دراسة: صدمات الطفولة تؤثر على الإنسان في مراحل متقدمة من العمر

آخر تحديث: الثلاثاء 4 أغسطس 2020 - 2:44 م بتوقيت القاهرة

إسماعيل إبراهيم

يمر العديد من أطفال العالم قبل وأثناء مراحل البلوغ بعدد من الاضطرابات والأزمات التي قد تؤثر على صحتهم النفسية والجسدية فيما بعد.

وأظهر بحث نشرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن الأطفال الذين يعانون من الصدمة الناتجة عن سوء المعاملة أو العنف في وقت مبكر من العمر يظهرون علامات بيولوجية للشيخوخة بشكل أسرع من الأطفال الذين لم يسبق لهم مواجهة الشدائد.

وفحصت الدراسة ثلاث علامات مختلفة للشيخوخة البيولوجية - البلوغ المبكر والشيخوخة الخلوية (الحد من قدرة الخلايا على التكاثر) والتغيرات في بنية الدماغ - ووجدت أن التعرض للصدمة كان مرتبطًا بالثلاثة أنواع.

وقالت كاتي ماكلولين الطبيبة المشاركة في البحث"إن التعرض للضيق في مرحلة الطفولة هو مؤشر قوي على النتائج الصحية في وقت لاحق من الحياة ليس فقط نتائج الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق، ولكن أيضًا نتائج الصحة الجسدية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسرطان".

وأكدت ماكلولين: "تشير دراستنا إلى أن التعرض للعنف يمكن أن يجعل الجسم يتقدم في العمر بسرعة أكبر على المستوى البيولوجي؛ ما قد يساعد في تفسير هذا الارتباط"، وفقا لما نقله موقع ميدكال إكس بريس المتخصص في الأبحاث الطبية.

وجدت الأبحاث السابقة أدلة مختلطة حول ما إذا كانت الشدائد في الطفولة مرتبطة دائمًا بالشيخوخة المتسارعة.

ونظرت تلك الدراسات في العديد من أنواع الشدائد المختلفة مثل الإساءة والإهمال والفقر والعديد من المقاييس المختلفة للشيخوخة البيولوجية، وقررت ماكلولين وزملاؤها النظر بشكل منفصل إلى فئتين من الشدائد: الشدائد المتعلقة بالتهديد ، مثل الإساءة والعنف، والشدائد المرتبطة بالحرمان، مثل الإهمال الجسدي أو العاطفي أو الفقر.

وأجرى الباحثون تحليلًا تلويًا لما يقرب من 80 دراسة، مع أكثر من 116 ألف مشارك، ووجدوا أن الأطفال الذين عانوا من صدمات مرتبطة بالتهديد مثل العنف أو الإساءة كانوا أكثر عرضة للدخول في سن البلوغ مبكرًا وأظهروا أيضًا علامات الشيخوخة المتسارعة على مستوى الخلية.

ومع ذلك، فإن الأطفال الذين عانوا من الفقر أو الإهمال لم يظهروا أيًا من علامات الشيخوخة المبكرة.

وفي تحليل آخر استعرضت ماكلولين وزملاؤها 25 دراسة بشكل منهجي مع أكثر من 3253 مشاركًا فحصوا كيف تؤثر الشدائد المبكرة على نمو الدماغ.

ووجدوا أن الشدائد كانت مرتبطة بانخفاض سماكة القشرة - وهي علامة على الشيخوخة لأن قشرة الدماغ تتقلص مع تقدم العمر.

وارتبطت الصدمة والعنف بالضعف في قشرة الفص الجبهي البطني، التي تشارك في المعالجة الاجتماعية والعاطفية، في حين كان الحرمان مرتبطًا في الغالب بالتخفيف في الوضع الجبهي، والوضع الافتراضي والشبكات البصرية، التي تشارك في المعالجة الحسية والمعرفية.

ربما تكون هذه الأنواع من الشيخوخة المتسارعة قد نشأت في الأصل من التكيفات التطورية المفيدة، وفقًا لماكلولين.

فعلى سبيل المثال، في بيئة عنيفة ومليئة بالتهديدات ، قد يؤدي الوصول لسن البلوغ مبكرًا إلى زيادة قدرة الناس على التكاثر قبل وفاتهم، ويمكن أن يساعد التطور السريع لمناطق الدماغ التي تلعب دورًا في معالجة الانفعالات الأطفال على تحديد التهديدات والاستجابة لها؛ ما يجعلها أكثر أمانًا في البيئات الخطرة.

لكن هذه التعديلات التي كانت مفيدة في السابق قد تكون لها عواقب صحية وذهنية خطيرة في المستقبل.

أما عن الحل والعلاج فقد قالت ماكلولين أن هناك العديد من العلاجات القائمة على الأدلة التي يمكن أن تحسن الصحة العقلية لدى الأطفال الذين عانوا من الصدمة.

وتؤكد ماكلولين أن الخطوة التالية الحاسمة هي تحديد ما إذا كانت هذه التدخلات النفسية الاجتماعية قد تكون قادرة أيضًا على إبطاء هذا النمط من الشيخوخة البيولوجية المتسارعة، إذا كان ذلك ممكنًا، فقد نتمكن من منع العديد من العواقب الصحية طويلة الأمد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved