وداع على رصيف القاهرة.. السودانيون يغادرون مصر في عودتهم الطوعية الثالثة بقلوب ممتنة وحقائب مثقلة بالحنين
آخر تحديث: الإثنين 4 أغسطس 2025 - 9:26 م بتوقيت القاهرة
سهام عيد
بمشاعر فيّاضة جمعت بين لهفة العودة إلى الوطن، والامتنان لبلد احتضنهم وضمد جراحهم، يودّع السودانيون مصر بكل حب وامتنان، يغادرونها وهم يحملون في قلوبهم شكراً وامتناناً لشعبها بعد أن فتح لهم قلبه وبيته، على أمل لقاء جديد على أرض السلام والمحبة.
رافقت عدسة «الشروق» رحلتهم الثالثة التي انطلقت من محطة مصر قبل ساعات، إذ تنطلق أسبوعيًا رحلات عودة طوعية تنظمها السلطات المعنية بتوفير قطار خاص ينقلهم من القاهرة إلى أسوان، لينطلقوا منها إلى بلادهم. التقت العدسة بعشرات منهم، وشاطرتهم الحزن والفرح والشوق والمحبة، ووسط تكدّس حقائبهم المتراصّة، علت أصواتهم الذهبية تصدح في المكان: «شكرًا مصر».
شعب طيب.. شكرًا مصر
«أحب أشكر مصر، وأشكر شعبها الطيب الجميل على حسن الاستقبال»، بهذه الكلمات ودّعتنا سارة صديق يوسف بحرارة، فبعد 3 أشهر فقط من تاريخ قدومها إلى القاهرة، وقعت في غرام أهلها وطيبتهم، فلم تشعر يومًا بأنها مغتربة بل كانت بين أهلها وناسها، مضيفة: «بقالي 3 شهور بس لكن أخذت خبرة كبيرة أوي، حتى اللسان بقى مصري».
تشير سارة إلى أنها شعرت أن هناك صفات مشتركة بين الشعبين المصري والسوداني من طيبة وقبول ومحبة، ممتنة لتجربتها ومتمنية تكرارها، ووجهت رسالة شكر وامتنان للمصريين، ودعتهم لزيارة بلدها السودان، ودعت الله أن يديم الأمن والأمان على مصر ويعلي من شأنها.
جهاد أحمد تاج الدين شاركتها كلمات الامتنان لمصر وهي تحزم حقائبها المثقلة بالحنين لبلدها قبيل لحظات الانطلاق، قائلة: «الشعب المصري جميل جدًا، والمعاملة جميلة، بشكرهم جزيل الشكر إنهم وقفوا معنا في محنتنا واستقبلونا وضيّفونا، الحمد لله رب العالمين».
تشير جهاد إلى أنها قضت في مصر حوالي عام، ولم تشعر بأي تقصير في حقها، موجهة رسالة شكر خاصة للرئيس عبدالفتاح السيسي لوقوفه مع الشعب السوداني في محنته، سواء عبر تقديم المساعدات الإنسانية أو الضيافة أو تنظيم رحلات العودة الطوعية، معبّرة عن فخرها بموقف الرئيس تجاه كل الشعوب الأخرى، داعية له بالتوفيق والسداد دائمًا.
آمنين سالمين
ووسط حقائب عدة يقف حولها عشرات الأسر السودانية، أبدى حسن عبد الله سعادته وامتنانه للمصريين، قائلًا: استقبلونا استقبالًا طيبًا وأكرمونا أكرم كرم، لم يعتبرني أحد هنا نازحًا أو لاجئًا أو أجنبيًا، فكانوا نعم الإخوة لي، مضيفًا: «فرشولنا الأرض ورد والله.. شكرًا مصر».
واتفق معه خالد رمضان فرج الله، قائلاً إنه لم يشعر بأي غربة طيلة عام كامل أثناء وجوده في مصر، خاصة بفضل التعامل والتداخل والترحاب والطيبة التي وجدها في أهلها، وهي من الأشياء النادر وجودها في بلد آخر.
وتمنى رمضان أن يحفظ الله مصر وشعبها وقيادتها من كل سوء، مضيفًا: دخلنا مصر آمنين وخرجنا منها سالمين بإذن الله تعالى.
وأضاف هيثم محمد إبراهيم، أنه سبق له التعامل مع المصريين أثناء فترة عمله في السعودية، ويعرفهم من كرمهم وطيبتهم وحُسن تعاملهم، لذلك عندما وصل إلى مصر قبل عام ونصف، كان يعرف الكثير عن أهلها، وشعر براحة نفسية كبيرة خلال تواجده وكأنه في بلده السودان، موجّهًا الشكر والامتنان لقيادة مصر وشعبها.
عودة آلاف السودانيين حتى الآن
بدوره، عبّر محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، وهي واحدة من الجمعيات المهتمة بالملف السوداني وتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، عن سعادته بعودة الأشقاء السودانيين إلى بلدهم، موضحًا أنه يرى أن الشعب هو من يحمي بلده وليس الجيش فقط، فوجود الشعب على كامل الأرض وانتشاره بها يعطي حالة من الأمن والاستقرار، وبالتالي فالأفضل أن يعود الشعب السوداني إلى بلده.
أوضح العسقلاني أن رحلات العودة الطوعية تقلّ الآلاف أسبوعيًا، فالرحلة الواحدة تضم حوالي 1000 شخص، إلا أن الإقبال يفوق هذا العدد، بالإضافة إلى عودة آلاف السودانيين خلال الأيام الماضية عبر طرق أخرى غير القطار. وأشاد بالدور المصري البارز في احتوائهم خلال الأزمة السودانية، من إيواء وتعليم وصحة وإسكان، مؤكدًا: هذه مسؤوليتنا، وسنضع يدنا في يد الشعب السوداني حتى يعود كما كان.