تونس: هل يتجاوز البرلمان الجديد تحدي الشرعية؟

آخر تحديث: الأربعاء 1 فبراير 2023 - 7:19 ص بتوقيت القاهرة

بي بي سي

انتهت الانتخابات التشريعية بدورتيها في تونس وانبثق عنها برلمان جديد لا يشبه القديم ولا علاقة له به برلمان وضع مقاساته الرئيس قيس سعيد وسهر على إخراجها الى حيز الوجود.

ويحق للرئيس أن يقول إن مراحل خارطة الطريق التي وعد التونسيين بأن تكون المخرج من محنهم قد اكتملت وأن مرحلة استتباب الاستقرار السياسي وعودة الازدهار الاقتصادي على الأبواب؟ لكن هل يضمن الرئيس والبرلمان والنظام السياسي الجديد عودة الهدوء الى تونس؟

ويواجه النظام السياسي برموزه ومكوناته وانتخاباته في تونس تحديات سياسية كبرى أهمها اكتساب الشرعية الدستورية والمصداقية الشعبية. فجل الأحزاب السياسية وفئات واسعة من المجتمع التونسي تطعن في النظام الدستوري الجديد وفي نتائج كل عمليات الاقتراع والتصويت وتطالب بتنحي الرئيس سعيد منذ إعلان إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو من عام 2021.

ومنذ ذلك التاريخ عمل الرئيس سعيد على وضع نظام سياسي رئاسي استبعد منه دور الأحزاب السياسية، بل سعى الى مسحها من الوجود. ويتمتع الرئيس طبقا للدستور الجديد الذي خطه بنفسه، بسلطات واسعة. فهو من يعيّن الحكومة ويقيلها ويضبط السياسة العامة للدولة ويحدد توجهاتها ويُبلغ البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم بها فقط.

وقد جرت الانتخابات الأخيرة وفق قانون جديد مثير للجدل أصدره الرئيس قيس سعيد في منتصف شهر سبتمبر الماضي بدلاً من القانون الانتخابي لعام 2014. وبموجبه اختار التونسيون مرشحيهم على أساس فردي بدلا من اختيار قائمة حزبية واحدة. وبذلك تخلص الرئيس التونسي من "صداع" الأحزاب السياسية بعد أن قلص دورهم في الحياة السياسية.

وسجلت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية نسبة مشاركة ضعيفة لم تتعد 11% اعتبرها الرئيس قيس سعيد تأكيدا على تمتعه بدعم شعبي أكبر من المعارضة. وعزا المقاطعة الشعبية للغالبية العظمى من الناخبين لعدم اكتراث 90% منهم بالتصويت لأنهم فقدوا ثقتهم في البرلمان ولم يعد يعني لهم شيئا على حد تعبيره.

ووصف أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص المعارضة العزوف الواسع عن الانتخابات التشريعية بأنه فشل ذريع للرئيس سعيد. وأشار إلى أن 90% من التونسيين أداروا ظهورهم للعملية الانتخابية.

وقال الشابي إن الجبهة لن تعترف بنتائج انتخابات جرت في ظل انقسام سياسي وأزمة اقتصادية ومعيشية خانقة. وحث القوى السياسية والمدنية إلى الوحدة من أجل "إحداث التغيير المنشود المتمثل في رحيل الرئيس وإجراء انتخابات مبكرة".

من جهتها، طالبت 5 أحزاب تونسية أخرى معارضة - هي التيار الديمقراطي، والقطب، والجمهوري، والعمال، والتكتل - بالوقف الفوري لما سمته "الانقلاب".

وقالت في بيان مشترك إن البرلمان المنبثق عن "مهزلة الانتخابات الجديدة فاقد للشرعية، وعنوان من عناوين الأزمة." واعتبرته صوريا بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية ولا تأثير له على السياسات العامة.

وترى المعارضة أن البرلمان الجديد ولد ضعيفا ولا وزن سياسي لأعضائه ولا يجمعهم برنامج. وتعاني هيكلة البرلمان من "ثقوب" كثيرة، ذلك أنه في الدورتين الماضيتين لم يتم انتخاب أي مرشح عن سبع دوائر انتخابية في الخارج. وسيتعين على المجلس الجديد تسجيل شغور 7 مقاعد في أول جلسة عامة له ثم مراسلة هيئة الانتخابات للدعوة إلى إجراء انتخابات جزئية.

وسيمارس النواب الجدد صلاحيات محدودة ففيما كان البرلمان السابق يتمتع بقوة عرض مشاريع القوانين وفقا لدستور 2014، سيفقد البرلمان الجديد هذه الصلاحية بعد أن استولى عليها الرئيس الذي اكتسب حق عرض مشاريع القوانين مع أولوية النظر فيها، في حين أصبح للنواب حق عرض مقترحات القوانين بشرط أن تكون مقدمة من 10 نواب.

لكن مؤيدي الرئيس يرون أن البرلمان المقبل سيكون مؤثرا في التوازنات السياسية مع الرئيس، وفي تمرير مشاريع القوانين، وفي مراقبة الحكومة وسحب الثقة منها.

لا يبدو أن أزمة تونس السياسية اوشكت على نهايتها. فالرئيس سعيد ماض في خطته لكن أمامه وحكومته والبرلمان الجديد تحديات كبرى يمكن اختصارها في شرعية تقول المعارضة إن سعيد وحكومته والبرلمان افتقدوها ويرد الرئيس بالقول ان مراحل خارطة طريق اكتملت وحان الوقت للعودة لنظام سياسي يتحكم هو دون غيره في مصيره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved