«الشروق» تستعرض عوالم الروايات المنافسة فى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب

آخر تحديث: الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 6:34 م بتوقيت القاهرة

شيماء شناوي

بتسع روايات اختلفت جنسيات وأيديولوجيات مؤلفيها، وتشابهت محاولاتهم فى فهم وتشريح النفس البشرية بكل تفاصيلها وتعقيداتها. وحول عالم عربى ذاق مرارة الحروب والصراعات وشعوب أرهقها الاحتلال وأنهكتها الخيبات المتتالية، تدور عوالم الروايات التسع التى أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب الأحد الماضى، وصولها إلى القائمة الطويلة لفرع الآداب فى دورتها الخامسة عشرة.

القائمة ضمّت 12 عملا من مصر والمملكة العربية السعودية ولبنان والكويت والسودان والعراق، روايات «طبيب أرياف» للروائى المصرى محمد المنسى قنديل والصادرة عن دار الشروق 2020، و«أن تعشق الحياة» للروائية اللبنانية علوية صبح، والصادرة عن دار الآداب 2020، ورواية «وجوه الحوش» للروائى السعودى حسين على حسين والصادرة عن المركز الثقافى 2020، و«غرفة المسافرين» للروائى المصرى عزت القمحاوى، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية 2020. و«الأميرة والخاتم» للروائى اللبنانى رشيد الضعيف، والصادرة عن دار الساقى عام 2020. «فى أثر عنايات الزيات» للروائية المصرية إيمان مرسال والصادرة عن مكتبة الكتب خان، 2019؛ ورواية «سفر برلك» للروائى السعودى مقبول العلوى، والصادرة عن دار الساقى 2019، رواية «حدائقهن المعلقة» للروائية الكويتية نجمة إدريس والصادرة عن دار الآداب 2019، ورواية «توراة المتنبى» للكاتب العراقى نعيم عبد مهلهل والصادرة عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع 2019.

وضمت القائمة 3 دواوين شعرية، هى: «ما أنا فيه» للشاعر المصرى أحمد الشهاوى والصادر عن الدار المصرية اللبنانية 2020، و«مقام نسيان» للشاعر السعودى محمد إبراهيم يعقوب والصادر عن مؤسسة الانتشار العربى 2019، وديوان «إذ همى مطر الكلام» للشاعرة السودانية روضة الحاج والصادر عن دار المسك عام 2020.

وتستعرض «الشروق» عوالم الروايات المنافسة فى السطور التالية:

♦ أن تعشق الحياة.. رواية تقاوم المرض وتنتصر للحياة
تعود الروائية اللبنانية علوية صبح، فى روايتها «أن تعشق الحياة» ــ دار الآداب 2020 ــ لتُكمل مشوارها ومشروعها الإبداعى القائم على فهم وتشريح النفس الإنسانية بكل تفاصيلها وتعقيداتها. حول «بسمة» الراقصة التى كانت تضبط خطوتها بالميلمتر. قبل أن تعيش عدة صدمات قاسية، مع وفاة حبيبها بالسرطان، وزوج يقوده الأسر فى سوريا والتعذيب فى سجونها إلى العجز الجنسى ومن بعده التطرف والجنون. ومرض عصبى ينخر جسدها المتعب من المهدئات والأدوية العصبية، وواقع عربى مليء بالخيبات مع اندلاع ثورات العالم العربى وصعود تنظيم داعش الإرهابى وشلالات الدماء المصاحبة له فى كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا. تنسج «صبح» عوالم روايتها الأحدث لترسم من مآسى البطلة الشخصية ملامح واقع عام نعيشه بكل ما يحمله من مآسٍ وحروب وعنف وصدمات.

الرواية تسلط الضوء على قضايا شائكة ونماذج متعددة وأصيلة من واقعنا المعيش، فنجدها تنتقد صفة البخل، عبر قصة أنيسة صديقة بسمة التى تتزوج برجل بخيل ماديا وعاطفيا، ما يجعلها تقع فى غرام رجل آخر، كريم النفس والمشاعر. وتناقش الأصولية من خلال صديقتها المحافظة، التى تحمل أفكار بيئتها وتصدقها، كما تتعرض لثقافة السحر والشعوذة وإيمان البعض أن تأخر الزواج هو نتيجة لـ«عمل» ما. كما ترسم الرواية صورة الساسة وتحول مبادئ ممارسيها وفق قانون المكسب الشخصى. فيما تقدم نماذج آخرى للقهر الإنسانى وشهوة النفس البشرية من خلال قصة الأب وسماحته التى لم ترض الأم وتمنت رجلا «قويا» بمواصفات جارها، حتى إنها استغلت عجزه على إثر إصابته برصاصة وبدأت تختار ملابسه على غرار ملابس جارها لتجعل منه «الصورة المنسوخة للجار المشتهى»، قبل أن ينتحر وتقع هى فريسة للندم والصراع مع الذات. ليجد قارئ الرواية أن علوية صبح تكتب لتلملم جراح الإنسانية وتقاوم المرض والظلم والعنف بفن الحكايا.

♦ «طبيب أرياف».. رواية عن الحب والرغبة واليأس
حيث الخرافة والأسطورة والواقع والحلم مجتمعة، تأتى أحداث الروائى الدكتور محمد المنسى قنديل ــ دار الشروق ــ من خلال قصة الطبيب الشاب على الذى يتعرض لتجربة قاسية فى بداية حياته فيبدأ رحلة جديدة إلى قرية منعزلة بالصعيد يعانى هناك من الوحدة قبل أن يجد نفسه متغلغلا فى تفاصيل الحياة اليومية للقرية الصغيرة الراقدة على حافة الصحراء.
والرواية تكشف وتناقش العديد من القضايا الشائكة، ومنها نمط العمل فى الوحدات الصحية بقرى مصر، وطرق إجراء الانتخابات، والهجرة غير الشرعية لأهل المحروسة، وتقدم تجربة جديدة فى الكتابة حول العالم الخفى للريف المصرى، ومحاولة اختراق القشرة البدائية التى تحيط به والتى تراكمت على مدى آلاف السنين، «طبيب أرياف» هى رواية عن الحب والرغبة واليأس، عن قرية تختزل العالم، يتصارع فيها البشر والغجر والقوى الحاكمة، وتمتلئ ذاكرتها الخفية بطبقات الزمن المصرى المتراكم.

♦ «غرفة المسافرين».. بساطة الحياة ومتعة السفر
فى كتابه «غرفة المسافرين» ــ الدار المصرية اللبنانية 2020، يقدم الكاتب والقاص عزت القمحاوى تجربة فريدة تحمل فى طياتها نصوصًا سردية حول السفر والكتب والفلسفة والأدب والصوفية والرحلة والسيرة ذاتية للكاتب، ليبنى من خلالها عالمه الخاص ويخرج على قراءه بخلاصات حياتية وإبداعية استقاها أولا وأخيرا من ثقافته المترامية.

يسرد «القمحاوي» حكاياته وأفكاره حول أهمية الحياة وبساطة السفر، ومتعة القراءة وشغف الكتب، والإعدادات التى يحتاجها المسافر بدءا من تحديد الوجهات وحتى الترتيبات التى تسبق السفر من أمتعة، يكتب عن رحلاته عبردول العالم كميلانو وإسبانيا وإيطاليا ورومانيا، اليمن، وغيرها، ولا ينسى الحديث عن حقيبة السفر تلك الرفيقة الصامتة المنسية دائمًا برغم ما تحمله معنا من ذكريات «السفر يحتاج إلى ساقين قويتين تحملانه وذراعين قويتين تجران الحقيبة، ومعدة قوية تستجيب لنزواته، وما لا أدرى من مظاهر القوة اللازمة لإشباع رغباته، لكنه يحتاج إلى عينين أكثر من كل شيء».

♦ «الأميرة والخاتم».. الانتصار على الزمان والمكان
حول أميرة تنام دهورًا لا يُعرف مقدارها منتظرة ذلك الرجل الذى يستحقّها وتستحقّه. لتفيق بعدما أُشربت «عصير تفاح من جبل لبنان»، تسافر فى رحلة عجيبة لتصل إليه، ودلالتها عليه أنه بعد كل خطوة يخطوها ينبت عشب أخضر. يلتقيان ويسافران عبر الزمن ليعود بها إلى عهدها. يقبل منها بعد إصرار ودموع، خاتم الخشب الذى أعدته لتهديه إليه قبل أن يعود إلى زمنه. أما والدها، الملك الذى ينتظر إشارات الغيب، فيكمل عهده لزوجته اكتشافَ مشرق الشمس بعدما اكتشفا مغربها.

بهذه العوالم الفانتازية يعود الروائى اللبنانى رشيد الضعيف فى روايته العشرين «الأميرة والخاتم» ــ دار الساقي ــ إلى التراث وموضوعاته الأثيرة، التى بدأها منذ منتصف الثمانينيات، ويراه منجما غنيا والسر فى خلوده هذا هو ذاته سر عافية الأدب، وسر عافية الفنون عامة.

♦ «فى أثر عنايات الزيات».. الموت كوسيلة وحيدة للنجاة
من مصادفة قادت الشاعرة إيمان مرسال، لقراءة رواية «الحب والصمت» للكاتبة عنايات الزيات، ومعلومة تتمثل فى أن المؤلفة انتحرت بمسكنها قبل نصف قرنِ من الزمان، اشتعل فضول إيمان مرسال، لمعرفة قصة الانتحار الغامضة تلك، وبالبحث عن أرشيف «الزيات»، تكتشف أنه قد دُمر. ومن تلك النقطة تأخذ قرارها بتتبع أثر عنايات الزيات لتبدأ بجمع أخبارها من قصاصات الجرائد والمجلات. وتنسج ملامح حياتها من أقوال الجيران والأصدقاء، فتتعرف على سيرتها الذاتية بشكل دقيق، وتتبين صورة العالم الذى قادها إلى الانتحار، متخلية عن أحلامها وكتابتها وابنها وعالمها وتترك الحياة وتقرر أن تموت! ولتوثق كل ذلك بلغة بديعة وسرد شديد الذكاء فى كتابها تقدم إيمان مرسال فى كتابها، نمطا أدبيا جديدا يجمع ما بين السيرة الذاتية والتخييل والاستقصاء الصحفى والمقال.

♦ «حدائقهن المعلقة».. الاغتراب كبديل للوطن
عن الهجرة والغربة التى يسعى إليها العرب كوسيلة لكسب الرزق أو البحث عن العلم ونيل الحرية التى يفتقدونها فى أوطانهم.. تأتى رواية «حدائقهن المعلقة» للكاتبة والشاعرة الكويتية نجمة إدريس ــ الآداب فى بيروت ــ لتتبع حياة مجموعة من الأشخاص الذين اختاروا «لندن» مهجرا فتبعتهم الجذور، وقربتهم المصالح، وأنضجتهم الصداقاتُ، وأغنتهم التجارب.

فى سياق القص، تتقاطع وجوه كل من سهام، ومنال، وأروى، وسميحة، ونجوى، وغيرهن، وهن يعشن الأدوار والحكايات، ويشكلن شبكة بانورامية من العلاقات الإنسانية الزاخرة أحلامًا وخيباتٍ ومسراتٍ وأوجاعًا.

♦ «سفر برلك».. الغربة والحنين إلى الأم والأرض
يسلّط الكاتب السعودى مقبول العلوى فى روايته «سفر برلك» ــ دار الساقي ــ الضوء على حقبة مهمة من تاريخ الجزيرة العربية؛ مرحلة ما يعرف بـ«سفر برلك» أو التهجير القسرى، التى وقعت لأهل المدينة المنورة قبل أكثر من مائة عام هجرى. على يد الجنود الأتراك المدججين بالسلاح والأوامر الصارمة بتهجير السكان الأصليين خارج الجزيرة العربية، تمهيدًا لتحويلها إلى ثكنة عسكرية ومن ثم فصلها عن الحرم المكى الشريف وإلحاقها تمامًا بالدولة العثمانية.

الرواية التى قسمها «مقبول» إلى فصول صغيرة تتراوح ما بين صفحتين وست صفحات، واستخدم فيها الفترات الزمنية وأسماء المدن عناوين لفصولها التى بدأت وانتهت بمكة، تستند إلى أحداث حقيقة وبطل حقيقى هو «ذيب» الذى يقول المؤلف أنه جد لصديقه.

♦ «توراة المتنبي».. يهود العراق والتوراة المفقودة
حول اختفاء نسخ من التوراة طبعت فى زمن مدحت باشا، لتقع فى يد بائع الكتب الممنوعة من التداول خلال أيام الحصار فى سنوات تسعينيات القرن الماضى، يلتقط الروائى العراقى نعيم عبد مهلهل، خيط روايته «توراة المتنبي»، ــ دار نينوى ــ ليسجل من خلالها ومن خلال أحاديثه مع مازن لطيف «بائع الكتب» تفاصيل قصة التوراة المفقودة التى ذهبت إلى شارع المتنبى لتباع بالمزاد، والدور الحضارى ليهود عراقيين لا شأن لهم فى السياسة وإنما كانوا يتعاطون مع المذاهب الآخرى حياة التعايش والمحبة والمصالح المشتركة.

♦ وجوه الحوش.. الترويع العثمانى لأهالى المدينة
حول التهجير القسرى لأهل المدينة المنورة، إبَّان الحرب العالمية الأولى، والويلات التى قاسها أهلها على يد القائد التركى «فخرى باشا»، تدور أحداث رواية «وجوه الحوش»، للكاتب السعودى حسين على حسين ــ المركز الثقافى للكتاب ــ ليسرد فيها قصة حصار الحلفاء والمتعاون معهم الشريف الحسين بن على، القائم على منطقة مكة المكرمة، والظلم الذى تعرض له أهل المدينة بسبب الحصار؛ مما دفعهم إلى الرحيل حيث المدن والقرى التى لم تطلها الحرب، أو لم ينعدم فيها القوت والأمان.

واسم الرواية مأخوذ عن «الحوش» وهو نمط فى العمارة الإسلامية، يضم مجموعة من المساكن تتوسطها باحة يحيط بها سور خارجى له «بوابة» واحدة فقط تغلق ليلا. اشتهرت المدينة المنورة بعدد كبير من الأحواش، وصل عددها فى وقت من الأوقات إلى ما يقارب المائة حوش. استمر استخدام الأحواش فى المدينة إلى انطلاق توسعة الحرم النبوى الشريف أواخر الثمانينيات الميلادية من القرن الماضى، حيث انتهت الأحواش كأسلوب حياة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved