حياة عمامو: مقارنة الفكر العربي بثقافات أخرى في سياقات زمنية متشابهة يعرفنا مواطن القوة والضعف

آخر تحديث: الخميس 5 ديسمبر 2019 - 2:05 ص بتوقيت القاهرة

شيماء شناوي

قالت الدكتورة حياة عمامو، المؤرخة والأستاذة في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، إن إرساء فكر عربي جديد يستدعي النقاش حول معنى التجديد في الفكر العربي، وهل هو تجديد في طرح المسائل التي يتطرق إليها هذا الفكر؟ أم يتعلق الأمر بتجديد المناهج والمقاربات لتتحول أبحاث العرب من مجرد كتابات لا يعرفها سوى مؤلفيها وخاصة عندما تكون مكتوبة بالعربية، إلى مؤلفات يُعتد بها في الأوساط الفكرية والثقافية على مستوى العالم؟

وأضافت «عمامو»، خلال مشاركتها في أعمال المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي «فكر 17»، الذي يُعقد هذه السنة بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، تحت عنوان "نحوَ فكرٍ عربي جديد"، في مدينة الظهران شرقي السعودية، في الفترة ما بين 2 و5 ديسمبر الجاري، «في حقيقة الأمر لا يمكن الإجابة على كل هذه التساؤلات إلا عندما يجتمع أبرز المختصين في كل العلوم الإنسانية والاجتماعية في العالم العربي ليتناقشوا حول معنى الجديد في الفكر العربي.

وتابعت: إنّ الاستهلال للبحث في مثل هذا الأمر، يستوجب على ما اعتقد العودة إلى التاريخ لرصد المحطات الكبرى التي تميزت بالجدة في تفكير علماء العرب سواء كانت إيجابية باعتبار مساهمتها في تقدم المجتمعات أو سلبيّة لأنها أحدثت الانغلاق والجمود.

وأوضحت الأستاذة في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، إن البحث في المحطات الكبرى التي ميزت فكر العلماء العرب، منذ نشأة الفرق الكلامية الإسلامية "المعتزلة، القدرية، المرجئة"، إلى فكر علماء النهضة في القرن التاسع عشر، مرورا بما أنتجه هذا الفكر من أفكار ونظريّات بين القرنين 3هـ/ 9م و8هـ/ 14؛ كفيل بأن يعرفنا على السياقات والأسباب التي مكنت الفكر العربي من الازدهار أو الانكماش.

وأكملت «عمامو»، لنتعمق في فهم مكانة الفكر العربي في محطات زمنية مختلفة، نعتقد أن مقارنتها مع مكانة الفكر في ثقافات وحضارات أخرى سواء كانت أوروبية أو غيرها في سياقات زمنية مشابهة، قادر على أن ينير أمامنا السبيل لمعرفة مواطن القوة والضعف في فكر العرب الذي تطور أحيانا ليفيد البشرية، وانحسر وانغلق أحيانا أخرى لأنه لم يتمكّن من التأثير والتأثر بالآخر.

وأردفت صاحبة كتاب «السيرة النبوية.. كماهج نصوص وشروح»، على ضوء ما سيقع رصده حول مسيرة فكر العرب في التّاريخ ومقارنته بمسيرة الفكر في العالم في سياقات تاريخيّة مشابهة، يمكن أن نفتح مسارات تجعلنا قادرين على البحث في قضايانا المعاصرة باعتماد المناهج والمقاربات العلميّة التي توصل إليها الفكر الإنساني الحديث بقطع النّظر عن هويّته الجغرافيّة والثّقافيّة أو خلفيّته الفكريّة والسّياسيّة، لأنّ الفكر النّقدي الذي تتضمّنه هذه المناهج يكفل للباحثين فرز ما هو علمي ممّا هو توظيف إيديولوجي.

وقالت «عمامو»، إنّ هذا الطّرح المقتضب لإرساء فكر عربي مفيد لثقافاتنا ومجتمعاتنا، لا يمكن أن يتبلور ويرى النّور على المستوى المتوسّط دون انتشار مكثف لمراكز بحث في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في كلّ البلدان العربيّة، ودون إمكانيّات تُساعد على الملتقيات العلميّة من أجل النّقاش المعمّق التي يصدر عنها منشورات مكتوبة باللّغة العربيّة يضاهي مستواها العلمي والمنهجي مستوى المنشورات الغربيّة ليقع ترجمتها من قبل الغرب إلى لغاتهم الأكثر انتشارا في العالم لأهميّتها العلميّة والفكريّة لفهم الكثير من القضايا التي يهتمّون بها في أبحاثهم العلميّة.

واختتمت الأستاذة الجامعية، «يبدو أنّ هذه الطريقة قد تُمكّن المفكرين والباحثين في العالم العربي من اكتساب مكانة في العالم تجعلهم يساهمون بفكرهم الذي قد تكون له خصوصيّة ثقافيّة وفكريّة ليصبح مرجعيّة لفهم ما يحدث في العالم العربي وربّما في مناطق أخرى قد تكون أثّرت وتأثرت بما حدث ويحدث في إحدى البلدان العربيّة أو في بعضها أو كلّها».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved