صلاح فايز.. 60 عاما من الإبداع في الأغنية المصرية

آخر تحديث: الإثنين 6 أبريل 2020 - 10:23 م بتوقيت القاهرة

أمجد مصطفى

كتب أجمل الكلمات الوطنية والرومانسية بشتى صورها

لم يكن الشاعر الكبير صلاح فايز مجرد مؤلف تقليدى للاغانى، لكنه ظل الرجل العسكرى المحافظ على عمله بالقوات المسلحة المصرية، حيث شارك فى كل الحروب التى خاضتها مصر، ظل على جبهة القتال فى مسارين الأول بجوار الجندى المصرى بجوار خط القناة وعلى أرض سيناء، والثانى من خلال الكلمة حيث سطر اجمل الكلمات منها الوطنية والرومانسية العاطفية بشتى صورها... صلاح فايز ظل يغرد طوال ما يقرب من 60 عاما يقدم الأغنية المصرية بكل ما تحمله من معانٍ جميلة.

هو صلاح الدين فايز وشهرته (صلاح فايز) ولد فى 13 نوفمبر 1934 بالقاهرة. متزوج وله ابنان وبنت. حصل على بكالوريوس علوم عسكرية 1953، ليسانس آداب جامعة القاهرة 1960، دبلوم معهد السيناريو، عمل بالقوات المسلحة ملازما ثانيا بسلاح الفرسان 1953، وتدرج فى الرتب العسكرية حتى رتبة لواء وحصل عليها 1983.

من مؤلفاته: الليلة العظيمة، وثلاثة دواوين زجلية فى أدب المعارك بالاضافة إلى العديد من الأغنيات لكبار المطربين. حصل على وسام القدوة الحسنة والخدمة الطويلة، نيشان التدريب، وسام الجمهورية من الطبقة الثانية.

ولد الشاعر الكبير صلاح فايز، فى حى شبرا، وبزغت مواهبه الأدبية أثناء دراسته الثانوية بمدرسة التوفيقية، حيث كتب العديد من الأناشيد الحماسية ضد الإنجليز، والتى كان يرددها زملاؤه أثناء المظاهرات عام 1948.

كراهيته للإنجليز دفعته إلى الالتحاق بالمدرسة الثانوية العسكرية الملكية ليحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية عام 1951م، وكان أستاذه فى ذلك الوقت أديب سلاح الفرسان يوسف السباعى، الذى فطن لموهبته الأدبية حيث كان يعرض عليه أزجاله وكلماته، وبدأت إبداعات فايز فى ذلك الوقت فى الظهور على صفحات مجلة «الكلية الحربية»، وأمام الدعم الذى قدمه السباعى لصلاح فايز، كان عليه أن يختار بين أمرين إما «الرواية» أو «الشعر الغنائى»، لكن التلميذ خالف أستاذه واختار ثانى الطريقين.

اختار فايز أن يحتفظ بهويته العسكرية دون أن يترك موهبته الفنية، وهو خيار صعب لم يستطع أستاذه السباعى أو الفنان أحمد مظهر أن يغيراه ليحذو حذوهما حيث تفرغاا لمواهبهما الفنية الأول كأديب والثانى ممثل كبير، بل نراه مشاركا فى كل الحروب التى خاضتها مصر مثل العدوان الثلاثى، ونكسة يونيو 1967، وحرب الاستنزاف، وعبور السادس من أكتوبر.

شهد عام 1960 بزوغ نجم الشاعر صلاح فايز، فأثناء الإعداد لحفلات أعياد ثورة يوليو، التقى فايز بالفنان والموسيقار الكبير محمد فوزى، وعرض عليه بعض أعماله فاختار منها أغنيتين شهيرتين، هما «بعد بيتنا ببيت كمان.. حلو ساكن من زمان» وأغنية «يا ولاد بلدنا يوم الخميس»، وساعد انتشار الأغنيتين على صدور شهادة الميلاد الفنية لفايز بين كتاب الأغنية فى طليعة الستينيات.

وبعد هذا التعاون المثمر مع فوزى، أجازته لجنة النصوص والغناء برئاسة الموسيقار محمد حسن الشجاعى فى الإذاعة المصرية، والتحق بمعهد الفنون المسرحية، ومن روائع الأغانى الإذاعية التى قدمها فايز كانت أغنية «أكتر تلاتة بحبهم.. بنتى وابنى وأمهم» لاسماعيل شبانة، والتى حظيت بشعبية كبيرة بين مستمعى الراديو، فضلا عن بعض الأغانى مثل «زى البحر غرامك» لمحمد قنديل، و«جالك وقتك» لكارم محمود، و«خفة دمك مش على حد» لعبداللطيف التلبانى، وغدارين لمحرم فؤاد.

بعد التعاون المثمر مع فوزى، كان اللقاء مع الدلوعة شادية فى أغنيتها الشهيرة «كلك حنية يا حبيبى.. كلك حنية.. وما فيش زيك فى الدنيا ده واحد فى الميه»، وأغنية «الحب الحقيقى» من ألحان خالد الأمير، الذى كون معه ثنائيا كبيرا.

وقد ساعد على اتمام هذا التعاون الفنى أن الشاعر والموسيقار من أبناء المؤسسة العسكرية، وقد أبدعا معا فى عشرات الأغنيات التى حملت توقيعهما، ولكن أشهرها على الإطلاق كانت رائعة «وحشتنى» لسعاد محمد، والتى تقول كلماتها «وحشتنى.. عدد نجوم السما.. وحشتنى.. عدد كلام الهوا.. وحشتنى.. فى كل يوم إنما وحشتنى.. أكتر وأكتر».

وتواصل الإبداع الفنى لفايز والأمير، حتى أُطلق على ذلك الثنائى الفنى اسم «الأخوين ضبطانى» لأنهما ضباط، فى إشارة إلى الثنائى الشهير الذى كونه الأخوان عاصى ومنصور «رحبانى» مع فيروز فى لبنان.
أمير الغناء العربى هانى شاكر، كان واحدًا من أبناء جيل الوسط الذى استفاد من تلك الشراكة الفنية بين فايز والأمير، فى أغنيات مثل «كده برضه يا قمر» و«معقول نتقابل تانى»، وأبدع فايز فى أغنية «مشتريكى.. ماتبعيش.. وارجعى ما تضيعيش عشرة العمر فى ثوانى» من ألحان الموسيقار محمد سلطان.

ومثلما كانت كلمات فايز داعمة لتقديم هانى شاكر فى بداية مسيرته الفنية، تكرر الأمر مع أنغام حين شدت من كلماته وألحان والدها محمد على سليمان «فى الركن البعيد الهادى»، و«ببساطة كده وبكل وضوح.. أنا عايشة كده بقلبى المفتوح»، و«هوا المصايف» وغيرها من الأغنيات التى جاوزت 40 أغنية بين العاطفى والوطنى والدينى، وبهذا يكون محمد على سليمان شكل ثنائيا جديدا مع صلاح فايز وكلاهما يميل إلى مدرسة الغناء الرومانسى الدافئ فى الكلمة واللحن لذلك جاءت أعمالهما المشتركة فى قمة الابداع. وامتدت علاقة سليمان وفايز على المستوى الإنسانى ايضا، حيث كان الثنائى شديدى الحرص على الاطمئنان على بعضهما البعض، وكان محمد على سليمان اول من رثى الراحل الكبير على صفحته الشخصية على فيس بوك ووضح عليه التأثر الشديد وهو يودع صديق العمر.

شغل صلاح فايز منصب أمين عام جمعية المؤلفين والملحنين لسنوات طويلة.

كما فاز بجائزة الأغنية الصباحية (صحى الصباح) لحن فاروق الشرنوبى وتم تكريمه فى مهرجان الأغنية عام 2003، فاز بجائزة الأغنية الصباحية عام 2006 بأغنية (صباح الفل) تلحين خالد الأمير وغناء نادية مصطفى كما كتب صلاح فايز النصوص الغنائية الاحتفالية (رحلة العائلة المقدسة) عام 2000.

من أشهر الملحنين الذين تعامل معهم محمد فوزى وبليغ حمدى وحلمى بكر وخالد الأمير وسيد مكاوى ومحمد الموجى ومحمد سلطان وعلى إسماعيل وعمار الشريعى ومحمد على سليمان وجمال سلامة ومحمود الشريف ومنير مراد وعبدالعظيم محمد ورياض السنباطى ومحمد ضياء الدين وصلاح الشرنوبى ومحرم فؤاد وإبراهيم رأفت ومحمد الشيخ ومختار السيد وخليل مصطفى وفاروق الشرنوبى وفاروق سلامة وحسن أبوالسعود وطه العجيل وحسين فوزى وسمير حبيب ومنير الوسيمى وحسن نشأت وحجاج عبدالرحمن ورياض الهمشرى ووليد سعد وحسن دنيا.

تعامل مع كبار نجوم الغناء منهم: محمد فوزى ومحمد عبدالمطلب ومحرم فؤاد ومحمد قنديل وكارم محمود وعبدالغنى السيد ومحمد رشدى ومحمد العزبى وعمر فتحى وعماد عبدالحليم وهانى شاكر ومدحت صالح ومحمد الحلو وفايزة احمد وليلى مراد وشادية وصباح ونجاح سلام وشريفة فاضل وهدى سلطان وسعاد محمد وفاتن فريد ووردة الجزائرية وميادة الحناوى وعفاف راضى وسميرة سعيد وانغام.

حرص صلاح قبل عدة أيام فقط على أن يكتب على صفحته انه يستأذن فى الغياب قليلا حتى يسترد صحته ولكنه رحل حيث كتب فى ‏٣٠ مارس‏، الساعة ‏٨:٣٨ م‏·

اعتذار ووعد بلقاء قريب
أعتذر لأصدقاء الصفحة الأعزاء عن اضطرارى للتوقف مؤقتا عن مداومة التواصل اليومى معكم للظروف التى تمر بها البلاد حاليا بسبب هذه الكورونا اللعينة علاوة على ظروف مرضى شخصيا، وحتى تنقشع سحب الغُمّة وتعود الأمور إلى مسارها الطبيعى بإذن الله.. أعدكم بالعودة الحميدة والمثمرة ولكم منى أحلى المنى بتمام الصحة والعافية.

وإلى اللقاء بهذه الكلمات ودع جمهوره ومريديه واصدقائه وتوقف عن التواصل اليومى الماضى، ورحل، فى صمت وهدوء.

ويبدو أنها كانت فترة الراحة القصيرة قبل أن يذهب إلى رحاب ربه حيث الراحة الطويلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved