مربو الماشية تحت رحمة الحمى القلاعية

آخر تحديث: الأحد 2 أكتوبر 2022 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

تحقيق ــ يارا صابر:

مربون: الإهمال تسبب فى نفوق رءوس ماشيتنا.. الطب الوقائى: حَصَنَّا 6 ملايين و575 ألفًا منذ بداية العام
رئيس صندوق التأمين على الثروة الحيوانية: صرف 30 مليون جنيه تعويضات للمربين
قطاع الثروة الحيوانية: 41 ألف مستفيد من المشروع القومى للبتلو.. وعقد بروتوكولات تعاون لتنمية الثروة الحيوانية
مصدر مسئول بـ«الزراعة»: يوجد عدد من بؤر الحمى القلاعية على مستوى الجمهورية.. وضرورة عزل الحيوان عند إصابته

يعاني أبو زيد خليفة، مثل غيره من الفلاحين، من غياب خدمات الطب البيطرى فى قريته بالشرقية، عن رءوس الماشية التى يمتلكها، والتى تحتاج إلى متابعة وتحصينات، الأمر ذاته يعيشه أحمد سمير المقيم فى محافظة الجيزة، والذى يقول إن الطبيب البيطرى يقوم بتطعيم عدد من الماشية بنفس سن الحقنة، الأمر الذى قد يعرض حيواناته لخطر الإصابة بالأمراض ويزيد من انتشار الحمى القلاعية.

شكوى المربين من انتشار الحمى القلاعية برءوس مواشيهم تكررت مع عبدالله محمد ابن محافظة بنى سويف الذى يشير إلى نفوق إحدى مواشيه.

ويشتكى بعض المربين أيضا من غياب الإشراف الطبى، الذى يتمثل فى الطب الوقائى فى مناطق تمتلك آلاف الحيوانات، الأمر الذى قد يقتل حيواناتهم ويبدد فرصهم فى الحصول على تعويضات مناسبة من صندوق التأمين على الماشية.

تختص إدارة الطب الوقائى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، برصد وعلاج الحيوانات المصابة بمرض الحمى القلاعية على مستوى الجمهورية.

قالت نجلاء رضوان مديرة الطب الوقائى إن مرض الحمى القلاعية دائم التحور ونصحت بضرورة خضوع كل لقاح للتحديث المستمرة، موضحة أن خطورة المرض تكمن عند إصابة العجول الصغيرة مما يتسبب فى نفوقها، ولكن الحيوانات الكبيرة نسبة كبيرة منها تتمكن من التعافى سريعا.

وأضافت رضوان، لـ«الشروق»، أن أعراض الحمى القلاعية تتمثل فى وجود فقاعات على لسان الحيوانات وبين أظافره أو حوافره، إلى جانب مقاطعة الأكل والشرب، وفى هذا الحالة يجب التوجه سريعا للطبيب البيطرى لأخذ اللقاحات المضادة، فضلا عن عزل الحيوان المصاب عن باقى الحيوانات حتى لا تنتشر العدوى بينهم، وتغذية الحيوان بأكل بسيط حتى لا تتدهور حالته الصحية.

وأشارت، إلى أن هيئة الطب البيطرى شكلت ملحمة نجاح فى السيطرة على مرض الحمى القلاعية فى مصر خلال الحملة القومية الثانية لتحصين الماشية، لافتة إلى أنه تم تحصين 6 ملايين و575 ألفا و94 حالة رأس ماشية من الأبقار والجاموس والأغنام والماعز ضد مرض الحمى القلاعية منذ بداية العام الحالى.

وأوضحت مديرة الطب الوقائى، أن هناك حملات مستمرة من قبل مديريات الطب البيطرى على مستوى الجمهورية لتوعية الفلاحين والمربين بخطورة المرض، وضرورة تلقيح الحيوانات باللقاحات المخصصة لهم حتى يتم تحصينهم، مشيرة إلى أن هيئة الطب البيطرى خلال السنوات الماضية قبل عام 2017 تقوم بتطعيم الحيوانات مرتين فى السنة وحاليا يتم التحصين 3 مرات فى السنة.

وتابعت: تم تنفيذ 110 لجان متابعة ميدانية بواسطة الهيئة لمتابعة الالتزام بالإجراءات الصحية البيطرية فى أعمال التحصين، فضلا عن عقد 13 ألفا و607 ندوات إرشادية لتوعية المواطنين بأهمية التحصين وترقيم وتسجيل 120 ألفا و412 رأس ماشية وتوزيع عدد 420 ألف رقم بلاستيك على مديريات الطب البيطرى المختلفة لأعمال التسجيل والترقيم، مشيرا إلى أنه حاليا سيتم تجهيز الحملة الثالثة للسيطرة على مرض الحمى القلاعية منتصف نوفمبر القادم.

وفى السياق ذاته، كشف مصدر مسئول بوزارة الزراعة، وجود عدد من بؤر الحمى القلاعية على مستوى الجمهورية من دون أن يفصح عن الأماكن أو أعداد الإصابات، مشيرا إلى أن معدل إصابات الثروة الحيوانية بمرض الحمى القلاعية خلال هذه الفترة هو الأعلى منذ أن بدأت.

وأكد المصدر لـ«الشروق»، ضرورة فصل الحيوان عند التأكد من إصابته والذهاب به إلى الوحدة البيطرية التابع لها، مشيرا إلى أن هناك ما يزيد عن 1500 وحدة بيطرية على مستوى الجمهورية.

ويؤمن عدد كبير من مربى الماشية على حيواناتهم لدى صندوق التأمين على الماشية، بهدف الحصول على تعويض جراء إصابة الحيوانات بأمراض وتأتى الحمى القلاعية فى المراتب الأولى.

وفى هذا السياق، قال اللواء إيهاب صابر رئيس صندوق التأمين على الثروة الحيوانية التابع لوزارة الزراعة، إن العادات الخاطئة التى يفعلها المربون ومنها عدم تحصين الحيوانات فى المواعيد المحددة والإهمال فى تغذية الحيوان ونقل الحيوان من محافظة لمحافظة أخرى واختلاطه بحيوانات أخرى تتسبب فى إصابته بالعدوى وانتشار المرض.

وأضاف صابر، لـ«الشروق»، أن مرض الحمى القلاعية هو مرض فيروسى ينتمى لسبع عائلات كبار وحدث طفرة جينية لهم نتج عنه 160 نوعا، وأشار إلى صعوبة خلق تحصينات لكل هذا العدد، ولفت إلى أن الفيروس ينتقل عن طريق الهواء فى حدود 50 كيلومتر فاليوم وهو سريع الانتشار وسريع التحور، موضحا أنه تم تصنيع اللقاح المناسب من خلال الهيئة العامة البيطرية ومعهد صحة الحيوان ومعهد إنتاج الأمصال واللقاحات.

وتابع: لكى يتفادى المربى تلك المخاطر ونفوق الحيوان لا بد من اتباع عدد من الخطوات والتى تتضمن عدم شراء حيوان مجهول الهوية، أى لا يمتلك سجلا صحيا، ولا بد من الحفاظ على نظافة الحظيرة التى يجلس بها الحيوان دائما، وتوفير غذاء عالى الجودة لكى يكتسب الحيوان مناعة وضبط درجة الحرارة التى يجلس بها، وأخيرا توفير المصل فى المواعيد المحددة له، لافتا إلى أن مدة تعافى الحيوان من الحمى القلاعية تتراوح بين أسبوعين لثلاثة أسابيع.

وقال صابر إن الصندوق يصرف تعويضات لأصحاب المواشى فى حالة نفوق الحيوان أو ذبح اضطرارى أو حريق أو سرقة أو إصابة بأمراض وبائية أدت إلى وفاته، لافتا إلى أن الطبيب بالوحدة البيطرية المسجل بها رأس الماشية يعاين ما حدث ويدونه فى تقرير مفصل بالحالة.

وأضاف أن هناك لجنة مشكلة لتقدير نسب التعويضات التى يحصل عليها المربى فى حالة نفوق رأس الماشية والتى تتراوح بين 50% و100% وقد لا يحصل المربى على تعويض، لافتا إلى أن حالات عدم التعويض نهائيا تتمثل فى إهمال عرض الحيوان على الوحدة البيطرية أو التأخير فى عرض الحيوان على طبيب الوحدة ولا بد من وجود روشتة علاج لا تقل عن ثلاثة أيام.

وقد تضاعفت أرقام التعويضات فى العامين الماضيين، إذ تجاوزت أكثر من 30 مليون جنيه خلال العام المالى الماضى 2021 و2022، حسب صابر الذى أكد صرف تعويضات للمربين تصل إلى 30 مليون جنيه أيضا خلال العام الماضى 2020 و2021، وصرف 8 ملايين جنيه كتعويضات خلال العام المالى لسنة 2019 /2020.

وأشار صابر، إلى أنه يجوز التأمين على أى رأس ماشية سواء كانت محلية أو مستوردة إذا كان المربى يريد ذلك، ولكن هناك تأمينا إجباريا على المربى فى حالة إذا كان حصل على قرض من البنك لشراء رءوس الماشية.

فى الوقت الحالى، تعمل وزارة الزراعة على استيراد سلالات محسنة وراثيا، وقال صابر: تم استيراد حوالى 12 ألف بقرة محسنة وراثيا وحوالى أكثر من 200 ألف رأس عجل محسنة وراثيا، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة تعمل على برنامج تحسين وراثى وإنشاء نقاط التلقيح الصناعى على مستوى الجمهورية والتى تصل عددها لـ1350 نقطة، ومن المستهدف استكمال حوالى 85% من تلك النقط خلال السنة المالية الحالية.

وأكد رئيس الصندوق، خفض قيمة التأمين 1%على الثروة الحيوانية بعد أن كانت قيمة الرسوم على تأمين الحيوانات 1.5% للرءوس المحلية والمستورد حوالى 2.5 لـ3.1%، مشيرا إلى أن ذلك جاء مساهمة من الوزارة تجاه المربين فى ظل ارتفاع الأسعار فى مثل هذه الظروف الاقتصادية، مشيرا إلى أن الفلاح هو عصب الغذاء فى مصر وأن 75% من الثروة الحيوانية مملوكة لدى الفلاحين.

من جهته، قال طارق سليمان رئيس قطاع الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة، إن الوزارة كان لديها عدد من التحديات تواجه الثروة الحيوانية تتمثل فى عدم وجود قواعد بيانات دقيقة يمكن الاعتماد عليها، فضلا عن الفجوة بين الزيادة السكانية والثروة الحيوانية، وضعف التراكيب الوراثية ومعدلات الأداء وعشوائية العمل فى مشروعات الثروة الحيوانية.

وأضاف سليمان لـ«الشروق»، أن هناك اهتماما غير مسبوق بالتنمية المستدامة للثروات الحيوانية لمواجهة تلك التحديات، وأوضح: أصبح لدينا قواعد بيانات إلكترونية دقيقة تساعد فى اتخاذ ودعم القرارات المناسبة.

وأوضح رئيس القطاع، أن عملية التحسين الوراثى تتم عن طريق محورين؛ المحور الأول، ويتضمن استيراد عدد من الحيوانات بالخارج حيث تم استيراد 3 أنواع من الحيوانات: النوع الأول هو المواشى المتخصصة فى زيادة إنتاج اللحوم، والنوع الثانى هو المواشى عالية إنتاج الألبان وتدر ما بين 6 و8 أضعاف معدلات إنتاج الحيوانات المحلية، والنوع الثالث هو المواشى ثنائية الغرض وهو لصغار المربين حيث إن سعر هذه المواشى أقل من سعر المواشى المتخصصة، فضلا عن أن احتياجاتها الغذائية تناسب صغار المربين.

أما المحور الثانى «الآجل» فيتضمن تهجين الحيوانات المحلية مع المستوردة للوصول إلى سلسلة يصل إنتاجها اليومى من اللبن إلى 40 كيلوجراما بعد أن كانت تنتج حوالى 7 كيلو كحد أقصى يوميا، لافتا إلى أنه تم تجهيز عدد من المبادرات منها المشروع القومى للبتلو وتطوير ورفع كفاءة مراكز تجميع الألبان وتطوير ورفع كفاءة إنتاج الدواجن والمشروع القومى لتحسين الوراثة.

وأوضح رئيس القطاع، أن الدولة بدأت فى عمل عدد من البروتوكولات من أجل الأسر الأكثر احتياجا من بينها برتوكول بين وزارة الزراعة والأوقاف والتضامن الاجتماعى الهدف منه توزيع السلالات عالية الإنتاجية حيث تتحمل وزارة الأوقاف تسديد ثلث قيمة السلالات ووزارة التضامن الثلث الآخر والثلث الأخير من خلال قرض بنكى بفائدة 5%.

وتابع: بأنه تم توقيع بروتوكول آخر مع أحد المؤسسات الخدمية الهدف إعفاء المربين الأكثر احتياجا الحاصلين على رءوس ماشية محسنة وراثيا من دفع أى مقابل مادى والاستفادة بالدعم الكامل وذلك ضمن مبادرة الرئيس «حياة كريمة»، لافتا إلى أن الدولة أنشأت مراكز لتجميع الألبان تخدم المشروعات السابق ذكرها فضلا عن تطوير عدد من المراكز بعدد من المحافظات على مستوى الجمهورية.

وأشار رئيس القطاع، إلى أن عدد المستفيدين من المشروع القومى للبتلو وصل إلى ما يزيد على 41 ألف مستفيد بإجمالى تكلفة مالية تخطت الـ7 مليارات جنيه لتسمين 461 ألف رأس ماشية، لافتا إلى أن نسبة استيراد اللحوم من الخارج قبل عام 2014 تصل إلى ما يزيد على 60%، لكن حاليا نسبة الإنتاج المحلى تصل إلى ما يزيد على 60% من الاكتفاء ذاتى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved