رشا نبيل لـ«الشروق»: أنا بنت الدولة وليس النظام.. ولا أخجل من مساندة الرئيس فى الإيجابيات

آخر تحديث: الأربعاء 4 أبريل 2018 - 10:36 ص بتوقيت القاهرة

حوار ــ أحمد فاروق:

• الصورة الذهنية للإعلام أنه ينتقد من أجل الهدم.. ويبدو أننا فشلنا فى إقناع الدولة بالعكس
• إيقاف مجموعة من المذيعين ترك إحساسًا بأن الحريات مقيدة.. وحبس خيرى رمضان أشعر الجميع بعدم الأمان
• الإعلام ليس مسئولًا عن شعور المواطن بالخوف.. وإذا أغلقت كل القنوات فسيبقى لديه نفس الانطباع

• الجمهور ينفض من حول الشاشات لاعتقاده أن الإعلاميين يتحدثون بصوت واحد.. والمهنية هى طوق النجاة

• «مصر النهاردة» يضعنى بين نجوم الصف الأول.. وزوجى يشبهنى بلاعب الأهلى السابق محمد رمضان لعدم شعورى بأى إنجاز أحققه

استطاعت الإعلامية رشا نبيل من خلال تجربة «كلام تانى» على شاشة دريم، أن تحجز لنفسها مكانا بين نجوم التوك شو، فتم اختيارها للمشاركة فى تقديم البرنامج الرئيسى على شاشة ماسبيرو «مصر النهاردة» مع الإعلامى خيرى رمضان، ضمن خطة تطوير القناة الأولى التى انطلقت فبراير الماضى.
«الشروق» التقت رشا نبيل، لتسألها عن هامش الحرية فى تلفزيون الدولة، وما هى الخطوط الحمراء فى «مصر النهاردة»، كما تكشف عن أسباب كتابة رسالة عبر صفحتها الشخصية بموقع فيس بوك، لمن يعتقدون أنهم أعلم بما فى عقل الرئيس وقلبه، ويتحدثون نيابة عنه

تقول رشا نبيل: هناك أشخص كثيرون فى الأوساط الإعلامية يتحدثون باسم الرئيس، ويدعون أن هناك «ضيق صدر»، ودائما يكون التخويف فى إطار «دردشة» وليس تعليمات، فتجدهم طول الوقت يقولون: «بلاش تقولوا هذا الكلام لأن الرئيس لا يحبه»، أو «خلوا بالكم إن فيه نقاط أو مساحات بعينها لا تتحدثوا فيها»، مثل هؤلاء الأشخاص يجعلونك تخاف من التحدث.
لكن عندما ظهر الرئيس مع ساندرا نشأت، وعرضت عليه كثيرا من آراء المواطنين، اكتشفنا أن ما كان البعض يعتقد أنه غير مسموح الاقتراب منه، يتقبله الرئيس ولا يرفضه، وأنه فقط ضد «العمل العنيف»، لذلك كتبت على صفحتى بموقع «فيس بوك»: «إلى كل هؤلاء الذين يعتقدون أنهم أعلم بما فى عقل الرئيس وقلبه.. ارحمونا بقى.. الرئيس يتحدث عن حرية كاملة، إلا الفعل العنيف، يارب تفهموا بقى، كفاكم حديثا نيابة عنه.. الرئيس لا يحتاج إليكم».
وبالمناسبة لم تكن هذه هى المرة الأولى التى أعرف أن الرئيس لا يضيق صدره بما يقال، فقد رأيت الرئيس يستمع بدون ضيق للشكاوى التى جمعها الشاب ياسين الزغبى وعرضها فى أحد مؤتمرات الشباب، وحينها سألت نفسى، هل يكون هذا هو شعور رئيس الجمهورية عندما يشاهد نفس المشكلات على شاشة التلفزيون.. وإذا كانت الإجابة بلا، فما هو الخطأ الذى يتسبب فى وجود حساسية عند تلقى نفس المشكلة؟.
ربما تتمثل مشكلتنا فى أن الرئيس لديه اعتقاد بأن الإعلام عندما يعرض مشكلة يتعمد إظهار أن الأداء العام للحكومة ليس جيدا دون أن يقترن ذلك بنية حقيقية للإصلاح، وعلى ما يبدو أننا جميعا فشلنا فى التأكيد على أن الانتقادات على الشاشة تكون من أجل البناء، وعلى ما يبدو أيضا أن الصورة الذهنية الثابتة أننا ننتقد من أجل الانتقاد ومن أجل « فرد العضلات» على الحكومة.

• إلى أى مدى كنت تشعرين بعدم أمان على الشاشة خصوصا بعد قرار حبس زميلك خيرى رمضان؟
ــ طول الوقت كانت لدى حسابات دقيقة للغاية لعدم شعورى بالأمان، أجهد نفسى كثيرا عقليا ونفسيا، فى تكوين كل جملة أقولها على الشاشة، وفى اختيار كل فعل وفاعل ومفعول، وعلى من سيعود الضمير!.
وعندما صدر القرار بحبس خيرى، كل الناس شعرت بعدم أمان وليس أنا فقط، فكلنا نعلم أن لديه قدرا عاليا جدا من النوايا الحسنة، لكن ربما بعض التعبيرات فهمت خطأ، واستقبلتها أسر الشهداء بشكل قاسٍ.
فى كل الأحوال، فإن الآرا التى رصدتها ساندرا خلال الحوار، كشفت عن أن المواطن لديه قناعة بأن الكلام بشكل عام مرتبط بتقييد الحرية، كما قال أحد المواطنين فى التقرير: «أنت عايزانى أتكلم واتحبس»، ولذلك رد الرئيس قائلا: «لازم الناس تحس بالأمان وهى بتتكلم».

• هل الإعلام مسئول عن عدم إحساس الشارع بالأمان وخوفه من الكلام؟
ــ هذا شعور عام موجود فى الشارع المصرى، نتيجة سياسات وتحركات وإجراءات وانطباعات، وأعتقد أنها انعكست على المواطن قبل الإعلام.
مشكلة السلطة أنها أحيانا تعتقد أن الإعلام فقط هو الذى يثير ويحرك الرأى العام، والحقيقة أن هذا غير صحيح، لأننا إذا أغلقنا كل القنوات سيكون للشعب نفس الانطباعات.
والواقع يقول إن الجمهور ينفض من حول الشاشة لأنه يعتقد أن كل الإعلاميين يتحدثون بنفس الصوت.

• وهل الإعلام ليس صوتًا واحدًا؟
ــ أعتقد أن الإعلاميين ليسوا صوتا واحدا، فنحن لدينا أنواع مختلفة من الإعلام، الأول يفكر فى الشعبوية، والثانى يسعى للتقرب من السلطة وينافقها، والثالث ينافق الشعب، والرابع إعلام يحاول أن يكون مهنيا، وأدعى أننى من النوع الأخير، أبحث عن المهنية وأحاول جاهدة الحفاظ عليها، والحمد لله أننى صادقة جدا مع الشارع، فلا أتناول مشكلة بعينها ليهتف الناس باسمى فى الشارع، وأحاول معالجة المشكلات بشكل صحيح.
هناك هامش للحرية متاح للإعلام، ولكن إيقاف مجموعة من المذيعين نقل انطباعا للناس أن الحريات مقيدة.
وإذا تحدثت عن نفسى، فسوف أقول إننى الحمد لله فى كل العصور لم أتغير، والحمد لله أننى قادرة على إيجاد صيغة أحافظ من خلالها على الاعتبارات المهنية، والقاعدة تقول: إذا كنت مهنيا وتمثل كل الأطراف فلا تخشَ أحدا، لأن المهنية هى طوق النجاة الحقيقى للمذيع إذا سعى أحد لإغراقه.

• ما هى السياسة التحريرية وسقف الحرية المسموح به لـ«مصر النهاردة»؟
ــ سقفنا هو «أمن البلد»، وخطوطنا الحمراء هى كل ما يهدد الأمن القومى، وعلى الرغم من أن الأمن القومى مفهوم واسع، لكننا يفترض أن لدينا من الوعى ما يجعلنا نبتعد عن كل ما يهدد الأمن القومى، والمذيع الذى لا يستطيع تقييم ما يمكن أن يهدد أمن بلده لا يستحق الظهور على الشاشة، وهنا لا أقصد الأمن العسكرى فقط، فعندما يتهدد سلام المجتمع فهذا يضر أيضا بالأمن القومى.
والسياسة التحريرية لـ«مصر النهاردة» أن يمثل الدولة حكومة وشعبا بجميع فئاته، وأن يتغير الانطباع المأخوذ عن التلفزيون بأنه ملك النظام، فالمعادلة لابد أن تكون متكاملة (شعب، ونظام، وحكومة).
وبالمناسبة أول مناظرة فى البرنامج كان ضيفا عليها عضو مجلس النواب المعارض ضياء داود عضو تكتل 25 ــ 30 وقال على الهواء: «الرئيس السيسى ليس المشروع السياسى لـ«تكتل 25 ــ 30».

• هل رشا نبيل من مذيعى النظام المرضى عنهم؟
ــ الحمد لله أن أحدا لم يصنفنى من قبل بأننى مذيعة النظام، فمهنيتى هى حصنى الدائم، وهناك أشخاص يقابلوننى ويسألوننى: أنت مع من؟ فأرد عليهم بأننى لست مع أحد، وليس من المفترض أن أكون مع أحد.
أما بالنسبة للرضا، فأنا لا أعرف مؤشراته حتى أعرف إذا كنت من المرضى عنهم أم لا، لكن بشكل عام هناك قناعة شديدة لدى الجميع، أننى بنت الدولة المصرية، وهنا ليس المقصود بالدولة النظام، كما أننى أحضر كل المناسبات العامة، والحمد لله تعاملنى الحكومة بكل تقدير، ولم يحدث أن رفض أحد الظهور معى فى برامجى المختلفة، كما لم يوجه لى لوم من أى جهة على شىء قدمته على الشاشة. ولا أتذكر أيضا أن أحدا أبلغنى رسالة فى أى يوم أن الدولة غاضبة منى، أو لا يعجبها كلامى.

• متى تغضب الدولة من المذيع؟
ــ الدولة لا تغضب من المذيع الموضوعى، الذى يهاجمها ويطرح تساؤلات مشروعة، وفى الوقت نفسه يساندها عندما تكون على الصواب.
وأنا ــ بشكل شخصى ــ لا أخجل من مساندة الرئيس والنظام والحكومة عندما يصنعون شيئا إيجابيا، وفى الوقت نفسه لا أتردد فى طرح أى تساؤل مشروع عندما يكون هو الخيار الوحيد أمامى.
وبما أنى أحرص على أن أكون أمينة فى التعبير عن مطالب الشعب وتساؤلاته، فواجب على أن أكون أمينة أيضا ولا أخجل من الدفاع عن النظام عندما يصنع شيئا جيدا.

• نعود لـ«مصر النهاردة».. لماذا رفضت عرض التلفزيون فى البداية، وتمسكت بالاستمرار فى «كلام تانى» على شاشة دريم؟
ــ كنت رافضة للعرض فى البداية، لأنى أعتبر «كلام تانى» ابنى الثالث وليس مجرد برنامج، فأنا استثمرت فيه من صحتى وأعصابى وكل نقطة فى دمى، وربنا رزقنى كثيرا من النجاح بسببه، وفى اللحظة التى بدأ يحلق فى السماء وبدأت أحصد ما زرعت، جاء عرض التلفزيون فى وقت قاتل جدا، والخيار كان مؤلما أو صعبا، ولكنى وافقت فى النهاية لأحصل على شرف الخدمة فى التلفزيون الوطنى، الذى اعتبره مثل شرف الخدمة العسكرية فى الجيش، يضاف إلى ذلك أن مشاركتى فى «مصر النهاردة» هى استثمار لنجاح «كلام تانى».

• أبناء ماسبيرو لديهم مشكلة مع كل قادم من الخارج منذ 2011.. كيف استقبلوك؟
ــ أنا ابنة المبنى، ومنذ لحظة طرح اسمى، والحمد لله أجد دعما من كل زملائى فى التلفزيون من مختلف القطاعات، لما يربطنى بهم من علاقات قوية تشبه «صلة الرحم».
لكنى أريد التأكيد على أن ماسبيرو ليس ملك العاملين فيه، فهذا مفهوم خاطئ، لأنه ملك كل المصريين، فهو ليس حكرا على العاملين فيه، كما هو الحال فى هيئة الإذاعة البريطانية، على سبيل المثال يعمل بها إعلاميون من كل أنحاء العالم. والأزمة فى ماسبيرو، أن الصورة الذهنية التى ارتبطت بالتطوير، أن هناك أشخاصا سيأتون من الخارج ليطيحوا بمن فى الداخل.

• يضطر أبناء ماسبيرو، وأنت منهم، للهجرة إلى القنوات الخاصة.. هل يحدث هذا بحثا عن المال أم الشهرة؟
ــ عندما خرجت من ماسبيرو، كان للبحث عن فرصة أكبر، والعمل فى دريم كان من أحلامى، ولأن كل النجوم عملوا بها رأيتها محطة تصنع النجوم، لذلك عندما جاءنى العرض من المهندس أسامة الشيخ لم أتردد. وأبناء ماسبيرو يهاجرون إلى القطاع الخاص، لأنه يدار بمنطق مختلف، ويتاح فيه فرص أكبر، كما أن أعداد الذين يظهرون على الشاشة أقل، فقناة دريم كان عدد المذيعين فيها 5 فقط، لذلك كانت الإدارة قادرة على توظيفهم كل فى مكانه الصحيح، لكن فى ماسبيرو توجد أعداد كبيرة جدا، لدرجة أنهم لا يكون لديهم فرصة «يعلقوا مع المشاهدين»، وذلك بسبب قلة الظهور.

• بمشاركتك فى التوك شو الرئيسى بالتلفزيون المصرى.. هل أصبحت من نجوم الصف الأول فى مقدمى البرامج؟
ــ صعب جدا أن أشارك فى تقييم نفسى، وأخشى أن أعطى نفسى أكثر مما أستحق، وفى نفس الوقت أخشى أن أظلم نفسى وأقلل ليس فقط من مجهودى، وإنما من مجهود فريق عمل كامل، لكنى فى كل الأحوال، أعتبر نفسى محظوظة لأن مشاركتى فى برنامج «مصر النهاردة» تضعنى بين نجوم الصف الأول من مقدمى برامج التوك شو، وسأسعى جاهدة أن أحافظ على ذلك.
وبشكل عام، أنا سعادتى فى أن الناس تصدقنى، ولكنها فرحة يلاحقها إحساس بمسئولية كبيرة، حتى شعورى بالنجاح فى بعض اللحظات يجعلنى أخاف من الفشل، فأنا أحب صناعة النجاح، وشبح الفشل خوف مرضى يحاصرنى طول الوقت، لدرجة أن زوجى يشبهنى دائما بلاعب النادى الأهلى السابق محمد رمضان الذى كان يحرز الهدف ثم يمشى عادى فى الملعب وكأنه لم يحقق إنجازا.

• وهل كان رفض الإعلامى وائل الإبراشى مشاركتك فى «العاشرة مساء» صادمًا لك؟
ــ تعجبت فى البداية، لأن الأستاذ وائل الإبراشى كان داعما لى جدا عندما بدأت العمل بالقناة، وأول جملة قالها لى: «مبروك على دريم وجودك»، وكان صديقا قويا جدا، والدكتور أحمد بهجت لم يقدم على خطوة مشاركتى فى «العاشرة مساء» الا بعد موافقة الإبراشى، وعلى الرغم من أن وجهة نظره تغيرت بعد ذلك، فإننى تفهمت موقفه، فهو رأى أن ما يحدث نوع من السطو على نجاحه، لأنه تسلم البرنامج بعد رحيل منى الشاذلى، فى مرحلة صعبة جدا، واستطاع بالاجتهاد الشديد وسهر الليالى أن يعيد إلى البرنامج مكانته، لذلك رفض أن يفوز أحد بهذا النجاح «على الجاهز».
وقبل رحيلى من دريم وبعد نجاحى فى تقديم «كلام تانى»، تكرر الأمر، واتفقت الإدارة مع الإبراشى على أن أشاركه فى تقديم «العاشرة مساء»، ولكنى رفضت وتمسكت بـ«كلام تانى»، لأنه أصبح ماركة مسجلة مثل «العاشرة»، ولكنهم ضغطوا على لحسابات تتعلق بالإعلانات، فاضطررت للرضوخ، وفوضت أمرى إلى الله، والحمد لله أن «كلام تانى» استمر حينها حسب رغبتى قبل أن أنتقل للتلفزيون.

• أخيرا.. ما هو الانطباع الذى ترسخ لديك عن ماسبيرو بعد مسح تسجيل حلقة «ناظرة الوزراء»؟
ــ كنت فى صدمة شديدة جدا، وأول شىء تناولته قبل أن أنزل من بيتى فى طريقى لماسبيرو كان «مهدئا» حتى أستطيع عمل كنترول على أعصابى، لأننى بطبيعتى عصبية وأكون حادة جدا فى هذا التوقيت.
لكن ربنا ألهمنا أن نكلم الوزراء الثلاثة والناظرة، والحمد لله أنهم جميعا وافقوا على الحضور، وسبحان الله فالحلقة التى أذيعت على الهواء، كانت أفضل من المسجلة.
وفى كل الأحوال، لا أريد أن أحمل هذه الأزمة أكبر من حجمها، لأن الخطأ الفنى وارد أن يحدث فى أى مكان، وبالتالى لم أتعامل مع هذه الأزمة بمنطق المؤامرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved