هل يصبح يهود «الفلاشا» قنبلة موقوتة داخل المجتمع الإسرائيلي؟

آخر تحديث: الجمعة 5 يوليه 2019 - 7:18 م بتوقيت القاهرة

إنجي عبدالوهاب

عكست الاحتجاجات الصاخبة ليهود الفلاشا؛ جراء مقتل يهودي من أصول إثيوبية على يد شرطي إسرائيلي ألقاه الشاب بحجر، هشاشة المنظومة المجتمعية الإسرائيلية ولفتت أنظار العالم إلى تغلغل العنصرية في أعماق التركيبة المجتمعية للكيان الإسرائيلي.

ويرجح المحللون السياسيون والمختصون بالشأن الإسرائيلي إن حادث مقتل الشاب الإثيوبي سلومون طاقى صاحب الـ18 عاما، لن يكون الأخير وأن سياسة الضغط على الزناد تجاه يهود الفلاشا والتي تسببت في مقتل ثلاثة شبان من أصول إثيوبية في العامين الأخيرين ليست بجديدة إنما هي نتاج عقيدة الجندي الإسرائيلي تجاه المواطن العربي حتى وإن كان يهوديًا، كما يؤكد المحللون أن سيناريو العنف والعنف المضاد بين طائفة الفلاشا والدولة سيظل متكررًا لكونه نتاج عنصرية مجتمعية تعززها الدولة، وأنه يعد قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه المجتمع الإسرائيلي آجلًا أم عاجلًا.

قشة قسمت ظهر البعير!

أشعل مقتل الإثيوبي، سلومون طاقى، 18 عاما، على يد شرطي إسرائيلي، المجتمع الإسرائيلي لخمسة أيام متواصلة شهدت إسرائيل خلالها حالة من الفوضى العارمة، وأغلقت الطرقات على إثر اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وآلاف من يهود الفلاشا، بلغت أوجها الثلاثاء، ما أسفر عن جرح 100 شرطى ومئات المتظاهرين فضلُا عن اعتقال 3 شرطيين وما يزيد عن 100 متظاهر، حسب تصريحات المتحدث الرسمى للشرطة الإسرائيلية، ميكى روزنفيلت التي نقلتها وكالة فرانس 24.

من هم اليهود الفلاشا؟
وتطلق تسمية الفلاشا على القبائل الإثيوبية التى دانت باليهودية، والتي سعت الحكومة الإسرائيلية إلى استجلابهم من بلدانهم لحل أزمتها الديموغرافية في مواجهة النمو الديموجرافي العربي، عبر موجات منظمة بدأت في العام 1977.

وتعني فلاشا بالأمهرية المنفيون أو الغرباء، وكلمة هو معبرة تمامًا عن أوضاع اليهود الإثيوبيين داخل المجتمع الإسرائيلي؛ إذ يعانون الاحتكار والازدراء من الكتل اليهودية الرئيسية "الاشكنازية والسفردية على حد سواء"، لكونهم مجموعة إثنية ودينية مختلفة ومستقلة، فعلى الرغم من سعي إسرائيل الدؤوب إلى استجلابهم لحل أزمتها الديموغرافية عبر موجات رسمية منظمة انتهاءً إلى العام 2012 ثم 2019 مع تجدد ولاية بنيامين نتنياهو، إلا أن طائفة الفلاشا لا زالت تعاني أشد أنواع الازدراء والعنصرية من قبل المجتمع الإسرائيلي من جانب ومن قبل السلطات من جانب آخر، ويبلغ تعدادهم حوالي 135 ألف و500 مستجلب إثيوبي وفقًا لآخر إحصاء رسمي.

«الفلاشا».. شوكة في عنق المجتمع الإسرائيلي

وتعليقًا على الاحتجاجات التى يشهدها المجتمع الإسرائيلي منذ خمسة أيام، والتي بلغت ذروتها أمس واليوم، قال الدكتور، طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والمختص في الشأن الإسرائيلي، إن طائفة الفلاشا ستظل شوكة في عنق المجتمع الإسرائيلي وأن هذا الحادث لن يكون الأخير إنما حلقة من سيناريو متكرر تجاه يهود الفلاشا الذين يعانون حالة عنف وقهر ممنهج.

فمن ناحية المجتمع الإسرائيلي الذي يُنظر إليهم نظرة دونية ويٌمارس ضدههم أنواع عديدة من التمييز على مستوى العرق واللون والدين وصولًا إلى دعوات لطردهم بحجة أنهم "أصحاب المهن الوضيعة الذين يكلفون المجتمع الإسرائيلي أعباء مادية وإجتماعية، ومن ناحية أخرى تعزز السلطات الإسرائيلية هذه الممارسات العنصرية باستبعادهم من أية مناصب قيادية في الدولة، فضلًا عن إسرافها في استخدام العنف ضدهم مؤخرًا.

ويرجح فهمي، أن هذه الطائفة تعد قنبلة موقوتة داخل المحتمع الإسرائيلي أصبح ساسته مؤخرًا يعترفون بها، رغم استمرارهم في استجلاب يهود الفلاشاه، وأن السلطات الإسرائيلية أصبحت في حاجة ملحة لمراجعة عنفها الممنهج ضدهم وإلا سيشهد المجتمع الإسرائيلي أحداثًا مشابهة مع الاقليات الأخرى، ويصبح عرضة إلى خطر التصدع والهجرة المضادة بخروج هذه الطوائف المهمشة والمضطهدة إلى خارج إسرائيل، ووضعها على حافة الهاوية.

في السياق ذاته قالت الدكتورة نعيمة أبو مصطفى، الباحثة المختصة بالشأن الإسرائيلي، إن الاحتقان الدائر في الداخل الإسرائيلي جراء العنف والعنف المضاد بين يهود الفلاشا والسلطات الإسرائيلية هو نتاج لسنوات من الضغط والتمييز ضد يهود الفلاشا ذوي الأصول الإثيوبية الذين يواجهون واقعًا صعبًا على المستويين الحكومي والإجتماعي، فعلى المستوى الرسمي تحرمهم السلطان من الاندماج في المجتمع بتخصيص مستعمرات خاصة في المناطق الفقيرة والمهمشة أو لدى تلك النقاط الحدودية غير الآمنة كـ"الخضيرة" و"العفولة"، فضلًا عن النظرة العنصرية السافرة إليهم داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي تتجنب منحهم مرتبة قيادية أو رتبة " سامية" مكتفيًا بتصنيفهم كجنود من الدرجة الثانية.

وأضافت أبو مصطفى أن الفلاشا يعانون العديد من الضغوط الاجتماعية فرفض الكثير من المدارس اليهودية قبول أبنائهم ضمن صفوفها، تحت ذرائع مختلفة، فضلًا عن سلوك وزارة الصحة الإسرائيلية تجاههم برفض تبرعات الدم من قبلهم بدعوى احتوائها على أوبئة.

وأكدت أن سياسة إطلاق النار في وجه الإثيوبيين يكمن ورائها الهاجش الأمني من المواطن العربي حتى وإن كان يهوديًا، وأن ما يحدث مع الفلاشاه منذ العام 2015 هو مؤشر بأن دماء الطوائف والاقليات اليهودية قد تسيل بنفس الطريقة التي تسيل بها دماء الفلسطينيين في حال لم تدراك إسرائيل هذه الأزمة، لكون التركيبة الاجتماعية الإسرائيلية مليئة بالتعقيدات والممارسات العنصرية.

وفي محاولة من الحكومة الإسرائيلية لامتصاص حالة الاحتقان الحالية حطت في مطار بن "جوريون" في تل أبيب عصر أمس الأربعاء طائرة على متنها 602 إثيوبي من أصل 1000 كان من المفترض ض أن يتم استقدامهم من العاصمة أديس أبابا في العام 2020، بحسب تعهدات حكومة بنيامين نتنياهو التي أعدت خطة لاستقدام آخر 8 آلاف يهودي من إثيوبيا، كما استعانت المؤسسة الإسرائيلية بحاخامات من أصول إثيوبية لكتابة مقالات تدعو يهود الفلاشا للقدوم إلى "وطنهم الأم" وأخرى تدعو المحتجين إلى "الحفاظ على وطن اليهود والنسيج المجتمعي للشعب الإسرائيلي"، لكن هذه الخطوة لن يكون من شأنها تهدئة الاحتقان الذي تشهده البلاد أو إخفاء الوضع المعقد للمجتمع الإثيوبي الذي يعيش حالة من العزلة والغربة داخل دولة إسرائيل، بحسبما أوردته أسوشيتيد برس.

يذكر أن حادث مقتل الإثيوبي سلومي الأحد الماضي لم يكن الأول بل سبق وشهدتى تل أبيب في العام 2015 تظاهرة احتجاجية لليهود الفلاشا احتجاجا على تداول فيديو لظابط جيش يضرب مجندا إثيوبيا بطريقة مهينة، لكن سرعان ما فضت القوات الإسرائيلية المظاهرة باستخدام العنف، كما شهد يناير الماضى حادثة إطلاق نار مشابهة من قبل ظابط إسرائيلى أسفرت عن مقتل شاب إثيوبى بالحال، لكن الشرطة بررت تصرف الظابط زاعمة أن الشاب كان يحاول طعن الشرطى بسكين ما دفعه للدفاع عن نفسه، لتخرج بعدها مظاهرات كبيرة مطالبة بالعدالة بين الأعراق المختلفة فى إسرائيل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved