ما قبل نصر أكتوبر.. كيف كسر السادات إحباط المصريين وفاجئ الغرب؟

آخر تحديث: الخميس 6 أكتوبر 2022 - 2:41 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

مع كل ذكرى لحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، يستعيد الجميع، الذكريات والأحداث التي ترتبط بأحد أهم المراحل في تاريخ مصر، وعالقة في أذهان المصريين من عاصرها ومازال على قيد الحياة ومن نُقلت لهم في كتب التاريخ والأغاني والدراما وأيضاً ما سطره الكُتاب والأدباء.

وفي سياق الذكرى 49 لحرب أكتوبر نعود إلى أحد الكتب المهمة التي سُطرت عام 1974 بعد العرب بفترة قصيرة، وأعيد كتابته ونشره عام 1997، وهو كتاب "حرب الساعات الست" للصحفي عبدالستار الطويلة.

يذكر الكاتب في فصله الأول "ساعة الصفر"، جزءا من حوار أجراه مع الرئيس الراحل أنور السادات في مارس عام 1973 أي قبل شهور من الحرب، قال السادات فيه: "إن كل باب طرقته قد أوصد في وجهي بمباركة أمريكية لقد نام كل انسان ولكنهم سرعانا ما سيفيقون... إذا لم نأخذ قضيتنا بأيدينا فلن يتحرك أحد... وكل شئ في هذا البلد بعد الآن من أجل تلك الحرب حتى لم يعد هناك مفر منها...".

كانت هذه الأجواء الملتهبة على أرض مصر هي إرهاصات ما قبل الحرب، الجميع يترقب وينتظر متى سوف تقع الحرب التي يسترد فيها المصريين حقهم المغتصب في حرب 1967، وسطر الكاتب أيضاً كيف كان نظر العالم من الخارج إلى مصر خلال هذه الفترة الحرجة، وتحدث في هذا السياق عن جولته في أوروبا الغربية في نفس العام، وكانت الصحف الغربية معظمها حينها تتناول عبارات مألوفة مثل "عاد الرئيس المصري مرة أخرى يردد أحايثه عن ثمن حرب ضد إسرائيل".

يقول الطويلة: "كنا نحن المصريين الزائرين أو العاملين في أوروبا عندما نقرأ مثل تلك التعليقات كنا نصاب بالغم والكمد فقد انحدرت مكانة العرب بعد هزيمة 1967 إلى المستوى الذي أصبح العالم يقابل كل حديث عربي عن العزم العربي للتحرير كأنه مجرد أوهام أو دخان في الهواء لا يعني أحد بالالتفات إليه أو أخذه على محمل الجد... كان الوضع بالنسبة لنا نحن العرب متردياً بشكل يأكل الوجه كما يقال".

في صفحات الكتاب، يذكر الطويلة جانب من حوار له مع وزير خارجية سويسرا، أجراه في شهر مارس عام 1973، وقال: "تحدثت مع الوزير عن النزاع العربي الاسرائيلي ورددت أمامه الكلام المعروف عن اعتداء اسرائيل واحتلالها للأرض العربية، واغتصابها لحقوق شعب فلسطين وتشريدها لذلك الشعب... واستمع الوزير طويلاً ثم ابتسم في النهاية وقال نحن وقعنا على قرار مجلس الأمن، ولما سألته عما إذا كان ممكن أن تفعل سويسرا شيئاً مع المجتمع الدولي لاجبار اسرائيل على تنفيذ ذلك القرار، صاح قائلاً: بحق السماء افعلوا شيئاً فاوضوا أو قاتلوا! وهذا ما كنت اسمعه من كل الأصدقاء أو حتى المحايدين في انجلترا وفرنسا وألمانيا الغربية وكل مكان كان الجميع يردد كلاماص لا يخرج في معناه عن تلك العبارة المكثفة".

أوضح الطويلة أن الجميع كان لا يصدق جدية فكرة الحرب لدينا نحن العرب، وكانوا يشككون في كل مرة يتم سؤالهم في هذا الجانب، ويردد البعض "هل نتظاهر من أجل قضية ميتة مثلاً!"، وآخرون "هل تريدون الحرب فعلا .. لا نكدا نصدق وإذا ما حاربتم ألا تخشون الهزيمة الساحقة من جانب الإسرائليين".

لم يكن العرب والمصريين تحديداً منفصلة بعيدون عن هذه الآراء والأقاويل بل بالعكس خلقت حالة من الإحباط واليأس الشديد لديهم، وقال الطويلة في هذا الصدد: "لا شك أن واحداً من الأسباب الكامنة وراء اندفاع كثير من الخريجين المصريين نحو الهجرة هو محاولة منهم للهرب من الشعور بالمهانة والعجز نتيجة لاحتلال اسرائل للأراضي العربية، ومحاولة تحقيق الذات في عالم رحب يتسع للتكنولوجيا والأنا.. وكان بعضهم يصم الآذان عن أي حديث عن نية وجدية الاستعداد للمعركة بل منهم من كان يهاجمم من يردد تلك الأقاويل ويتهموه بالعيش على فتات النظام وأوهامه".

كان كل شئ يسير باتجاه واحد فقط الانكسار وفقدان الأمل، ولكن على حد وصف الكاتب "بعد الساعة الثانية بقليل تسمرنا جميعاً في مقاعدنا وقد أرهفنا السمع والقلوب تدق بعنف فقد كان صوت المذيع يملً لا الغرفة بل البيت بل كل بيت بل كل شارع وفي العالم العربي كله بيان رقم واحد الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة هذه هي الحرب إذن".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved