استقلت قطارا لتلهو مع الأطفال وضلت طريقها.. قصة سيدة تعرفت على أهلها بعد غياب 50 عاما

آخر تحديث: الأربعاء 5 أكتوبر 2022 - 10:44 ص بتوقيت القاهرة

محمد راشد

شهدت مدينة الأقصر، عودة سيدة إلى عائلتها بعد ما يقرب من 50 عامًا من الغياب، جالت فيهم بين محافظات الجمهورية المختلفة، بعد أن ضلت العودة إلى والدتها وهي تلعب مع مثيلات عمرها في أحد قطارات السكة الحديد بمحافظة بني سويف.

قالت "رضا أحمد عبدالرحيم" 59 عامًا، ربة منزل، تقيم الآن بمنطقة نجع الطويل في الكرنك القديم بالأقصر، إنها استطاعت، بفضل جيرانها، التعرف على أهلها بعد أن فقدت الأمل في ذلك الأمر لتغيبها عنهم طيلة 50 عامًا، لم تتوقع عقب مرورها أنها تكون على موعد مع رؤيتهم مجددًا واحتضانهم مرة أخرى.

وأوضحت عبدالرحيم، لـ"الشروق"، أن البداية تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، بينما كانت في يوم تمكث بجوار والدتها التي كانت تعمل حينئذٍ باعة خضروات وشاي بجوار محطة سكة حديد بني سويف، أخذها عدد من الأطفال لتلهو معهم في أحد القطارات، لكنها لم تُدرك تحركه، وفوجئت بتمكن الأطفال من النزول قبل أن يتحرك ولم ينبهوها، لتمكث فيه وتبدأ رحلة جديدة ضلت فيها العودة لأهلها.

وأضافت أن بكائها في القطار الذي كان متجهًا إلى الصعيد جعل إحدى السيدات تلاحظها، لتحاول الاستفسار منها عن سبب البكاء، فأخبرتها أنها ضلت العودة لوالدتها بسبب تحرك القطار، فاصطحبتها السيدة إلى قسم شرطة مركز ملوي في محافظة المنيا لتسلمها إلى مأمور القسم، وبعد 5 أيام من عدم الاستدلال عليها، قررت ابنة مأمور القسم اصطحابها وتربيتها في منزلها، إلى أن لامست "رضا" الـ15 من عمرها.

وتابعت: "بعد ذلك قررت ترك المنزل للسفر، رغم عدم تحديدي لأي جهة سأسافر إليها، لكني خُضت تجربة قاسية في السفر بين معظم محافظات مصر، فكانت حياتي عبارة عن محافظة أصبح فيها، وأخرى أمسي فيها، وبين هذا وذاك قررت الذهاب إلى الأقصر للبحث عن فرصة عمل، وبالفعل وصلت وكانت هي البداية لمرحلة جديدة من حياتي، كللت بزوج وأبناء صالحين".

وأشارت إلى أنه بعد أن تعرفت على زوجها، عرض عليها أقارب من عائلته فكرة زواجه منها لتشابه ظروفهما الحياتية المتمثلة في عدم وجود الأب والأم لكليهما، هي لتغيبها عنهم، وهو لوفاتهم، فوافقت على الفور، وأثمرت تلك الزيجة عن 5 أبناء ذكور وبنت وحيدة أصغرهم، لتكون جميع تلك المعطيات سببًا في استقرارها بمنطقة نجع الطويل بالكرنك القديم، وعدم تفكيرها في مغادرة الأقصر كما فعلت مع باقي المحافظات التي زارتها.

واستطردت أنها خاضت مرحلة جديدة أيضًا من حياتها عندما أصبحت أرملة بعد وفاة زوجها نتيجة إصابته بورم خبيث، وباتت هي العائل الوحيد لأسرتها، فبدأت رحلة كفاح للإنفاق عليهم وتدبير احتياجاتهم وإلحاقهم بالتعليم، وهو الأمر الذي ساعدها فيه أهالي المنطقة لحسن أخلاقها من جهة، ومن جهة أخرى حبًا في زوجها الذي ترك بينهم سيرة طيبة قبل أن يرحل متأثرًا بمرضه.

وأكملت: "كل هذه المراحل والصعوبات مررت بها وواجهتها، ومع تقدم السن كان لا يزال حلم العودة إلى أسرتي يراودني كل حين والآخر؛ حتى قررت سرد تفاصيل قصتي لإحدى صديقاتي، التي وعدتني بحل المشكلة عبر التواصل مع أحد الأشخاص المهتمين بحل مشاكل الحالات الإنسانية، لكن ما حدث بعد ذلك لم أتوقع أن يتحقق يومًا ما".

وأردفت أنه بالفعل تم التواصل مع ذلك الشخص، الذي بدوره سأل في محافظة بني سويف، ونشر التفاصيل والدلائل على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى أن حدثت المفاجأة وكشف لها عن أن أحد أفراد عائلتها تعرف عليها، وطلب التواصل معها للذهاب إليها هو وباقي العائلة، وهو ما تم فعلًا.

واستطردت أن اليوم الأربعاء شهد أول مرة تجدد لقائها بأهلها وعائلتها الذين وصلوا إلى الأقصر في السادسة صباحًا بعدد ضم 40 فردًا، على رأسهم والدتها دونًا عن والدها، الذي أخبرها بأنه قد توفي منذ فترة كان يتمنى فيها أن يلقاها ويجمعها مرة أخرى مع شقيقتيها في منزل العائلة.

وعن استمرار إقامتها في الأقصر من عدمه، أكدت أنه على الأرجح ستظل مقيمة نظرا لاستمرار دراسة أبنائها من جهة، وتكوينها دائرة علاقات كبرى تشمل جيران ومعارف وأصدقاء خلال كل الفترة التي تغيبت فيها عن أهلها، لذلك من الصعب تحويل الإقامة إلى بني سويف، لكنها ستأخذ فترة كبيرة خلال الأيام القادمة تمكث فيها مع والدتها لتعوض ما فقدته من مشاعر الأمومة منذ 50 عامًا ضلت فيهم طريق العودة إليها قبل اليوم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved