من المتنبي إلى كونفوشيوس.. أيتام تركوا بصمة في التاريخ

آخر تحديث: السبت 4 أبريل 2020 - 9:38 ص بتوقيت القاهرة

سارة النواوي

جميعهم من الأدباء والفقهاء وكبار المفكرين، كانت الخصلة التي جمعت بينهم هي اليُتم، جميعهم لم يعرفوا معنى الأبوة وقد تُركوا ليواجهوا مصاعب الحياة ومُرها في سن صغيرة؛ إلا أنهم لم يعرفوا لليأس طريقًا، واجهوا الكثير من مصاعب الحياة ومتاعبها، ولكنها لم تثنيهم عن أحلامهم، وقد ضربوا بتلك الظروف القاسية عرض الحائط.

"المتنبي"

بالرغم من أنه نشأ يتيم الأم منذ كان طفلا صغيرا، وانشغال أبيه عنه لكثرة ترحاله، إلا أنه لم يلتفت لكل ذلك ومضى في طريقه الذي رسمه منذ سن صغيرة؛ حيث كان مولعًا بالشعر ونظم أولى قصائده وهو في سن العاشرة.

نشأ أبو الطيب المتنبي في حي كندة بالكوفة، في كنف أسرة متوسطة الحال، وقد كانت تلك الظروف دافعا قويا له لإثبات ذاته وتكسبه بعدما اتجه إلى الشعر.

كان شغوفا بالعلم، حيث لم يكتفِ بالتعلم في الكتاب، الذي كان سائدا في عهده، ومن ثم ارتحل إلى البادية لتعلم أصول اللغة الفصيحة هناك، وبعدما أخذ عنهم البلاغة والفصاحة، واصل رحلته إلى ما بين النهرين ومنها إلى الموصل وعين رأس، كل ذلك كان في سبيل طلب العلم الذي شغفه حبا.

كانت حياته في البادية قد ألقت بأثرها على خصاله؛ إذ عُرف بالجرأة والإقدام والخشونة، وقد تميز في الشعر وقد كان أكثر شعراء عصره شهرة، حيث كتب شعر المديح والهجاء والرثاء لملوك عصره، ولا يزال حتى يومنا هذا يدُرس شعره سواء من الشعراء أو دارسي الأدب العربي، وربما كان أكثر ما يميز شعره النغمة الموسيقية والتعابير الرشيقة القوية، وهو ما ساعده على تحقيق حلمه حتى صار أكثر شعراء عصره شهرة وأرفعهم مكانة.

"حافظ إبراهيم"

إنه شاعر مصر الأصيل الذي لقب بشاعر النيل، ولد لأب مصري وأم تركية في محافظة أسيوط، وقد توفي أبيه وهو في عمر الرابعة، فانتقلت به والدته للعيش مع أخيه، غير أن حافظ إبراهيم أحس بأنه يمثل عبئا على خاله، وهو ما دفعه لهجرالبيت والاعتماد على نفسه.

امتهن العديد من المهن، فقد اشتغل بالمحاماة وفيما بعد دخل المدرسة الحربية وعين بها ملازم ثم عمل بدار الكتب المصرية.

كانت المعاناة والقسوة التي عاشها تلقي بأثرها على كتابته. تميز شعره بالتنوع؛ فلم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وقد كتب عنها؛ كتب عن المرأة والرجل والدين والدنيا والماضي والحاضر، كما اهتم بالتعبير عن مطالب الشعب وأمانيه ولذا لقب بـ "شاعر الشعب"؛ حيث كان قريبا من الشعب مهتما لأمره.

وربما كان أكثر ما يميزه قوة ذاكرته التي لم يُصبها الوهن بمرور الزمن؛ فما كان يقرأ شيئا يعجبه إلا وحفظه، يقول عنه مطران: "كانت محفوظاته تعد بالألوف ولا تزال ماثلة في ذهنه على كبر سنه".

"دافنشي"

بالرغم من أن الفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي، لم يكن يتيم الأبوين بالمعنى الحرفي للكلمة، إلا أنه وُلد كابن غير شرعي لكاتب يدعى سيرو دافنشي الذي لم يكن له هدفا سوى جمع المال، فعاش دافنشي محروم الأب والأم التي تركت أباه بعد أشهر معدودة من ولادته.

بالرغم من أن الظروف لم تكن متاحة له إلا أنه كان يركض وراء حلمه؛ فحينما كان يبلغ من العمر 14 عاما، ذهب إلى ورشة الفنان فيروكيو، وهناك اكتسب العديد من المهارات حيث تعلم الفنون والنحت والرسم وصناعة الأدوات المعدنية.

لم يقتصر علمه على ذلك وحسب، وإنما درس الفلك والتشريح والجيولوجيا، وكانت له العديد من التصميمات مثل الطائرة المروحية، إلا أن السمة التي كانت تميز أعماله ألا وهي عدم الاكتمال، وبالرغم من ذلك استطاعت أن تتفوق بجداره على أعماله المكتمله.

وبعد أن صار فنانا مميزا أقام مرسما خاص به عام 1978، الذي أقام به العديد من لوحالته الشهيرة كلوحة عبادة الملوك الثلاثة وعذراء الصخور، وربما كانت أشهر لوحاته، هي العشاء الأخير والمونايزا.

"كونفوشيوس"

كان أكثر الفلاسفة تأثيرا في العالم، من النوادر الذين كانت لم بصمة تاريخية في مسرح الأحداث، تميزت فلسفته بأنها ذات عمق في القيم الأخلاقية.. إنه الفيلسوف الصيني الأول كونفوشيوس.

ولد كونفوشيوس في إمارة لو بالصين، وقد توفي أبوه وهو لا يزال في الثالثة من عمره، تاركا أمه في فقر مدقع، ما دفعها للبحث عن عمل كي تنفق على طفلها.

حينما بدأ مرحلة شبابه كان مولعا بأفكار إصلاح مجتمعه، وفي هذه الأثناء كانت هناك صراعات قائمة بين ولايات الصين، فحاول أن يكون مستشارا حكيما لدرء المفاسد عن بلدته إلا أنه أخفق في ذلك سبب معارضيه، فاتجه إلى الوظائف الرسمية، وما لبث أن تركها ليقوم بوعظ الناس متنقلا من بلدة إلى أخرى.

بالرغم من أن كونفوشيوس لم يؤلف كتب أو مجلدات، ولكن تعاليمه كانت ذات تأثير قوي، حتى قام محبوه بتدوينها في كتاب "أحاديث"، وقد كانت أشهر مبادئه حب الناس وتقديرهم وكره الطغيان والاستبداد، وقد كان مؤمنا بأن الحاكم لم يخلق إلا لخدمة شعبه، وباتت مبادئه تلك يُعمل بها في الحياة الصينية قرابة 20 قرنا.

"الغزالي"

ولد الإمام الغزالي في مدينة طوس، بإيران وقد فقد أبيه وهو صبيا، فرباه وصي صوفي، ثم ما لبث أن وضعه في مدرسة خيرية تتولى تعليمه، إلا أن الغزالي لم يُرد أن يكون شخصا تقليديا وهو ما دفعه إلى حب العلم والتعلم؛ حيث اتجه إلى تعلم التصوف والفقه وارتحل إلى بغداد للدراسة هناك حتى عين بها أستاذا، وبدأ في تأليف العديد من الكتب.

كان الغزالي من كبار علماء المسلمين عامة، والفلاسفة بشكل خاص؛ حيث كان له باع كبير فيها وكانت أهم كتبه: مقاصد الفلاسفة وتهافت الفلاسفة وإحياء علوم الدين والمستصفي في علم أصول الفقه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved