تاريخ صناعة الصابون.. من الدهون إلى الزيوت ثم الكيماويات

آخر تحديث: الأحد 5 يوليه 2020 - 5:01 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

اغسل يديك كثيرًا بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، هذا ما نصحت بفعله مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها جميع الأمريكيين، لمنع انتشار فيروس كورونا.

والصابون منتج استهلاكي واسع الانتشار، وموجود في كل منزل في جميع أنحاء العالم، لكن قلة من الناس يعرفون التاريخ الطويل لصنع الصابون، وهو المنتج الذي يعتمد عليه الملايين من الناس، وفي تلك السطور نتعرف على تاريخ صناعة هذا المنتج، بحسب رواية أستاذ التاريخ في جامعة ولاية ميسيسبي الأمريكية في موقع "كونفيرزيشن"، جوديث ريدنر.

• البدايات الأولى لصناعة الصابون

كان سكان بلاد ما بين النهرين القدماء أول من أنتجوا نوعًا من الصابون عن طريق طهي الأحماض الدهنية، مثل الدهون الناتجة من بقرة مذبوحة أو غنم أو ماعز، بالإضافة إلى الماء والقلويات، وهي مادة كاوية مشتقة من رماد الخشب، وكانت النتيجة خثارة دهنية ورائحة تزيل الأوساخ.

وكان الذكر المبكر للصابون في كتاب الباحث الروماني بليني الأكبر "التاريخ الطبيعي" عام 77 م، ووصف الصابون بأنه دهن مصنوع من الشحم، مشتق عادة من دهون اللحم البقري، والرماد.

واستخدم الناس القدماء، الصابون المبكر لتنظيف الصوف أو ألياف القطن قبل نسجها في القماش، بدلاً من النظافة البشرية، حتى الإغريق والرومان، الذين كانوا رائدين في المياه الجارية والحمامات العامة، لم يستخدموا الصابون لتنظيف أجسادهم، وبدلاً من ذلك، ينغمس الرجال والنساء في حمامات المياه ثم يلطخون أجسادهم بزيوت الزيتون المعطرة، واستخدموا آلة معدنية لإزالة أي زيت متبقي على الجسد.

وبحلول العصور الوسطى، تم استُخدام الصابون الجديد المعتمد على الزيوت النباتية، وحاز على إعجاب الناس بسبب نعومته ونقاوته ورائحته الجيدة، وكان عنصرا فاخرا من بين الطبقات الأكثر تميزًا في أوروبا، وأوله هو صابون حلب، المصنوع من زيت الزيتون الأخضر المملوء بزيت الغار العطري، تم إنتاجه في سوريا ونقله إلى أوروبا من قبل الصليبيين والتجار المسيحيين.

 

 

وسرعان ما تبعته الإصدارات الفرنسية والإيطالية والإسبانية والإنجليزية، ومن بين هذه الأنواع، كان الصابون المصنوع من قشتالة، الذي يحمل اسم منطقة وسط إسبانيا حيث تم إنتاجه، وكان صابون البار الأبيض الذي يحتوي على زيت الزيتون من أدوات الزينة الشائعة بين أفراد العائلات المالكة الأوروبية.

وكان الأمريكيون يستخدمون الصابون في المقام الأول للتنظيف المنزلي، وكان صنع الصابون جزءًا من الروتين المنزلي الموسمي الذي تشرف عليه النساء.

وشرحت إحدى النساء في ولاية كونيتيكت في عام 1775، طريقة صنع الابون كما يلي: "خزنت الدهون من الذبح، والشحوم من الطهي ورماد الخشب خلال أشهر الشتاء، وفي الربيع، صنعوا الغسول من الرماد ثم قاموا بغليه بالدهن والشحم في غلاية عملاقة"، أنتج هذا صابونًا ناعمًا استخدمته النساء لغسل الملابس المصنوعة من الكتان.

وأدى تأسيس مصانع الصابون مثل كولجيت ومقرها نيويورك، والتي تأسست في عام 1807، أو شركة بروكتر أند غامبل ومقرها سينسيناتي، التي تأسست في عام 1837، إلى زيادة حجم إنتاج الصابون ولكنها لم تفعل الكثير لتغيير مكوناته أو استخدامه، واستأنف الأمريكيون من الطبقة المتوسطة الاستحمام بالماء، لكنهم ما زالوا يتجنبون الصابون في الاستحمام.

وظل صنع الصابون امتدادًا لتجارة الشحم التي كانت مرتبطة بشكل وثيق بصنع الشموع، وكان الصابون نفسه للغسيل.

• من أدوات التنظيف إلى جسد الإنسان

في مرحلة لاحقة لذلك بدأ الإصلاحيون والأطباء في دعوة الناس إلى النظافة المستمرة بالماء والصابون والنظافة الشخصية، وازداد الطلب على صابون غير المكلف بشكل كبير بين الجماهير.

وبدأت الشركات في تطوير وتسويق مجموعة متنوعة من المنتجات الجديدة للمستهلكين، في عام 1879 قدمت شركة P&G صابون العاج، وهو أحد أول صابون التواليت المعطر في شركة جوهانسون سوب في ميلووكي، وتلاه صابون بالموليف القائم على النخيل وزيت الزيتون في عام 1898، وكان صابون له مبيعات مرتفعة في العالم في أوائل القرن العشرين.

 

 

كما بدأت كيمياء الصابون في التغيير، ما مهد الطريق في العصر الحديث، للتجارب المعملية على جوز الهند وزيت النخيل المستورد، وزيت بذور القطن المنتج محليًا، حتى تم اكتشاف الدهون المهدرجة في عام 1909، التي أحدثت ثورة في صناعة الصابون من خلال جعل تصنيعه أقل اعتمادًا على المنتجات الثانوية الحيوانية.

كما أدى نقص الدهون والزيوت للصابون خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية إلى اكتشاف المنظفات الاصطناعية كبديل للصابون الدهني والمنظفات المنزلية.

والصابون المصنوع تجاريا اليوم هو منتجات عالية التخصص ومصممة هندسيا، حيث يتم دمج الدهون الحيوانية المركبة والزيوت والقواعد النباتية مع الإضافات الكيميائية، بما في ذلك المرطبات والألوان والروائح، لجعل الصابون أكثر جاذبية للحواس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved