سفير العراق فى القاهرة فى حوار لـ«الشروق»: مليون برميل بترول جاهزة للتصدير إلى مصر.. وهذه معوقات الاستثمار المشترك

آخر تحديث: الأحد 5 مارس 2017 - 10:22 ص بتوقيت القاهرة

حوار ــ سنية محمود:

• الصدر: لا نتوقع قفزة فى التبادل التجارى مع مصر بسبب إغلاق مصرف الرافدين وأزمة التأشيرات.. ونسعى لجعل القاهرة مركزًا دوليًا لتسويق النفط والغاز
• سداد حصتنا فى الجامعة العربية مرتبط بالوفاء بمتطلباتنا وترشيد الإنفاقات غير الضرورية
• مناورات إيران فى المنطقة ليست موجهة إلى الدول العربية.. ووجود روحانى فى الكويت وعمان «رسالة طمأنة»
• الخليج أدار ظهره للعراق.. والسعودية أدركت أهميتنا أخيرًا.. وزيارة الجبير طال انتظارها
أكد سفير العراق لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية حبيب الصدر، أن بلاده تفتح ذراعيها لمصر بعد أن استعاد العراق عافيته وتبعده أسابيع عن تحرير آخر موقع للإرهاب فى مدينة الموصل.

وأضاف السفير العراقى فى حوار لـ«الشروق» أن قوة مصر وصمودها عامل أساسى لقوة وصمود العالم العربى، حيث أصاب انشغالها العالم المحيط بالنكبات، متمنيا أن تلعب القاهرة دورا رياديا وتعود قوية ومزدهرة مرة أخرى، وأوضح أن بلاده لن تنسى موقف مصر المساند للعراق وعدم إغلاق سفارته حتى بعد مقتل السفير إيهاب الشريف، كاشفا عن صفقة المليون برميل من البترول، التى من المنتظر تسليمها قريبا لمصر، فضلا عن الخطط المستقبلية للتعاون بين البلدين.

• تردد الحديث عن دعم العراق لمصر فى سد احتياجاتها من المواد البترولية، لكننا لم نشاهد شيئا على أرض الواقع فهل هناك عقبات تحول دون إتمامها؟
ــ العراق الآن جاهز لتصدير مليون برميل نفط خام إلى مصر فى حال جاهزيتها وتوقيعها على العقد مع مؤسسة «سومو» لتسويق النفط العراقى، وعندما يأتى المصريون بناقلاتهم ستنطلق الشحنة الأولى بأسعار تفضيلية وبشروط ميسرة لتحميل الكمية، وبعد نجاح الخطوة الأولى سننتقل إلى تصدير النفط الخام إلى مصر لتعود به إلينا فى صورة مشتقات، وما بين المشروعين سنمد أنبوبا من ميناء البصرة إلى العقبة فى الأردن ثم إلى مصر، لإنشاء خزانات ضخمة لتخزين النفط العراقى، تأخذ منه مصر حاجاتها، ويخرج ما تبقى منه إلى الأسواق العالمية، وبذلك تكون القاهرة مركز تسويق النفط والغاز دوليا، نظرا لما يملكه العراق من طاقة تصديرية هائلة وتنويع فى المنافذ عبر الخليج العربى، وميناء جيهان التركى، ونحن نريد أن نجعل من شقيقتنا مصر منفذا للبترول العراقى، إضافة إلى المنافذ الأخرى، ووزير البترول طارق الملا وعدنى منذ أيام بأنه سيتوجه إلى بغداد لتوقيع العقد.

• على الرغم من الحديث عن تميز العلاقات بين البلدين فإن التبادل التجارى لم يترجم ذلك؟
ــ إذا أردنا علاقات مزدهرة مع مصر علينا أولا أن نفكر فى إزالة جميع العوائق أمام حركة رجال الأعمال والسياحة والطلاب العراقيين، ويجب علينا تسهيل حركة الأموال ونضمن تدفقها إلى مصر عبر فرع مصرف الرافدين، والذى لم تسمح السلطات المصرية بعمله إلا لتسديد رواتب التقاعد للمصريين الذين كانوا يعملون فى بغداد، فى حين أننا نرى ضرورة أن ينهض هذا المصرف، ويقوم بجميع المعاملات النقدية ليسهل عمل التجار والمستثمرين العراقيين.

كما يجب أن يتزامن هذا مع إعطاء كل بلد للآخر تفضيلات من إعفاءات جمركية وضريبية، وهذا الأمر يسهل كثيرا من عملية التبادل، وهنا نذكر أن الاستثمارات العراقية فى مصر لا تتخطى ٤٩٠ مليون دولار، وترتيبها ٢٤ من الدول المستثمرة فى البلاد، وهى مقسمة كمساهمات فى ٣٣٢٩ شركة منها ٢٥% صناعية و٢٤% زراعية و٢٢% خدمات و٢٠% سياحة.

وإلى الآن، لم تخط السلطات المصرية سوى خطوة واحدة فى هذا الإطار، حيث طلبت من الجانب العراقى تزويدها بأسماء التجار والصناع ورجال الأعمال ممن لا توجد عليهم ملاحظات أمنية، لإدراجهم فى «قائمة بيضاء»، لكنها لم تتطور إلى تسهيل التأشيرات، والقائمة الآن فى مرحلة الإعداد، وطموحنا أن يدخل العراقى إلى مصر على غرار الخليجى، دون تخويف منهم على أنهم ارتكبوا أعمالا إرهابية، فجواز السفر العراقى معتمد دوليا ومطابق للمعايير ولا خوف من تزويره.

وهناك وعود من الجانب المصرى لم يتم تنفيذها، ونحن لا نتوقع أن تشهد العلاقات التجارية قفزة، حيث وصلت قيمة التبادل التجارى حتى سبتمبر من العام الماضى ٤٨٤ مليون دولار، وإذا لم نعالج الخلل ستبقى الأوضاع على حالها، لكننا نرغب فى تجاوزها والعمل على تفعيل مصرف الرافدين، وفتح التأشيرات للعراقيين للسياحة.

• هناك توجس خليجى من إيران.. فما هو دور العراق لتخفيف هذه المخاوف؟
ــ أنا لا أنكر وجود توجس عربى من تحركات إيران فى المنطقة، لكن طهران تقول لبغداد إن تحركاتها ليست موجهة للدول العربية، بل هى موجهة للدول العظمى، وإن مناوراتها فى الخليج ليست لغرض القيام بعمل عدائى، وأعتقد أن زيارة الرئيس حسن روحانى إلى سلطنة عمان والكويت أخيرا أعطت إشارات لدول الخليج الباقية أن إيران تسعى إلى التفاهم وتبديد الخلافات معها.

وإذا رغبت أى دولة عربية فى توظيف العلاقات مع إيران، فالعراق مستعد أن يقوم بأى دور يصب فى صالح تنقية الأجواء فى المنطقة، لأن أى علاقة بين إيران وجيرانها فى المنطقة العربية ينعكس إيجابيا على الساحة العراقية، وأحيانا يكون العراق ساحة لتصفية تلك الحسابات، وهو ما نرفضه لأننا نريد العراق الجديد فى علاقات ممتازة مع جيرانه سواء إيران، أو تركيا، ومحيطه العربى.

• ما هى الأسباب التى تمنع العراق من سداد حصته فى موازنة الجامعة العربية؟
ــ مساهمة العراق فى موازنة الجامعة العربية موجودة فى أحد البنوك المصرية، ولكننا نشترط كقسم من الدول العربية مثل السعودية، أن تقوم الجامعة العربية بخطوات إصلاحية سعيا إلى تفعيل عمل الجامعة وتحديثه وإجراء مراجعة لعملها، على أن يتم ترشيد الإنفاق غير الضرورى فيها، على أن تؤدى استحقاقات العراق من الوظائف ورئاسة المكاتب الخارجية لكى تدفع هذه الأموال، ولإدخال هذه المساهمة يجب الوفاء بالمتطلبات العراقية أولا.

• ماذا عن حماية آثار الموصل من أيدى تنظيم «داعش» الإرهابى؟
ــ العراق بدأ استعادة عافيته، بينما يريد آخرون أن يبقى مهزوما ويدخل فى مواجهة خاسرة مع الإرهاب الذى يحصد أرواح الأبرياء، لكن الحياة فى بلادنا لم تتوقف على الرغم من هذه الأعمال والمخططات، فالعراق بكل تنوعه قادر على بناء دولته.

تفصلنا أسابيع عن الانتهاء من تطهير أراضى العراق بالكامل من تواجد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابى، فإقدام هذه العصابات على مهاجمة محافظة نينوى، ومنها الموصل التى تعد عاصمة الحضارة الآشورية القديمة، وتدمير موقع «نمرود» الأثرى ما هو إلا بإيعاز من الخارج انتقاما مما أقدم عليه الملك الآشورى فى الزمن السحيق.

كما يقدم الإرهابيون على سرقة الآثار وبيعها، ويريدون مصادرة كل ما هو نفيس فى هذا البلد الحضارى، كما قاموا بتهشيم التماثيل فى متحف الموصل، وأجرت منظمة اليونسكو معاينة ميدانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى المناطق المحررة ومدينة الحضر، وهى المدينة التى تربط العراق بسوريا، بعد ما أقدمت العصابات على العبث بها وسرقة آثارها، وسيتم ترميم الآثار الموجودة من جانب متخصصين عراقيين، بعد تعرضها لدمار كبير.

• هل ستفتح زيارة وزير الخارجية السعودى عادل الجبير للعراق آفاقا جديدة فى علاقات البلدين؟
ــ العراق فتح ذراعه منذ اليوم الأول إلى أشقائه العرب، كما تجمعنا روابط مع المملكة العربية السعودية، فضلا عن حدود تبلغ نحو ٨٠٠ كيلو متر، ونحن نحترم المملكة ونقدرها كثيرا، ولها لدينا مكانة دينية كبيرة.

وعلى الرغم من أن العراق منفتح على جميع الدول العربية بعد ٢٠٠٣، مع سعيه إلى إقامة علاقات أفضل مع جيرانه ومحيطه العربى، لكن كان هناك عزوف من الأشقاء الخليجيين ما عدا الكويت وسلطنة عمان، حيث أدار الأشقاء الخليجيون ظهورهم للعراق، وفى الوقت ذاته أوجدوا فراغا ملأه آخرون من المنطقة، حيث ظلت الرياض تمتنع عن فتح سفارة لها فى بغداد حتى عام ٢٠١٦، على الرغم من أن بغداد لها سفارة وسفير فى العاصمة السعودية، وقنصلية فى جدة، فضلا عن تبادلات تجارية لم تنقطع، وقوافل معتمرين وحجاج عراقيين يذهبون إلى المملكة.

لكننا استبشرنا خيرا عند فتح أبواب السفارة السعودية، وكنت حينها مدير الإدارة العربية فى الخارجية العراقية، واستقبلت السفير ثامر السبهان، ونصحته بالوقوف على مسافة متساوية من جميع مكونات الكتل والأحزاب السياسية، ثم طلبنا استبداله فأرسلوا لنا الوزير المفوض عبدالعزيز الشمرى، وطلبت منه العمل بجهد لتنمية العلاقات بين الشعبين، ووضع الخلافات جانبا، حتى نرسل رسالة إلى شعبى البلدين بأننا على مشارف مرحلة جديدة واعدة.

ولقد سعدنا بزيارة وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، لأنها زيارة طال انتظارها، وهى دليل على إدراك المملكة أن عراق اليوم ليس عراق الأمس، حيث باتت له سياسة حكيمة وتتميز بأننا لا نتدخل فى شئون الغير.

• هل نجحتم فى التصدى لمؤامرة إذكاء الفتنة الطائفية والمذهبية؟
ــ شهدت خلال العقود الثلاثة الماضية تطورا ملحوظا فى الصراعات على أساس مذهبى أو دينى، وبدأت خيوط المؤامرة تتشكل تدريجيا مع تصاعد صوت التيار السلفى فى المنطقة الذى يعتبر كل من لا يؤمن بفكره كافرا أو مرتدا، وقد استفاد هذا التيار من القبول الشعبى اعتمادا على فكرة الجهاد ضد القوات السوفيتية فى أفغانستان، فتم تشكيل تنظيمات متطرفة مثل«القاعدة» و«داعش» لتتم الاستفادة منها فى الأوقات المناسبة، مصحوبة بدعم إعلامى غربى، مع التركيز على الاختلافات المذهبية، وإغفال المشتركات الكثيرة التى توحد بين الأديان والمذاهب.

وهذه التنظيمات الإرهابية غرضها إحداث اختلالات وتغييرات سياسية كبرى فى المنطقة، ويراد منها تقسيم بلداننا إلى دويلات صغيرة، لكننا كشعوب وقيادات أكثر وعيا لأطراف هذه المؤامرة، حيث تبذل القوات العراقية مدعومة بتكاتف شعبى جهودا واسعة لإفشال مخطط تنظيم «داعش» الإرهابى، وتسعى إلى تفعيل مبدأ الحوار الذى يعد الوسيلة المثالية لحل أى إشكاليات، من خلال علماء متخصصين، حيث إن تناول الحوار من جانب أطراف غير متخصصة، دفع إلى ظهور الاختلاف بين المذاهب الموجودة منذ صدر الإسلام، وركز على المختلف منها دون المشترك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved