شرح مسائل حنين بن إسحق، وشرح الهداية، الموجز فى الطب (وهو موجز لكتاب القانون لابن سينا)، شرح قانون ابن سينا، بغية الفِطن من علم البدن، شرح تشريح القانون الذى بيّن أن ابن النفيس قد سبق علماء الطب إلى معرفة هذا الموضوع الخطير من الفيزيولوجيا بحيث أنه وصف الدوران الرئوى قبل عصر النهضة بقرون.

لم تعرف العصور الحديثة اكتشاف ابن النفيس إلّا فى عام 1924، وكان ذلك عن طريق المصادفة، حيث عثر العالم محيى الدين التطاوى أثناء دراسته لتاريخ الطب العربى ألمانيا، على مخطوطةٍ عنوانها «شرح تشريح القانون» والتى كان ابن النفيس قد كتبها بخط يديه يشرح بها طريقة سريان الدماء فى الجسم فيما يعرف بالدورة الدموية الصغرى، حيث تم إخفاء تلك المخطوطة لعدة سنوات وسرقة محتواها العلمى. تميز ابن النفس باستقلال الفكر واعتماد المنهج التجريبى فى إثبات الحقائق العلمية من رصد، ومشاهدة، ومقارنة، وملاحظة، وإجراء التجارب.

ويقول الدكتور محمد أمين فرشوخ عن ابن النفيس: «كان يخضع أبحاثه لمنهجٍ علمى واضح، فقد درس أعمال من سبقه من العلماء والأطباء قبل أن يحكم على غير السليم منها ويعتمد الجيد لبناء نظرياتٍ جديدة، وقد اهتم بالظواهر والعوامل المؤثرة فى جسم الإنسان أكثر من اهتمامه بالطب العلاجى، لذلك يمكننا اعتباره عالمًا محققًا، بل كان رائدًا فى علم وظائف الأعضاء، مع تسجيلنا إنجازاته التى سبق بها عصره، كما أنه كان الأول فيمن كتب فى أصول الفقه وعلم الطب».

عاش ابن النفيس ستا وخمسين سنة فى القاهرة، وتوفى عام 1288 فى المستشفى المنصورى الذى كان يعمل به كبيرًا للأطباء.

ومرض قبل وفاته مرضًا شديدًا لعدة أيام، وحاول الأطباء علاجه باستخدام الخمر ولكنه رفض ذلك رفضًا شديدًا قائلا جملة شهيرة «لا ألقى الله وفى جوفى شيء من الخمر».

وبعد نحو ستة أيام من المرض، وافته المنية عن عمر ناهز الثمانين عامًا، وآخر ما قاله وهو يوصى تلامذته وزملاءه على الحفاظ على قيمة وأهمية العلم «إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك