اليوم التالي لحرب غزة.. الخطة الإسرائيلية والتصور الأمريكي
آخر تحديث: الجمعة 5 يناير 2024 - 10:33 ص بتوقيت القاهرة
محمد هشام
في الوقت الذي دخل فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ91، تصاعدت وتيرة التصريحات الأمريكية والإسرائيلية بشأن خطط اليوم التالي للحرب، وذلك بالتزامن مع بدء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جولة جديدة في منطقة الشرق الأوسط هي الرابعة له منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
* ملامح الخطة الإسرائيلية ما بعد الحرب
استبق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت زيارة بلينكن المرتقبة لإسرائيل بإعلانه للمرة الأولى عن ملامح خطة ما بعد انتهاء الحرب في غزة، والتي كانت مثار تساؤلات خلال الأسابيع الماضية لا سيما شكل إدارة القطاع، وبخاصة الشق المتعلق بالمسئولية الأمنية.
وبموجب الخطة التي كشف عنها جالانت، لن تكون في القطاع الفلسطيني بعد انتهاء القتال "لا حماس ولا إدارة مدنية إسرائيلية"، على حد قوله.
وقال جالانت أمام الصحفيين أمس الخميس، إنه وفقاً لهذه الخطة فإن العمليات العسكرية "ستستمر" في قطاع غزة إلى حين "عودة الرهائن" و"تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس" و"القضاء على التهديدات العسكرية في قطاع غزة"، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف أنه بعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة اسماها بمرحلة "اليوم التالي" للحرب والتي بموجبها "لن تسيطر حماس على غزة"، على حد قوله.
وأكد جالانت أنه بموجب الخطة "لن يكون هناك وجود مدني إسرائيلي في قطاع غزة بعد تحقيق أهداف الحرب"، وأن هذه الخطة تقضي مع ذلك بأن يحتفظ جيش الاحتلال بـ"حرية التحرك" في القطاع للحد من أي "تهديد" محتمل، على حد تعبيره.
الوزير الإسرائيلي شدد أيضا على أن "كيانات فلسطينية ستتولى (الإدارة) بشرط ألا يكون هناك أي عمل عدائي أو تهديد ضد إسرائيل"، على حد قوله.
* غموض بشأن الجهة الفلسطينية التي ستتولى إدارة القطاع
ولم يحدد جالانت من هي الجهة الفلسطينية التي يتعين عليها إدارة القطاع. وكانت قناة "كان" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية قد أفادت في وقت سابق بأن الخطة التي أعدها جيش الاحتلال لما بعد الحرب فى قطاع غزة، تتضمن تقسيم القطاع إلى مناطق تحكمها العشائر، وتتولى مسئولية توزيع المساعدات الإنسانية.
وزعمت أن "هذه العشائر المعروفة لدى الجيش وجهاز الأمن العام (شاباك)، ستقوم بإدارة الحياة المدنية فى غزة لفترة مؤقتة (دون تحديد المدة)"، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول للأنباء.
ورددت تقارير إعلامية إسرائيلية قبل أيام ترشيح دبلوماسيين غربيين لرئيس الوزراء الفلسطينى الأسبق سلام فياض لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، لكن فياض نفي ذلك الأمر بشكل قاطع مؤكدا "لست جزءا من هذا النقاش أو طرفا فيه، ولن أكون"، مشددا على أن إدارة القطاع شأن فلسطينى داخلى يستند للإجماع الوطنى.
* رؤية أمريكية لتوحيد الضفة وغزة تحت إدارة فلسطينية واحدة
وبالتزامن مع تلك الخطة التي أعلنها جالانت، أكدت واشنطن بدورها أنه ينبغي مناقشة نموذج إدارة من شأنه توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إدارة واحدة في المستقبل
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إ في مؤتمر صحفي، إن بلاده ستناقش الحاجة إلى إدارة توحد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة فلسطينية، لكن ميلر امتنع عن تقديم مزيد من التفاصيل حول هذا المقترح، مكتفيا بالقول: "يجب إجراء المناقشات حول هذا الأمر في اجتماعات دبلوماسية خاصة"، وفقا لوكالة الأناضول للأنباء.
وفي الأسابيع الأخيرة، ناقش محللون سيناريوهات عدة لما ينبغي أن يكون عليه الوضع في غزة بعد انتهاء الحرب. ومن بين هذه السيناريوهات عودة السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أبومازن إلى حُكم القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أكد مرارا رفضه عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.
كما أظهرت نتائج استطلاعا للرأي أجراه أخيرا "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية"، (مركز بحثي مستقل مقره في رام الله)، أن ما يقرب من ثلثي الفلسطينيين الذين شملهم (64%) يعتقدون أن حركة حماس ستحتفظ بالسيطرة على القطاع بعد الحرب، وأن السلطة الفلسطينية لا تحظى بشعبية واسعة في القطاع.
بدوره، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية في مقابلة نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى "حل سياسي لفلسطين بأكملها" وليس لقطاع غزة فحسب.
وقال أشتية: "الناس بدأوا يتحدثون عن اليوم التالي، عن السلطة الفلسطينية التي ستحكم غزة مجدّداً، لكن إسرائيل تريد أن تفصل سياسياً قطاع غزة عن الضفّة الغربية".
* جولة موسعة لبلينكن في المنطقة
ويأتي الإعلان عن ملامح الخطة الإسرائيلية قبيل زيارة مرتقبة يجريها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب ستكون الخامسة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
وتندرج تلك الزيارة ضمن جولة خارجية موسعة للوزير الأمريكي تبدأ من تركيا وتشمل الضفة الغربية المحتلة، ومصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، واليونان.
وأكد متحدث باسم الخارجية الأمريكية أن بلينكن سيناقش مسائل من بينها "إجراءات فورية لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كبير". كما سيبحث "منع اتساع رقعة النزاع".
وازدادت الخشية من اتساع النزاع بعد سلسلة ضربات في الأيام الماضية، أبرزها اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري بضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت. كما قتل قيادي عسكري وعنصر في فصيل حليف لإيران في "قصف أمريكي" استهدف مقرا للحشد الشعبي في بغداد.