«نائب الشعب» أبو العز الحريري.. قصة كفاح من «البرلمان إلى فراش الموت»

آخر تحديث: الجمعة 5 سبتمبر 2014 - 3:38 م بتوقيت القاهرة

أحمد محروس وأحمد بدراوى

كان أصغر نائب برلماني يعيش حياته للدفاع عن حقوق الشعب ويشارك أهالي الإسكندرية -مسقط رأسه- همومهم حتى حصل على لقب «نائب الشعب».. أبو العز الحريري السياسي اليساري الذي توفى، مساء الأربعاء، بعد إصابته بوعكة صحية نقل على إثرها إلى مستشفى القوات المسلحة بمصطفى كامل في الإسكندرية.

«الحريري» اقتحم الحياة السياسية فى وقت مبكر وانضم إلى حزب التجمع وأصبح نائبا بالبرلمان عن دائرة كرموز بالإسكندرية عام 1976، وهو لايزال فى الـ 32 من العمر، حتى أطلق عليه «أصغر نائب بالبرلمان».

وكان ابن الإسكندرية قياديا يساريا بارزا شارك في تأسيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، واحتفظ بلقب «نائب الشعب» حتى وفاته، والذى لطالما شارك أبناء الإسكندرية همومهم الحياتية، وكشف فساد الزمرة الحاكمة، وسياسات التزوير والاحتكار.

السجن والاعتقال 17 مرة والفصل من البرلمان كانت حصيلة مواقفه السياسية المعارضة. أبو العز الحريري عاش حياته مهموما بقضايا المواطنين الغلابة، وخاض الانتخابات الرئاسية عام 2012 التى فاز فيها الرئيس المخلوع محمد مرسى.

قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، عنه في كتابه خريف الغضب: “قابلته وكان معنا فى سيارة الترحيلات القائد العمالى البارز أبوالعز الحريرى، الذى هون علينا الرحلة”.

المناضل الراحل من مواليد قرية الدواخلية بمركز المحلة الكبرى فى عام 1944، وحاصل على دبلوم صنايع غزل ونسيج، ثم استكمل دراسته حتى حصل على ليسانس حقوق، ثم ليسانس آداب، وذلك أثناء عمله بالشركة الأهلية للغزل والنسيج.

أصغر برلمانى

حصل أبو العز الحريرى على هذا اللقب بعد خوضه انتخابات مجلس الشعب عام 1976 عن دائرة كرموز بالإسكندرية، حيث لم يتعد وقتها عمره 32 عاما، ثم خاض بعد ذلك انتخابات تكميلية فى عام 1984 دائرة محرم بك بالإسكندرية، وبعدها خاض المعارك الانتخابية فى انتخابات أعوام 90 – 95 – 2000 -2005 -2011.

الصدام مع السادات

بدأ الحريري صداماته السياسية مبكرا، وواجه الرئيس الراحل أنور السادات داخل البرلمان، فى وقت كانت فيه البلاد تشهد أوضاعا متغيرة ومفصلية اقتصاديا وسياسيا، ووقف مع عدد من نواب المجلس ضد الرئيس وسياساته، ورفض التصالح مع إسرائيل واتفاقية كامب ديفيد، وهو ما تسبب في فصله من المجلس وحل برلمان 1976.

الحريري ونظام مبارك

اشتبك القيادي اليساري مع أحمد عز فى بداية صعوده وسيطرته على الحزب الوطنى من خلال صداقته لمبارك الابن، وقدم العديد من الاستجوابات ضد «إمبراطور الحديد»، كاشفا استيلاءه على شركة حديد الدخيلة بالتواطؤ مع الحكومة، ليصبح المحتكر الأول للحديد.

ولم يكتف الحريرى برفض الحزب الوطنى ورجاله المحتكرين، وإنما انتقد سياسات حزب التجمع الذى ينتمى إليه، رافضا أى تنازل عن سياسة الحزب الداعية إلى التغيير.

ثورة 25 يناير

كان من أسرع السياسيين المبادرين للمشاركة فى ثورة 25 يناير فور انطلاقها، ولم تمنعه حالته الصحية من مشاركة المتظاهرين فى الإسكندرية فعالياتهم، سواء فى المسيرات أو الاعتصامات المختلفة فى الإسكندرية والقاهرة.

وبعد تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك، احتفل الحريرى بذلك الحدث فى ميدان التحرير، وظهر أعلى منصة شارع طلعت حرب، خلال مناشدته الشباب بعدم مغادرة الميدان لحين استكمال إسقاط النظام.

وانتخب لعضوية مجلس الشعب لدورة 2011 عن تحالف «الثورة مستمرة»، وخاض معارك عديدة تحت قبة برلمان «الإخوان».

الإخوان و30 يونيو

كان أبو العز الحريرى من أكثر المنادين بإسقاط جماعة الإخوان وحزبها، والمشاركين فى ثورة 30 يونيو، ورفع دعوى قضائية لحل «الحرية والعدالة» مع النائب السابق حمدى الفخرانى، كما أعلن رفضه قانون التظاهر معتبرا أنه تجاهل ثورة المصريين مرتين، وكسر الشعب لحاجز الخوف، وأن القانون به مخالفات قانونية عديدة.

ضريبة المعارضة

دفع الحريرى ضريبة معارضته للأنظمة السابقة مرارا، حيث تعرض للعديد من الاعتداءات البدنية، أبرزها هجوم مسلح عليه أيام معارضته لسياسات السادات، ووقع اعتداء آخر عليه أواخر نوفمبر 2012 من قبل أنصار جماعة الإخوان، الذين أصابوه بجروح قطعية فى الوجه وأسفل الحاجب.

الحريري ومكتبة عرابى

كانت «مكتبة عرابي» لبيع الأدوات المكتبية والدراسية الكائنة بشارع الترام بمنطقة محرم بك، مصدر دخله الوحيد وهى رأس ماله منذ أربعين عاما، واشترتها زوجته المعلمة زينب الحضرى فى عهد السادات، عقب عودتها من إعارة للسعودية، للمساعدة فى الإنفاق على الأسرة، لاسيما بعد فصله من عمله فى بداية السبعينيات بالشركة الأهلية للغزل والنسيج، بمنطقة كرموز، عقب معاركه مع الإدارة، دفاعا عن مطالب عمال الشركة.

وتعد المكتبة، صالونا وملتقى ثقافيا، ومقرا لمسرح عمليات الحشد لتظاهرات، خاصة قبل ثورة يناير، ضد سياسات مبارك وتوريث الحكم لنجله.

على فراش الموت

ناضل أبوالعز الحريرى ضد المرض لأيام متواصلة داخل المستشفى العسكرى بالإسكندرية، لم يسلم خلالها من هجوم معارضيه الذين شككوا فى مرضه، معتبرين ذلك «حيلا انتخابية لكسب تعاطف الناخبين فى الانتخابات البرلمانية المرتقبة».

محافظ الإسكندرية، اللواء طارق المهدى، كرم الحريري قبل وفاته بنحو أسبوع وقدم له درع المحافظة أثناء زيارته، تقديرا له على جهوده فى لجنة إنقاذ بحيرة مريوط، التى كان عضوا بها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved