محمد على سليمان: الاختيار عمل مضىء من كل الوجوه

آخر تحديث: السبت 6 يونيو 2020 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ أمجد مصطفى

أشجع أنغام على العودة للدراما لكن أنا معها فى التأنى والتمهل حتى تجد النص الذى يناسبها
موسيقى «فالنتيو» غير مناسبه لموضوع المسلسل.. وأداء سميرة سعيد فى «لما كنا صغيرين» جيد لكنها تستحق لحنًا أفضل
غياب كبار الموسيقيين عن المشهد سببه أن المنتج يبحث عن الأرخص
اقتحام موسيقى المهرجانات للدراما مؤشر خطر
دائما ما يكون تتر أى مسلسل أو موسيقاه التصويرية من عوامل نجاح أو فشل العمل الدرامى، وكم من المسلسلات بدأت رحلة النجاح مع المشاهد من المقدمة الغنائية، وهنا لابد أن نتذكر أول مسلسل تليفزيونى حقق نجاح من تتر البداية «الضباب» الذى وضع موسيقاه الموسيقار الكبير محمد على سليمان، ثم توالت المسلسلات التى كان للتتر تأثير كبير مثل «ليالى الحلمية» لميشيل المصرى وغناء محمد الحلو أو «الوسية» لياسر عبدالرحمن ومحمد الحلو و«المال والبنون» لياسر عبدالرحمن وعلى الحجار، وكذلك الضوء الشارد وذئاب الجبل لجمال سلامة وموسيقى رأفت الهجان ودموع فى عيون وقحه لعمار الشريعى وبوابة الحلوانى لبليغ حمدى وعلى الحجار، والخواجه عبدالقادر وغوايش لعمر خيرت، وفى رمضان من كل عام تقدم الاعمال الدرامية وكما تبحث الناس عن اسماء ابطال العمل هناك ايضا من يبحث عن اسم المؤلف الموسيقى من هؤلاء الاسماء الموسيقار الكبير محمد على سليمان الذى وضع موسيقى عشرات الاعمال ابرزها سلسلة «سنبل» مع محمد صبحى و«سر الارض» و«الساقيه ويوميات ونيس وكفر عسكر غناء على الحجار والساقية غناء انغام والشارع الجديد.
تأثير محمد على سليمان فى الاغنية المصرية كبيرو يكفى انه قدم صوتين من اهم الاصوات المصرية اولهما شقيقه الراحل عماد عبدالحليم والثانى انغام نجمة مصر الاولى فى عالم الغناء خلال الربع قرن الاخير، لذلك عندما اردنا تحليل المشهد الغنائى والموسيقى خلال رمضان الماضى كان علينا ان نعود لموسيقار بحجم محمد على سليمان لكى يحلله لنا... فى البداية قال:
شاهدت بعض الاعمال التى عرضت فى رمضان، منها مسلسل «شاهد عيان» موسيقى أحمد مدحت ووجدته عملا جيدا موسيقيا ومن الممكن أن يكون للمؤلف الموسيقى شأن فى المستقبل ويكون له دور فى عالم الموسيقى التصويرية، والتتر وجدته جيدا ايضا.. وعندما تتابع الدراما بشكل جيد تشعر انه حد فاهم عمله وهذا الامر لم يعد موجود كثيرا فى من يعلمون بالموسيقى التصويرية.اما مسلسل «فرصه تانيه» التتر غناء رامى صبرى والحان مدين الذى اعتمد على الة واحدة وهى التشيللو ومعه الكى بورد وهذا جعلنى اشعر ان هناك فقرا فى العمل، اما لانه ليس لديه ميزانية كافية لتنفيذ العمل ام انه هو شخصيا فقير فكريا.
وفى مسلسل «خيانة عهد» ليسرا تشعر ان المؤلف المؤلف الموسيقى للعمل ليس مفكرا، فيما تغنى سميرة سعيد تتر «لما كنا صغيرين» بشكل جيد لكن انا شخصيا كنت اتمنى ان تقدم لنا سميرة حاجة افضل لأنها مطربة كبيرة، فالاداء كان جيدا لأنها سميرة سعيد، لكن اللحن لم يخدمها بالشكل الذى يجعلها تستخدم كل امكانيات صوتها.
اما «الاختيار» فهو العمل المضىء والجيد من كل الوجوه ولم لا وهو يتناول سيرة ابطال وشهداء مصرنا الحبيبة، وأنا شخصيا معجب به واكثر عمل شعرت به.
أشكر المؤلف الموسيقى للعمل تامر كروان وهنا لابد ان اشير إلى دور المعد الموسيقى لان الدراما تعتمد عليه لانه يحصل على ما وضعه المؤلف الموسيقىو يقوم بتركيبها على المشاهد مشهدا مشهدا، لان المؤلف الموسيقى فى الدراما لا يضع الموسيقى على مواقف محددة،غير السينما فهو يضعها على المشهد.
< لكن عمر خيرت على سبيل المثال يعمل فى الدراما بمفهوم السينما بمعنى انه يؤلف الموسيقى على المشهد مباشرة.
ــ فى السينما ليس هناك معد موسيقى، ربما عمر يفعل ذلك فى الدراما لكن ليس كل الناس مثله، معظم الدراما تعتمد على المعد الموسيقى الذى يقوم بتوزيع ما انتهى اليه المؤلف الموسيقى، على العمل كاملا وربما يكون لديه صلاحيه فى دمج بعض الجمل وتحريك جمل اخرى طبقا للدراما وهنا لابد ان اشير إلى ان مدة المشهد فى الدراما لها دخل فى العمل لان المشاهد اكثر واطول عكس السينما لان الفيلم ايقاعه اسرع لان احداثه غالبا لا تزيد عن ساعتين.

< نعود للاختيار.
ــ الموسيقى مناسبة وجيدة لكن هناك الافضل، لكن انا اشكر المؤلف الموسيقى على مجهوده الملحوظ داخل العمل.

< هل هناك مشاهد كنت ترى أن الموسقى كان من الممكن ان تكون اكثر تعبيرا؟
ــ لا يمكننى الحكم على ذلك لكن بالتأكيد ربما تكون هناك مشاهد تحتاج التعامل معها بشكل افضل، لكن فى النهاية تحية منى للمؤلف تامر كروان، الاهم فى الموضوع ان يكون المؤلف الموسيقى عنده غزاره فى الموسيقى أى قدم للمعد مساحة موسيقية اكبر يمكنه من استغلالها.

< وكيف ترى استخدام نشيد الصاعقة «قالوا ايه» الذى كتبه ولحنه رائد متقاعد محمد طارق بعد استشهاد أحمد منسى؟
ــ كنت اتمنى من فريق عمل المسلسل ان يتم تقديم عمل جديد يكون مفاجأة للجمهور يواكب لحظة استشهاد البطل أحمد منسى، لان هذا الشهيد وكل زملائه يستحقون ذلك، ويستحقون الافضل فى كل شىء نظرا لما قدموه لنا من تضحيات بالارواح لكى يعيش الوطن وكل ابنائه مرفوعى الرأس.
انا شخصيا احببت نشيد الصاعقة وقت طرحه، لانه عفوى واضح فيه حالة الحب التى عليها النشيد، لكن انا دائما اكون حريص على ان يكون العمل الموسيقى فى الدراما يتمتع بصفة الخصوصية أى صنع من اجل العمل واتصور ان المنسى يستحق ان يصاغ له عمل غنائى وكنت اريد ان يخص المسلسل الشهيد منسى بعمل ينسب اليه.

< هل انت من المدرسة التى تفضل مشاهدة بعض المشاهد الدرامية قبل وضع موسيقاها من أجل الشحن النفسى؟
ــ طبعا انا من هذه المدرسة، قراءة المشهد، انا شخصيا فى احيان كثيره عندما كنت اقرأ مشهد على الورق واستشعر انه سيكون له تأثير أو انه مشهد مهم كنت اطلب من المخرج مشاهدته بعد التصوير، حتى اشحن نفسى معنويا، خاصة فى الدراما لان التفاصيل فيها كتير.

< ماذا عن مسلسل عادل امام فلانتينو؟
ــ استمعت اليه وشعرت ان موسيقاه تنم عن عمل وطنى وعندما تابعت حلقات المسلسل اكتشفت انه ينتمى إلى دراميا الفانتازيا وبالتالى لا تتناسب الموسيقى مع الاحداث والفكرة الدرامية.

< بعض المسلسلات استخدمت اغانى المهرجانات فى التتر.
ــ عندما وجدت ان بعض الاعمال تعتمد على المهرجانات رفضت الاستماع اليها وغيرت القناة.

< هذا يعنى انك مع الرأى القائل ان اغانى المهرجانات بزحفها نحو الدراما تمثل هبوطا جديدا فى مستوى الدراما الموسيقى؟
ــ طبعا هذا تعبير جيد، وهذا الامر يعد مزيدا من الهبوط وهذا التعبير يناسب تماما هذا الامر الذى يراه البعض غناء، واعتبره مؤشر خطر.

< غياب الكبار مثلك وياسر عبدالرحمن وعمر خيرت على مستوى الموسيقى وعلى مستوى الاصوات على الحجار ومحمد الحلو عن المشهد كيف تراه؟
ــ ربما يكون الامر متعلقا بالميزانية وهم يرون ان الكبار ستكون مطالبهم اكثر، وهنا المنتج يبحث عن الارخص بالنسبه له وهو منطق المنتج التاجر، الاسترخاص بدون ان يغضب منى احد هو سيد الموقف، رغم ان الدراما تحتاج إلى خبره فى الكتابه لكن المنتج لا يهتم بهذا.

< هل هى ناحية انتاجية فقط ام ان هناك اسبابا اخرى؟
ــ عدم الدراية بأهمية الموسيقى ويبدو ان المنتجين غير مقدرين لأهمية الموسيقى التصويريه، لم يذكروا هذا الامر وعليهم ان يدرسوا الامر مرة اخرى فى الدراما والسينما والاذاعة، الموسيقى عنوان العمل هى وسيلة الجذب. قليل من المخرجين الذين يصرون على ان يهتم المنتج بالموسيقى.

< الآن التتر لم يعد عنوانا للعمل بمعنى انه اصبح اغنية مستقله للدعاية اكثر من كونه تتر!
ــ لم يعد التتر اشارة، فى الماضى كان هناك مسلسل اسمه الضباب الحانى وبطولة وغناء شقيقى الراحل عماد عبدالحليم، كانت الناس تجلس فى منازلها بمجرد ان تبدأ الموسيقى لدرجة ان عماد رحمه الله كان يستقل سيارته اثناء بداية المسلسل ويجوب شوارع القاهرة ليرى بنفسه مدى اهتمام الناس بالعمل، كانت القاهرة اثناء عرض العمل تبدو خالية. وهذا المسلسل هو الذى لفت سمع الناس إلى التترات ليس فى مصر لكن فى العالم العربى. التتر ينادى المستمع ما حدث حاليا ان بعض منتجى ومخرجى الدراما لم يعد هناك اهتمام منهم بالامر.

< هل ابتعاد كبار المخرجين ايضا عن المشهد مثل محمد فاضل وانعام محمد على ورباب حسين وغيرهم له علاقه؟
ــ طبعا كنت اتحدث مع احد المخرجين وسألته عن ذلك رد قائلا انه لم يعد يرى هناك اهتمام بالدراما والمنتج يبحث عن الارخص.

< لكن هناك مخرجين شبابا يحصلون على مبالغ كبيرة؟
ــ هذا صحيح، لكن المخرج الكبير عندما يكون فى الصورة سوف يحصل على مبالغ اكبر اكيد لأنه يمتلك التاريخ والموهبة وكل شىء. ومهما ارتفع اجر الشباب لن يصل إلى اجر الكبار.

< هل ترى ان هناك فجوة بين كبار مؤلفى الموسيقى التصويرية وهذا الجيل من المخرجين تجعل التعامل بينكم امرا صعبا؟
ــ كل ما فى الامر انهم يخضعون لما يريده ويراه المنتج، لأن المنتج الشاطر الآن هو الذى يوفر فى الميزانية، بالمناسبة الكبار دائما طلباتهم لا تتعدى توفير حد ادنى من الامكانيات التى تضمن خروج العمل بشكل جيد، هذا كل ما فى الامر، لكن ليس هناك فجوة بيننا وبين الشباب الا اذا صنعوا هم تلك الفجوة لان العمل الفنى ليس فيه مساحات بين الاجيال، لان الابداع ليس موضة وتنتهى، وإذا كان هناك تخوف من البعض من التعاون من الكبار فهذا التخوف من صنيعتهم. وربما تكون الفجوة فى كوننا ككبار ندقق فى التفاصيل، وهذا لصالح العمل. وللأسف يأتى ابتعاد الكبار رغم ان القماشة الدرامية اصبحت اكبر، عدد المسلسلات زاد والفضائيات زادت، وهذا يجب ان يوضع فى الاعتبار.. هذا وارد لكن انا شخصيا اعطنى تكلفة العمل الذى يجعلنى اقنع المشاهد بالعمل كابداع.

< هل الشباب من الممكن ان يخشى التعامل مع الكبار؟
ــ نعم قد يخشون التعامل معنا لاننا كما قلت لنا طلبات متعلقة بالجودة، لاننا فى مصر التى قدمت مبدعين على مر التاريخ والتنازل عندنا مرفوض، انا شخصيا لا آخذ الموضوع بشكل تجارى.

< هل ترى أن الموضة الغنائية لها دخل بمعنى ان البعض يرى أن التتر اصبح مجرد اغنية دعاية لذلك فهو يريدها مواكبة للعصر حتى يعرضها بعيدا عن المسلسل؟
ــ هذا ايضا توفير فى العمل لا يخدم العمل الدرامى.

< بماذا تفسر هجرة نجوم الطرب بشكل عام إلى الدرما رغم ان اغلبهم خلال انتشار الكاسيت كان يرفض غناء التتر؟
ــ لانه لم يعد هناك انتاج غنائى فالبديل المناسب هو الدراما، وهم هجروا واقصد هنا الاجبار على الهجرة لم يهجروا لانهم يفهمون ماذا حدث، وهذه وجهة النظر لم افهمها بعد، هناك مصلحة مشتركة المطرب يعى ان صناعة الاغنية فى محنه ووجوده اصبح على المحك، لذلك ذهب إلى الدرما لان صوته سوف يدخل البيوت ٣٠يوم فى الشهر غير الاعادة. وعامل عدم الانتاج الغنائى مؤثر.

< هل هناك صوت معين يمكننا ان نقول ان الدراما كسبته؟
ــ كان من الممكن ان نقول هذا لو الكاسيت شغال، كان يظهر من كسبته على الحجار والحلو كانوا مؤثرين جدا ومعهم شعر الجمهور بأهمية الدراما لكن الان اغلب الاصوات ذهبت رغم عنها، الان وصلنا لمرحلة ما يسمى المهرجانات، موسيقى الدراما والتتر لابد ان يفاجئ الجمهور بشكل جديد وليس بتقليد اعمال بما فيها السلبيه، الدرما تحتاج إلى شكل تانى من الغناء، فى الدراما الغناء مختلف تماما.

< آخر عمل قمت به فى الدراما؟
ــ اتذكر اننى حصلت على جائزة احسن لحن فى العالم العربى من مهرجان اتحاد الاذاعات العربية، ووقتها وفى نفس العام كلفت بعمل كل مسلسلات الاذاعةو معظم اعمال التليفزيون ولدرجة اننى فى فترة لم انم طوال اربعة ايام كاملة، من وقتها تقريبا. والاذاعة الان اصبحت تستخدم موسيقى موجوده لديهم وهذا ممنوع طبقا لقوانين حقوق الملكية الفكرية.

< كلمة لصناع الدراما.
ــ الدراما هى الحياة اتمنى ان تهتموا بحايتنا. لاننا نود ان نرى اين نحنو الدرما هى التى ستقول ذلك.

< بعيدا عن الموسيقى ما رايك فى الدراما بصفة عامة؟
ــ ارى مبالغة فى العنف، ارجو ان تعوا ان هذا ينتقل للشارع وينعكس عليه.

< ما الذى نفتقده فى الداما؟
ــ العاطفة الاعمال التى تعتمد على الموضوعات الإنسانية اكثر. لاننا نحتاج اليها، اعمال تنتصر للقيم والمثل العليا والعودة إلى ما كنا عليه لأن الشباب اصبح عنيفا الآن.

< هل هناك فنان كبير بعيد تتمنى عودته؟
ــ بالعكس الآن لدينا وفرة فى الممثلين.. لدينا قطاع عريض اتمنى ان نحسن استغلاله لأنهم يستحقون الرعاية لكن على هذا الشباب الا ينسوا من سبقوهم.

< انغام لها تجربة فى الدراما ووقتها قلت انها ذكرتك بسيدة الشاشة فاتن حمامة وهى الان ابتعدت هل انت مع عودتها للدراما.
ــ طبعا انا اتمنى ان تعود وانا تحدثت معها فى ذلك وردت على ردا مقنعا قالت لى يا بابا العمل الدرامى يحتاج إلى وقت وجهد جبار وهى مطربة، من اجل هذا فهى تتمهل حتى تجد العمل الذى يستحق التضحية، والذى يعوضها عن فترة الغياب عن الاغنية.

< انت ترى أن انغام لابد ان تستمر فى مشوار الدراما.
ــ طبعا لكن انا معها فى ضرورة التأنى فى الاختيار.

< هل هناك قضية تشغل محمد على سليمان؟
ــطبعا قضية الهوية الموسيقية نحن افتقدنا الربع تون فى كل اشكال الغناء، وهو سمة فنانى العالم العربى واكثر ما يميز الموسيقى العربية عن غيرها، وهو من اهم المقامات العربية التى فقدناها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved