شكري: مصر أبدت مرونة كبيرة في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي

آخر تحديث: الأربعاء 1 يوليه 2020 - 1:16 ص بتوقيت القاهرة

أ ش أ

قال وزير الخارجية سامح شكري، الثلاثاء، إن مصر أبدت مرونة كبيرة في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.
وأكد شكري - في مقابلة خاصة مع قناة "سكاي نيوز" الإخبارية بقتها الثلاثاء - أن مصر واثقة من سلامة موقفها في قضية سد النهضة.
وأضاف أن هذا الموقف لم يتولد بالأمس وإنما هو نتاج عمل طويل الأمد في دراسة كل القضايا والأبعاد سواء السياسية أو القانونية المرتبطة بسد النهضة ومياه النيل.
وأوضح أن هناك فنيين وعلماء يتناولون هذا الأمر بشكل كثيف لأنه أمر يهم مستقبل الشعب المصري، فبالتالي لدينا اطلاع على الأبعاد والإطار التاريخي وعلى قضية سد النهضة تحديدا منذ أن نشأت في عام 2011 ويتم مراجعتها بشكل دوري من قبل متخصصين في وزارة الخارجية ووزارة الري ومن خلال استشارات من وزراء سابقين والمتخصصين في الجامعات سواء في مجالات الري أو مجالات السدود أو النواحي القانونية.
وقال شكري "إن لدينا رصيدًا واسعًا من التناول لهذا الأمر وفي النهاية كانت دائما وجهة النظر المصرية قائمة على وضع أنفسنا في مركز الطرف الآخر لنتعرف على احتياجاته وحدود الحركة حتى لا يكون في طلبنا أي مبالغة أو أي خروج عن الإطار الذي يتسق مع القانون الدولي.
وبسؤاله عما إذا كان لدى مصر ما يعزز طلباتها في الحوار الثنائي مع إثيوبيا وفي الحوار الثلاثي مع السودان، قال "إن مصر ركزت خلال هذه المفاوضات على نطاق هذه المفاوضات وهو سد النهضة وهو ليس مرتبطا بأي قضايا أخرى وليس مرتبطا بأي اتفاقيات أخرى وأي أطر في السابق تم تناولها، وإنما كل ما هناك هو الحديث والتفاوض على كيفية ملء وإدارة سد النهضة".
وأوضح "تفاجأنا خلال الجلسات الأخيرة التي عقدت بدعوة من السودان بإثارة إثيوبيا أمورا لم تكن أبدا محل تناول على مدى 10 سنوات التفاوض، وهو وضع يوجد به بعض المفاجأة بالنسبة لنا أن تكون محل إثارة أو تكون مطروحة".
وقال الوزير "إننا نركز على هذه القضية وكان واضحا أيضا خلال مفاوضات واشنطن ضرورة التركيز عليها من الناحية الفنية البحتة وعدم الخلط بينها وبين قضايا أخرى ليست محل نقاش، هي قابلة للنقاش بدون شك، ولكن ليس اتصالا بالقضية الحالية وهي ملء وتشغيل سد النهضة".
وبالنسبة للشق الفني الخاص بسد النهضة وما إذا كان لدى مصر والسودان مخاوف فنية في بنية السد وتشغيله مما يؤثر سلبا على السودان أولا ثم على مصر، قال شكري إنه لم يتم الاطلاع بشكل كاف على الرسومات الإنشائية ودراسات الأمان والتفاصيل بتعمق وبشكل شامل بما يطمئن مصر والسودان.
وأوضح أنه نظرا لوجود السد على مقربة 20 كيلومترًا من حدود السودان وهذه الكمية الضخمة من المياه التي سيتم حجزها وراء السد ستجعل السودان في خطر داهم لأنه لو حدث أي نوع من الانهيار سيؤدي إلى غمر السودان في غضون ساعات أو أيام ولن تكون هناك القدرة على أي جهود لمقاومة ذلك وتجاوز هذه السلبيات، و كان من المفترض أن يتم الاطلاع على الدراسات وعلى القواعد الإنشائية للسد للاطمئنان على أن السد من الناحية الإنشائية يتسق مع القواعد السليمة العلمية وليس بغرض أي شيء .
وأشار إلى أن الجانب الإثيوبي دائما كان هناك حديث عن توفير بعض المستندات وليس كل المستندات الخاصة بالدراسات للسد ، ودائما كان هذا الأمر يتم إثارته من قبل المفوض السوداني والمفوض المصري.. "أتصور أن هذا كان واضحا فيما تضمنته كلمة مصر في مجلس الأمن وأيضا كلمة السودان من أجل الاحتياج إلى مزيد من الثقة بالنسبة للوضع الإنشائي للسد".
وقال وزير الخارجية " نحن نتطلع إلى أن نصل إلى حل مرض للجانبين طول المفاوضات.. وطوال هذه المفاوضات وفي كل مراحلها السابقة كانت دائما متعثرة ولم تؤت بنتاج مادي ملموس إلا في مفاوضات واشنطن، وهذا في حد ذاته يضع علامات شك على وجود الإرادة السياسية، ولكن نحن نتجاوز كل ذلك ودائما على استعداد للذهاب نحو الثقة المتبادلة ونأمل أن تأتي الجولة القادمة تحت رعاية الإطار الأفريقي بهذه النتيجة ونستطيع أن نصل إلى اتفاق".
وتابع "والحقيقة أننا استمعنا إلى تقييمات بالنسبة للمرحلة التي وصلنا إليها لأن الأمر أصبح قريبا.. وفي الحقيقة هذه الأمور من الصعب أن يتم تقييمها بهذا الشكل الحسابي؛ لأنه في نهاية الأمر من الممكن أن نقول أننا وصلنا إلى أي نسبة، فلتكن 99%، ولكن في حالة إعاقة 1% ، فليس هناك اتفاق".
وأضاف شكري أنه تم توقيع بالأحرف الأولى على اتفاق واشنطن تأكيدا للنية واحترام الجهد الذي بذل وتأكيدا على أن هناك اتفاقا متكاملا، وهذه كانت المرة الأولى التي كان هناك اتفاق متكامل يتضمن كل القضايا الفنية والسياسية والقانونية وشاركت إثيوبيا في كل مراحله إلا الاجتماع الأخير الذي تخلفت عنه وبالتالي لم توقع على الاتفاق.
وقال شكري "نحن نتنظر تحديد استئناف المفاوضات وإخطار الجهة التي سوف ترعى هذه المفاوضات، فلتكن الرئاسة في جنوب إفريقيا في مكتب الاتحاد الإفريقي، وحتى الآن لم تصل لنا تفاصيل فيما يتعلق بالجولات القادمة وسوف ننخرط في أي جولات قادمة بنفس حسن النية والرغبة في الوصول إلى اتفاق يزيل هذه المشاحنات والقلق الذي يساور الشعبين أو الثلاثة شعوب: المصري والسوداني والإثيوبي ويخرجنا من هذا الوضع لنركز على جهود التنمية وما نستطيع أن نقدمه لبعضنا البعض من دعم للتقدم الاقتصادي والتنمية ورفع الفقر".
ولفت إلى أنه كان مع بعض المتخصصين بالأمس وهناك أفكار عديدة، مشيرا إلى الربط الكهربائي مع السودان، وموضحا أن هناك مجالات واسعة للربط مع شرق إفريقيا وإثيوبيا بحيث يكون هناك تكاملية فيما يتعلق بالطاقة، ما سيكون لها فوائد كبيرة، وكل هذه الأمور ستتحرك بشكل أكثر فاعلية عندما تزال هذه القضية من على طاولة اهتمامنا.
وأكد شكري أن جميع الأعضاء في مجلس الأمن تحدثوا خلال جلسة الأمس، وهذا مؤشر على وجود تفهم لخطورة القضية، وأن تناولها في مجلس الأمن في حد ذاته يؤكد هذا الإدراك وأصبح يقر بولايته على هذا الموضوع باعتبار أنه يهدد السلم والأمن الدوليين ، ولا يستطيع أحد أن يدعي بخلاف ذلك، بالإضافة إلى أن مشروع القرار الذي تم وضعه هو لتداول مجلس الأمن ولكن مجلس الأمن عادة ما يأخذ وقت في دراسة أي قرار يطرح عليه.
وأوضح أن مشروع القرار لا يوجد به ما يخالف المسار الإفريقي..مؤكدا أن تطور الأمور خلال الأسبوعين القادمين سيكون محل تقدير من أعضاء المجلس بحيث يستطيعوا تعديل أو تغيير بعض الفقرات المتواجدة في القرار لتتواكب مع أي تطورات في المستقبل .
وقال إن مصر لديها اتصالات ومشاورات دائمة مع كل الأطراف التي من الممكن أن يكون لها دور إيجابي في تقريب وجهات النظر وتشجيع الأشقاء في إثيوبيا على الإقدام على توقيع الاتفاق وإبداء المرونة اللازمة.
وأضاف " من جانبنا دائما نتخذ مواقف مرنة و نتفهم وجهة نظر الجانب الآخر ونحاول أن نضع الحلول واستيعاب حتى بعض التداعيات التي ربما تأتي إذا كان هناك إمكانية لتحملها وخاصة إذا كانت حيزها الزمني بسيط للتسهيل على أشقائنا الاستفادة من المشروع الضخم المقبلين عليه" .
وأوضح أن مصر ستستمر في اتصالاتها سواء بين أعضاء المجلس وشركائها في الدول العربية والاتحاد الأوروبي وشركائنا التقليديين الولايات المتحدة التي تظل لها دور مهم باعتبارها ستستمر في دورها كمراقب لهذه الجولة القادمة للمفاوضات.. مشيرا إلى العلاقات المتشعبة لمصر وأيضا العلاقات الثنائية مع الكثير من دول العالم، والتي تحرص مصر على تدعيمها.
وِأضاف شكري أن دولة السودان كان لها دور فعال في الدعوة لاستئناف المفاوضات بعدما كانت متوقفة بعد جولة واشنطن.. مشيرا إلى أنه بالتأكيد باعتبار مصر والسودان دولتي مصب، فإن لهما مصالح كثيرة مشتركة، ونأمل أن يظل التنسيق والتضامن فيما بين البلدين.
وبشأن زيادة حصة مصر من مياه النيل ..قال شكري "إن هذا الأمر ليس مطروحا في الوقت الراهن، نحن لنا موقف واضح إزاء الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل ويشاركنا فيه تقريبا نصف دول حوض النيل، وموقف مصر ليس فريدا ولكن هناك بعض التحفظات والملاحظات على هذا الإطار يجب مراعاتها قبل الخوض في التفاصيل الفنية المتعددة التي من الممكن أن نتناولها، ولكن بالتأكيد فانه في مسار العلاقات الدولية ومسار الشعوب دائما هناك ضرورة لمراجعة المواقف والحديث والتفاوض حتى يكون هناك تطابق مع التطورات الدولية والعملية بالنسبة لكافة القضايا".
وأكد شكري أن مصر لا تقف حجر عثرة وتعتز بالعلاقة التاريخية التي تربط بين الشعبين، فعلى مدى الست سنوات الماضية أسس الرئيس عبد الفتاح السيسي السياسة الخارجية المصرية المبنية على مبدأ التعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسعي لتعزيز التكامل فيما بين الدول وخاصة الدول الشقيقة الإفريقية والعربية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved