دراسة حديثة.. كيف يمكن تخفيف الآثار النفسية السلبية للعزل الصحي؟

آخر تحديث: الإثنين 1 يونيو 2020 - 2:09 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

منذ انتشار فيروس كورونا المستجد، سعت العديد من البلدان لوضع شعوبها تحت الحجر الصحي الشامل أو الجزئي، كإجراء لتقليل فرصهم في انتقال العدوى، حيث ينظر إلى الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي كالطريقة الوحيدة الفعالة لتجنب الإصابة.

غير أن دراسة حديثة، أثبتت أن الحجر الصحي وإجراءات التباعد الاجتماعي يخلف آثارا نفسية سلبية لدى الأشخاص الذين يخضعون للعزل الصحي، الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية بإجراء مراجعات سريعة الغرض منها هو مساعدة واضعي السياسات على توفير إرشادات للجمهور بشأن آثار الحجر الصحي والتخفيف من آثاره.

وأجرى الدراسة كل من سامانثا بروكس، ريبيكا ويبستر، لويز سميث، ليزا وودلاند، سيمون ويسيلي، نيل غرينبرغ، وجيدون روبين، من قسم الطب النفسي في جامعة كينجز كوليدج في مدينة لندن، وتم نشرها في مجلة "ذا لانست".

حيث شملت الدراسة أشخاص من 10 دول والذين تم عزلهم بسبب السارس والإيبولا ووباء إنفلونزا الخنازير لعامي 2009 و2010 ومتلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط، ومن خلال هذه الدراسة تم التعرف على الضغوط التي يمر بها الانسان أثناء الحجر الصحي والضغوط التي تأتي بعد هذه الفترة.

وذكر التقرير المنشور في موقع "سيكولوجي توداي" أن الأعراض التي رصدتها الدراسة خلال فترة الحجر هي:
-مستوى منخفض من الصحة النفسية، بالتحديد تعرض الشخص للإجهاد والغضب والقلق المتزايد.

- وُجد أن المشاركين لديهم ضغط كبير على إصابة الآخرين أو إنتقال العدوى منهم، وخاصة أفراد الأسرة، بشكل عام كان يوجد خوف من العدوى.

- غالبًا ما ثبت أن البقاء في المنزل طويلاً، وفقدان الروتين المعتاد، وانخفاض الاتصال الاجتماعي والبدني مع الآخرين يتسبب في الملل والإحباط والشعور بالعزلة عن بقية العالم، وهذا يسبب شعور بالألم في نفس الشخص.

- كان نقص الإمدادات الأساسية مثل الطعام أو الماء أو الملابس أو الإقامة أثناء الحجر الصحي مصدرًا للإحباط واستمر في ارتباطه بالقلق والغضب بعد 4 إلى 6 أشهر بعد إنتهاء فترة الحجر.

- وأشار العديد من المشاركين في البحث إلى ضعف المعلومات من سلطات الصحة العامة مما مثل لهم مصدر ضغط، حيث أفادوا بعدم كفاية المبادئ التوجيهية الواضحة حول الإجراءات التي يجب اتخاذها والارتباك حول الغرض من الحجر الصحي.

أما الأعراض التي جاءت بعد الحجر الصحي:
- مع عدم قدرة الأشخاص على العمل واضطرارهم إلى مقاطعة أنشطتهم المهنية دون تخطيط متقدم، تسببت الخسارة المالية نتيجة للحجر الصحي في ضائقة اجتماعية واقتصادية خطيرة ووجد أنها عامل خطر لأعراض الاضطرابات النفسية والغضب والقلق بعد عدة أشهر من الحجر الصحي، كما زاد من فرص إصابتهم باضطراب ما بعد الصدمة.

- كانت وصمة العار من الآخرين موضوعًا رئيسيًا في جميع أنحاء الدول التي تم إجراء البحث فيها، وغالبًا ما تستمر لبعض الوقت بعد الحجر الصحي، حتى بعد احتواء تفشي المرض، وأشار الباحثون أن هذا ربما لا يحدث مع فيروس كورونا ولكن هناك مؤشرات لتعرض البعض وشعورهم بوصمة العار بسبب المرض.

وأشارت نتائج البحث إلى أنه في حين أن الحجر الصحي هو إجراء وقائي ضروري، فإنه غالبًا ما يرتبط بالتأثيرات النفسية السلبية، على الرغم من أن هذه الآثار السلبية ليست مفاجئة، وتشير الدلائل إلى أنه يمكن اكتشاف العديد منها في المشاركين لشهور أو حتى سنوات بعد الحجر الصحي، وهو ما يدفع الجهات إلى تقديم إجراءات تساعد في إصلاح هذه الحالة بعد انتهاء الحجر.

وأوصى القائمون على البحث بعد مراجعتهم كافة تفاصيله، بمجموعة من الخطوات الصحية لتقليل مخاطر التأثير النفسي للحجر الصحي:

- عدم اعتماد نهج احترازي مفرط في مدة الحجر الصحي، وذلك سيقلل من التأثير على الناس بصورة سلبية.

- قدم للناس أكبر قدر ممكن من المعلومات، يجب التأكد من أن أولئك الذين يخضعون للحجر الصحي لديهم فهم جيد للمرض المعني، وأسباب الحجر الصحي.

-توفير الإمدادات الكافية، حيث يجب أن يتأكد المسؤولون من أن الأسر المعزولة لديها ما يكفي من الإمدادات لتلبية احتياجاتها الأساسية، والأهم من ذلك، يجب توفيرها في أسرع وقت ممكن.

- الملل والعزلة يسببان مشاعر سلبية، يجب إخطار الأشخاص المعزولين بشأن ما يمكنهم فعله لدرء الملل وتزويدهم بنصائح عملية حول أساليب التكيف وإدارة الإجهاد، و القدرة على التواصل مع العائلة والأصدقاء ضرورية أيضًا.

-من المهم أيضًا أن يحافظ مسؤولو الصحة العامة على خطوط اتصال واضحة مع الأشخاص الذين تم عزلهم بشأن ما يجب فعله إذا شعروا بأي أعراض، من شأن خط الهاتف أو الخدمة عبر الإنترنت التي تم إعدادها خصيصًا لأولئك في الحجر الصحي والموظفين من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يمكنهم تقديم تعليمات حول ما يجب فعله في حالة ظهور أعراض المرض، أن يساعدوا في طمأنة الناس أنهم سيحصلون على رعاية إذا مرضوا وستظهر هذه الخدمة لمن تم عزلهم أنهم لم يتعرضوا للتجاهل وأن احتياجاتهم الصحية لا تقل أهمية عن احتياجات الجمهور الأوسع.

وقال الدكتور جيمي أتين، مدير ومؤسس مركز إدارة الكوارث الإنسانية: "باختصار تهدف هذه الدراسة للتعريف بالضغوطات وأساليبها في التخفيف إلى تزويد واضعي السياسات بالأدوات المناسبة اللازمة لإيصال المعلومات إلى الجمهور، هذه الدراسة ضرورية أيضًا لأنها تدمج المعلومات المكتسبة من الأوبئة السابقة لإبلاغ المواقف المستقبلية بتأثيرات مشابهة للمساعدة في صياغة خطط الاستجابة للكوارث".

في حين أن التأثيرات الجسدية عادة ما تكون العامل الوحيد المعتبر في حالات الطوارئ، فإن هذه الدراسة تظهر ترابط الصحة العقلية والعوامل الجسدية أيضًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved