بعد الكشف عن جرار نبيذ مغلقة في أبيدوس.. هل يبقى المشروب سائلا لـ5 آلاف عام؟

آخر تحديث: الأربعاء 4 أكتوبر 2023 - 12:41 م بتوقيت القاهرة

محمد نصر

عثرت بعثة أثرية مصرية ألمانية نمساوية تعمل في مقبرة الملكة مريت نيث (من الأسرة الأولى) بمنطقة أم القعاب بأبيدوس في محافظة سوهاج، على مئات من جرار النبيذ المغلقة وجيدة الحفظ، وبداخلها بقايا نبيذ يعود عمره إلى نحو 5 آلاف عام، وذلك حسبما أعلنت وزارة السياحة والآثار، ما يطرح سؤالا: هل يمكن للنبيذ المحفوظ في جرار فخارية البقاء سائلا لـ5 آلاف عام؟

الاكتشاف أثار السؤال عما إذا كان للنبيذ المحفوظ في جرار فخارية، البقاء سائلا أو ربما به بعض السيولة لخمسة آلاف عام، ولا سيما وأنه وفقا لتصريح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن الجرار المكتشفة مغلقة، ومحفوظة بشكل جيد، وأيضا بها بقايا من نبيذ.

والإجابة على هذا السؤال هي بالقطع لا يمكن للنبيذ البقاء سائلا بعد مرور5000 عام، حتى في ظل الظروف المثالية، في مكان بارد ومظلم، سيفسد النبيذ في النهاية بسبب الأكسدة وتحلل مركباته الكيميائية، فالجرار الفخارية ستسمح بمرور الأكسجين لكونها ذات طبيعة مسامية.

ولكن ماذا يعني "وجود بقايا نبيذ" بعد كل هذه السنوات؟

وفقا لدراسة نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، نوفمبر 2017، فإن أول دليل على وجود النبيذ يرجع إلى عام 6000 قبل الميلاد، حيث عُثر على جِرار عملاقة عمرها 8000 عام في جمهورية جورجيا يعود تاريخها إلى أوائل العصر الحجري الحديث.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، كان من الممكن أن يخزن الجورجيون القدماء 300 لتر من النبيذ في جِرار يبلغ طولها نحو المتر، وتعتبر عملية الفرك والتنظيف الكيميائي من الممارسات الشائعة لعلماء الآثار في تنظيف الفخار القديم، باستخدام أحماض أو قلويات مخففة، تساعد في الكشف عن أي تفاصيل في الفخار، غالبًا ما تكون مخبأة تحت قشرة من المعادن المتراكمة.

لكن عملية الفرك هذه تمحو أي أثر للمركبات العضوية الملتصقة بالفخار، ولكن في حفريات جورجيا، تخطى علماء الآثار عملية الفرك الكيميائي، وهو ما أتاح للباحثين استخلاص 4 مركبات عضوية موجودة في قطع الفخار، هي حمض الستريك، وحمض الماليك، وحمض السكسينيك، وحمض الطرطريك.

وتشير التركيزات العالية نسبيا من هذه الأحماض مجتمعة مع بعضها إلى كونها أثار لوجود النبيذ، بحسب الباحث في كيمياء النبيذ بجامعة كاليفورنيا، أندرو ووترهاوس، الذي أشار إلى أن: "حمض الطرطريك ينشئ العنب"، وأن مزيج حمض السكسينيك وحمض الطرطريك "يقنع تمامًا بأن هذا نبيذ عنب".

وقال باتريك ماجوفن، الخبير في النبيذ القديم لدى متحف جامعة بنسلفانيا ومؤلف الدراسة، إن العنب هو الفاكهة الوحيدة في المنطقة الجبلية الجورجية التي تنتج حمض الطرطريك، فرغم أن بعض الميكروبات التي تعيش في الأوساخ يمكنها توليد أحماض عضوية، إلا أن عينات التربة لم تظهر أي علامات على وجود هذه المواد الكيميائية بتركيزات عالية.

أشارت بعض القرائن الأخرى إلى العنب المخمر أيضًا، حيث وجد الباحثون أدلة نباتية لبذور العنب القديمة وكذلك قطع من قشر العنب.

مقارنة الشواهد

بالنظر والمقارنة بين كلا الاكتشافين يمكننا إدراك أوجه التشابه، سواء في المكتشفات حيث عرضت وزارة السياحة والآثار صورا لبذور عنب قديمة، وهو ما عثر عليه أيضا في اكتشاف الجِرار الجورجية، أو في الطريقة التي تم بها استخلاص النتائج للوصول إلى استنتاجات حول ما كانت تحويه الجرار الفخارية المكتشفة في أبيدوس قبل 5000 آلاف عام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved