واقعية «ورد مسموم» تدفعة لتمثيل مصر فى المنافسة على أوسكار أفضل فيلم أجنبى

آخر تحديث: الجمعة 6 سبتمبر 2019 - 8:29 م بتوقيت القاهرة

الفيلم حصل على أعلى الأصوات فى لجنة السينمائيين بعد منافسة كبيرة مع خمسة أفلام

 

قالت اللجنة الخاصة لاختيار الفيلم الذى يمثل مصر، فى مسابقة أوسكار أفضل فيلم ناطق باللغة الأجنبية برئاسة مسعد فودة نقيب السينمائيين، إن فيلم «ورد مسموم» للمخرج أحمد فوزى صالح اختير ليمثل السينما المصرية فى المنافسة على أوسكار أفضل فيلم أجنبى، بعد حصوله على أعلى نسبة تصويت 11 صوتا، فى الجلسة التى أقيمت أمس الأول واعتمدت على التصويت السرى، بعد اكتمال النصاب القانونى بحضور 22 عضوًا من أعضاء اللجنة.
فيما حصل فيلما (ليل خارجى، وعيار نارى) على 4 أصوات، وصوت واحد لكل من فيلم (الممر، والحلم البعيد)، ولم يحصل الفيل الأزرق على أى أصوات.
وكانت اللجنة اختارت، قائمة قصيرة ضمت أفلام (ورد مسموم، وليل خارجى، والفيل الأزرق 2، والممر، والكنز، وعيار نارى)، بالإضافة إلى الفيلم الوثائقى الطويل «الحلم البعيد»، وبعد قيام الأعضاء بمشاهدة الأفلام الخمسة، انتهى الرأى، إلى اختيار فيلم «ورد مسموم»، ليمثل مصر فى المسابقة العالمية.
«ورد مسموم» مأخوذ عن رواية أحمد زغلول الشيطى «ورود سامة لصقر»، بطولة محمود حميدة، وصفاء الطوخى، وكوكى، وإبراهيم النجارى، وسبق للفيلم أن عرض بالعديد من المهرجانات العربية والأجنبية منها «روتردام»، «المهرجان الدولى للسينما بمراكش»، وفاز ببعض الجوائز، منها 3 جوائز فى مهرجان القاهرة السينمائى، فى دورته الـ40، حيث حصل على جائزة صندوق الأمم المتحدة للشباب، وجائزة صلاح أبوسيف (جائزة لجنة التحكيم الخاصة)، وجائزة أحسن فيلم عربى.
ينتمى فيلم «ورد مسموم» إلى سينما واقعية تشكل حالة خاصة، فشخوصه يعيشون ولا يعيشون، يتنفسون أجواء رمادية الحلم والأمل، واليأس أيضًا، دقات ساعات يومهم تقف عند حدود زمن يلف فى نفس الدائرة بانتظام.. مجتمع يسعى، ساحر أو حكيم ينظر للبشر دوما مع ابتسامة وكأنه غير قادر على تغييرهم أو مساعدتهم.. تلك الحالة على الشاشة سربتها لنا صورة مدهشة وصادمة وذكية أرادها المخرج والمؤلف الشاب أحمد فوزى صالح فى أولى تجاربة بالسينما الروائية الطويلة.
فى الفيلم الذى يبدأ بمشهد لتدفق المياه فى أحد شوارع القاهرة وبالتحديد منطقة المدابغ نرى تحية «كوكى» فتاة شابة، ليس لها فى الحياة سوى شقيق واحد يدعى صقر «إبراهيم النجارى» يريد الفرار من واقعه والسفر بعيدا حيث يعمل بمدابغ الجلود، وهو الذى تعتمد عليه فى كل شىء ويمثل كل أحلامها، لكن ابتعاده عن شقيقته يتركها متخبطة ووحيدة وتائهة دون أمل فى تحقيق ما تصبو إليه، تريد منعه من السفر بأى ثمن، لتخرب العلاقة الرومانسية المزدهرة بين شقيقها وطالبة فى كلية الطب، كما تحاول إحباط خطط صقر، المستقبلية بأن يصبح لاجئا فى قارب إلى إيطاليا، ومن بين الجلود المجففة والبغال المتعبة، يشاهد الساحر «محمود حميدة» المشهد بصمت.
قصة تحية وصقر، هى حياة المهمشين الحالمين بالحصول على حياة أفضل، إلا أن الواقع المؤلم لا يضع أمامهم سوى اختيارات ضئيلة، كما يصور الفيلم مظاهر الإحباط والقسوة والفقر والمرض بشكل فنى مدهش.
عنوان الفيلم يثير أيضا الدهشة، فالأرض التى تجرى بها المياه طبعا ترمز إلى تلوث تلك الأحلام بالصعوبات التى يعيشها البشر، وفى واحد من أجمل مشاهد الفيلم البديع بصريا، نرى تحية تلم الورد من على المقابر وتضعه فى إناء ثم تفرغه فى المياه، ليتشرب بما يجرى بالماء، وكم كانت الصورة مدهشة فلا هى وردية ولا هى ملوثة تماما، الحلم يختلط باليأس وضوء الحياة فى حالة من الزغللة.
لجوء أحمد فوزى صالح، نحو التجريب بتلك الصورة ربما جعل موضوعه غير واضح تماما، وإن كانت الفكرة رائعة، وربما ينتاب المشاهد حالة قلق من مسألة إدراك دوافع شخصياته إلى الدوران فى تلك الحلقة المفرغة، من دون أمل فى النجاة، فالعمل الروائى له مواصفاته، فهل أراد أن يسير السيناريو فى طريق بلا نهاية وعدم تقرير المصير، وخاصة بالنسبة لبطليه، الأساس القوى للفيلم، ربما!! بالصورة الواقعية المدهشة التى قدمها أحمد فوزى صالح منذ عدة سنوات فى فيلمه «جلد حى» نقلت لنا عالما قاسيا فى المدابغ، لكن كان الإنسان لديه عنده أمل.
بدون شك نجح المخرج فى خلق إيقاع خاص به، بتكوين اللقطات بأبعادها التجريبية، وخاصة ذلك العالم الذى يستهويه ويغرق فى تصوير مظاهر الفقر والتخلف والتلوث وطرق العمل البدائية، وتصوير الطرقات الضيقة، وقنوات المياه القذرة التى تجرى وسط البيوت، ومعاناة العاملين فى مدابغ الجلود، أو فى لقطات طويلة، مع كاميرا متحركة، ومن خلال إيقاع بطىء، فتحية تمر بممرات وحارات وأزقة ضيقة، وتعبر قنوات قذرة، وتظل تسير والكاميرا تتابعها من الخلف تارة، أو من الأمام تارة أخرى، هذه الحركة تتكرر يوميا؛ ليصنع عملا واقعيا يرتبط بالتعبير عن جانب من حياة البسطاء والمهمشين، وإن كان لم يخترق مشاعر وحياة من يقطنون المنطقة وكذلك طابعها الإنسانى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved