يسري فودة: السيسي شخص لديه قدرة على قراءة الموقف.. ومن حقه الترشح للرئاسة

آخر تحديث: الأربعاء 6 نوفمبر 2013 - 5:51 م بتوقيت القاهرة
حوار ــ أحمد فاروق:

«الشروق» التقت يسرى فودة قبل عودته بأيام لتكشف للقارئ اسباب عدم ظهوره على الشاشة بعد 30 يونيو، وهل يعتبرها ثورة أم انقلابا؟ كما يكشف عن سبب وصفه للإعلام المصرى بـ«المسعور» بعد الإطاحة بحكم الإخوان، وعن الشكل الذى سيتعامل به مع التيار الاسلامى فى برنامجه الفترة المقبلة، واشياء أخرى.

● ما خطة يسرى فودة للعودة فى ظل هذه الاجواء الملتبسة؟

ـ أن أستمر فى محاولة إظهار الحق والحقيقة. أعلم أن هناك بين صفوف الجماهير من يقف إلى أقصى اليمين ومن يقف إلى أقصى اليسار وربما لن يرضوا عن بعض مما نقدم، لكن عزائى يكمن فى ثقتى فى أن هذا قدر من يحاول أن يتجرد فى مجال العمل الصحفى من أى انتماء غير الانتماء للقيم المهنية والوطنية. من يغضب من أمر كهذا عليه أن يجلس إلى نفسه ويفكر قليلا وأن يتذكر لحظة تعرض فيها للظلم أو قلة الحيلة ثم يتخيل لحظة أخرى قادمة ربما يتعرض فيها للظلم أو قلة الحيلة. ما نحتاجه فى ظروف كهذه أن يكون لدينا ما يكفى من الشجاعة والأخلاق كى نتخيل أنفسنا فى موضع الآخر ولو للحظة قبل أن نصدر الأحكام، من أجل أنفسنا إن لم يكن من أجل الحق.

● ما سر ابتعادك عن العمل لفترة طويلة؟

ـ الجميع يعلم أننى تغيبت عن الظهور خلال الفترة الماضية بسبب خضوعى لفحوصات طبية وجلسات علاج طبيعى مكثفة للقضاء على آثار الحادث الذى تعرضت له قبل عدة أشهر، إذ إننى لم أكن قد أكملت العلاج بعد الحادث عند اضطرارى للعودة سريعا إلى الشاشة بسبب الأحداث التى سبقت الثلاثين من يونيو. هذا فضلا عن أننى كنت أتوق لهذه الإجازة منذ فترة طويلة وكتبت ذلك على تويتر فى نوفمبر من العام الماضى. لكن هناك تغيرات كبيرة حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية وواجبى أن أتعامل معها بنفس المبدأ الذى كنت أتعامل به فى الأحداث السابقة، وهذا التزام منى بالقيم المهنية والوطنية. ولا أشك لحظة فى أن كل طرف سيسعى لاستقطابى لصالح قضيته وربما ينالنا فى معرض ذلك جانب من الأذى، لكن ما أريد التأكيد عليه أن الحقيقة لا تحتاج إلى مجهود كبير لإظهارها، وأن الحق ليس فى حاجة إلى الدفاع عن نفسه.

● هل تخشى تهمة الطابور الخامس التى تلاحق كثيرا من الشخصيات العامة وتلاحقك بشكل شخصى حتى قبل أن تعود؟

ـ أنا سمعت هذا الكلام كثيرا فى مراحل مختلفة، وأعتقد أنه صار واضحا لنا جميعا بعد ثلاث سنوات من الثورة أن كل مرحلة من مراحلها تشهد محاولات من جانب كل فريق لتشويه صورة من يعتقدون أنه خصم أو أنه لا يقف فى خندقهم. لكننا جميعا فى قرارة أنفسنا نعلم جيدا من نحن. كل واحد منا يعلم طبيعة معدنه ويعلم أين يقف ويعلم ماذا يريد؟. من حق كل منا أن يكون ما يشاء، لكن ليس من حق أى منا أن يحتكر الحقيقة أو أن يصادر على الآخرين حقوقهم. أما فيما يخصنى كصحفى فليس من حقى أن أقف إلى جانب فريق سواء من الناحية السياسية أو الأيديولوجية إلا فيما يمس القيم المهنية والوطنية. واجبى هذا يحتم على أن أقدم للمشاهد المعلومة الخام، أمينة، دقيقة، موثقة، مع التحليل المهنى المجرد، وعلى المشاهد من بعد ذلك أن يتخذ موقفه بنفسه بالطريقة التى يراها.

● دائما وأبدا كنت تحرص على وجود جميع الاطراف على مائدة الحوار.. كيف ستمثل الإخوان؟

ـ من الناحية المهنية، أنا لست وصيا على ذهن المشاهد ولا أعتقد أن المواطن المصرى، حتى هذا الذى لا يقرأ ولا يكتب، طفل غرير أو متخلف عقليا كى أحرمه من الاستماع إلى صانع للحدث. هذا حقه على، أما واجبى تجاهه فهو أن أقدمه له فى سياق عادل، متزن، يساعد على توضيح الصورة. ومن الناحية الوطنية، نحن فى أمس الحاجة إلى وضع حد سريع لتدهور حالة النسيج المجتمعى فى مصر. الأمر بهذا المعنى أكبر وأخطر من مجرد صراع على السلطة فى فترة زمنية محدودة معلومة، بل إنه يتعداه إلى مستقبلنا جميعا على المدى البعيد ومستقبل أبنائنا. إذن فمن الناحيتين، المهنية والوطنية، أرحب بجميع الأطياف فى عملى مادامت فى قلب الأحداث ومادامت تحترم القانون وحقوق الآخرين.

● قناة on tv التى تظهر على شاشتها تعتبر هذا التيار ارهابيا.. فكيف ستتعامل معه فى آخر كلام؟

ـ أولا أتحفظ على أن القناة ترى تيارا بشكل عام إرهابيا. نعم كانت لدىّ بعض التحفظات على الأداء الإعلامى فى الغالبية العظمى لوسائل الإعلام داخل مصر أو خارجها فى الفترة الأخيرة، لكن قناة «أون تى فى» تدرك ذلك وتعيد ضبط البوصلة بكل شفافية نحو ما عودت المشاهد عليه من مهنية وشفافية. ورأيى أن من الخطأ إطلاق الأوصاف على الناس. الأوصاف، من الناحية المهنية والقانونية والأخلاقية، تطلق على الأفعال لا على الناس، وطوال مشوارى المهنى لم أطلق على شخص وصف إرهابى أو مجرم أو لص، اللهم إلا إذا كان مزينا بذلك الوصف قضائيا. لكن واجبى كصحفى يلتزم القيم المهنية والوطنية أن أصف الفعل إذا كان إرهابيا أو مجرما بأنه كذلك. فإذا حمل أحدهم السلاح واعتدى على شخص مسالم فهذا فعل إرهابى إجرامى، وهو ما ينطبق أيضا على فعل التحريض على الأذى. وقناعتى أننا إذا بدأنا فى إطلاق الأوصاف على الأفعال لا على الأشخاص سنتجنب الكثير من سوء الفهم، وسنقترب أكتر مما نريده جميعا وهو دولة القانون.

● يسرى فودة كانت مقدمة برنامجه تعتبر مساحة رأى.. هل ستتخلى عن ذلك فى الشكل الجديد للبرنامج؟

ـ أنا لا أعبر عن رأيى فى برنامجى إلا نادرا، وحين أفعل هذا ألفت انتباه المشاهد إلى أنه رأيى أنا وليس خبرا أو معلومة. لكننا فى نهاية المطاف بشر نخطئ ونصيب ونفعل وننفعل، فإذا أضفت إلى ذلك خصوصية ثورة جامحة لا تزال مستعرة تدرك مدى صعوبة البقاء على خط الحياد طوال الوقت. الإنسان يحاول، وأحيانا يوفق وأحيانا أخرى لا يوفق. عزائى أننى أذكر نفسى دائما وأذكر زملائى بأننا نعمل فى مجال الصحافة التليفزيونية لا فى مجال المسرح ولا حتى فى مجال الكتابة الإبداعية، وقواعد العمل الصحفى متاحة لمن لا يعرفها.

● كيف ترى 30 يونيو.. ثورة أم انقلابا أم موجة جديدة لثورة 25 يناير؟

ـ نخطئ كثيرا إذا نظرنا إلى 30 يونيو فى حد ذاته بغض النظر عما سبق من أحداث، وما أرجوه أن يستوعب الجميع أن 30 يونيو مرحلة أخرى لثورة 25 يناير طويلة النفس، وما أتمناه أن يكون لدينا جميعا قدرة على الصبر وتحمل آلام عملية جراحية كبرى لا يزال فيها قلب مصر مفتوحا. واعتقادى، لا يزال، أننا نمر من مرحلة إلى أخرى بعملية تعلم متواصلة؛ فمازلنا حتى الآن يتعرف بعضنا على البعض الآخر، وهذا يستلزم ضرورة الوقوف أمام منحنيات بعينها فى مسيرة الثورة والتعلم من الأخطاء حتى لا نقع فيها مرارا وتكرارا، وإلا سيطول ما نحن فيه وتكون الخسائر أكثر كلفة.

● الفريق أول عبدالفتاح السيسى وهو صديق لك.. هل تراه تعلم من أخطاء المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير؟

ـ التقيت الفريق أول عبدالفتاح السيسى ثلاث مرات فقط، منها مرة فى مرحلة مبكرة جدا من ثورة 25 يناير خلال الـ18 يوما الأولى مع مجموعة من الزملاء الإعلاميين والمثقفين، ثم التقيته مرتين أخريين خلال العامين الماضيين وكان رأيى فيه من أول يوم مثل كثيرين أنه إنسان مهنى وطنى، ولديه القدرة على رؤية عميقة للمجال الذى يعمل به وأنه استطاع ان يرتفع بمعنويات القوات المسلحة بعد فترة مؤلمة مرهقة سواء من وجهة نظر المؤسسة العسكرية أو من وجهة نظر الشارع الثورى أيام المجلس العسكرى السابق. وفى نفس الوقت أدرك تماما لماذا ارتفعت شعبيته إلى هذا الحد بعد 30 يونيو، وفى اعتقادى أن الأسابيع والأشهر القليلة القادمة ستسفر لنا عن الكثير، لكن لديه قدرة على قراءة الموقف بشكل عميق، وانتخاب القرار الصائب فى اللحظة الصائبة.

● هل توافق على أن يترشح لرئاسة الجمهورية؟

ـ الصحفى لا ينبغى له أن يكون مع أو ضد، وأنا أؤمن أنه من حق أى إنسان مصرى أن يترشح للرئاسة بما ينظمه القانون، فإذا أجمع ما يكفى من المصريين على انتخاب شخص ما، أنا كصحفى سأقول إن غالبية المصريين انتخبوا ذلك الشخص.

● كيف ترى ازمة باسم يوسف ومنع قناة cbc بث حلقات برنامجه الجمعة الماضية؟

ـ سواء كانت هذه الأزمة مع الزميل باسم يوسف أو مع غيره أنا دائما مع حرية التعبير لأنى اؤمن بأنه لا يخاف من الكاميرا أو من الكلمة إلا من لديه شىء يخفيه. نحن جميعا نستمتع بإبداعات فريق عمل برنامج البرنامج وأتمنى أن تحل المشكلة بينه وإدارة القناة بشكل يحفظ للبرنامج ولأسرة الإعلام فى مصر وكل المدافعين عن حرية التعبير حقهم الطبيعى. وأيا ما كان الفريق الذى تنتمى إليه يجب أن تعلم أن تعطيل برنامج او إغلاق جريدة هو خبر غير سار لأى طرف من الأطراف.

● الاعلام الآن صوت واحد.. فهل يسرى فودة سيكون صوته مختلفا؟

ـ أعلم أنك تشير إلى مرحلة ما بعد 30 يونيو، وفى رأيى أن ما حدث بعد هذا التاريخ فى الإعلام بشكل عام هو حالة من «السعار»، كانت انعكاسا لحالة السعار التى وجدت على الأرض فى جانب من الشارع المصرى التى هى فى حد ذاتها كانت رد فعل قويا على عام من حكم الإخوان المسلمين لم يستطيعوا خلاله أن يضموا جميع طوائف الشعب وأن يطمئنوا الناس على أن مصر لن تذهب فى اتجاه أحادى يغلب مصالح فئوية لجماعة ما على مصالح الوطن كله.

● هل هذا يعنى أنك تراه سعارا مبررا؟

ـ لو كان مبررا إلى هذا الحد لما سميته «سعارا». أتفهّم جانبا من ردة الفعل؛ فالإخوان المسلمون عندما تسلموا مصر لم يستطيعوا أن يشركوا الآخرين معهم حتى يستفيدوا من خبراتهم وتستفيد مصر بشكل عام، بل إنهم اتجهوا فى الفترة الأخيرة إلى الانفراد بالحكم وإلى محاولة تحويل الدفة تأثيرا فى هوية مصر وفى مستقبلها كله. لدىّ كل التفهم أن كثيرين داخل مصر، وأنا واحد من هؤلاء، كانوا قلقين إلى أبعد الحدود قبيل الثلاثين من يونيو من محاولات يمكن تسميتها باختطاف مصر وتوجيهها فى اتجاه معين لا يأخذ صالح الوطن فى الاعتبار الاول بقدر ما يأخذ صالح جماعة بعينها، فهذا لم يكن صحيحا ولا يمكن قبوله. أما رد الفعل على ذلك، فجانب منه يتفهم والجانب الاخر لا يتفهم، لأن الامور عندما تزيد على حد معين تتحول إلى حالة من السعار الضار الذى نتحمل ثمنه جميعا.

● كيف ترى ترقب قطاع كبير من الجمهور لعودتك وتعليقهم عليها الكثير من الآمال؟

ـ ربنا يستر. لا أستطيع أمام هذا سوى أن ألتزم بما أحاول دائما أن ألتزم به. إن أصبنا فإننا نشكر جمهورنا على هذه الثقة، وإن أخطأنا نلتمس منه العذر.

 

في حوار مع «الشروق»..

يسري فودة: السيسي شخص لديه قدرة على قراءة الموقف.. ومن حقه الترشح للرئاسة

«الشروق» التقت يسرى فودة قبل عودته بأيام لتكشف للقارئ اسباب عدم ظهوره على الشاشة بعد 30 يونيو، وهل يعتبرها ثورة أم انقلابا؟ كما يكشف عن سبب وصفه للإعلام المصرى بـ«المسعور» بعد الإطاحة بحكم الإخوان، وعن الشكل الذى سيتعامل به مع التيار الاسلامى فى برنامجه الفترة المقبلة، واشياء أخرى.

  حوار ــ أحمد فاروق:

ما خطة يسرى فودة للعودة فى ظل هذه الاجواء الملتبسة؟

ـ أن أستمر فى محاولة إظهار الحق والحقيقة. أعلم أن هناك بين صفوف الجماهير من يقف إلى أقصى اليمين ومن يقف إلى أقصى اليسار وربما لن يرضوا عن بعض مما نقدم، لكن عزائى يكمن فى ثقتى فى أن هذا قدر من يحاول أن يتجرد فى مجال العمل الصحفى من أى انتماء غير الانتماء للقيم المهنية والوطنية. من يغضب من أمر كهذا عليه أن يجلس إلى نفسه ويفكر قليلا وأن يتذكر لحظة تعرض فيها للظلم أو قلة الحيلة ثم يتخيل لحظة أخرى قادمة ربما يتعرض فيها للظلم أو قلة الحيلة. ما نحتاجه فى ظروف كهذه أن يكون لدينا ما يكفى من الشجاعة والأخلاق كى نتخيل أنفسنا فى موضع الآخر ولو للحظة قبل أن نصدر الأحكام، من أجل أنفسنا إن لم يكن من أجل الحق.

● ما سر ابتعادك عن العمل لفترة طويلة؟

ـ الجميع يعلم أننى تغيبت عن الظهور خلال الفترة الماضية بسبب خضوعى لفحوصات طبية وجلسات علاج طبيعى مكثفة للقضاء على آثار الحادث الذى تعرضت له قبل عدة أشهر، إذ إننى لم أكن قد أكملت العلاج بعد الحادث عند اضطرارى للعودة سريعا إلى الشاشة بسبب الأحداث التى سبقت الثلاثين من يونيو. هذا فضلا عن أننى كنت أتوق لهذه الإجازة منذ فترة طويلة وكتبت ذلك على تويتر فى نوفمبر من العام الماضى. لكن هناك تغيرات كبيرة حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية وواجبى أن أتعامل معها بنفس المبدأ الذى كنت أتعامل به فى الأحداث السابقة، وهذا التزام منى بالقيم المهنية والوطنية. ولا أشك لحظة فى أن كل طرف سيسعى لاستقطابى لصالح قضيته وربما ينالنا فى معرض ذلك جانب من الأذى، لكن ما أريد التأكيد عليه أن الحقيقة لا تحتاج إلى مجهود كبير لإظهارها، وأن الحق ليس فى حاجة إلى الدفاع عن نفسه.

● هل تخشى تهمة الطابور الخامس التى تلاحق كثيرا من الشخصيات العامة وتلاحقك بشكل شخصى حتى قبل أن تعود؟

ـ أنا سمعت هذا الكلام كثيرا فى مراحل مختلفة، وأعتقد أنه صار واضحا لنا جميعا بعد ثلاث سنوات من الثورة أن كل مرحلة من مراحلها تشهد محاولات من جانب كل فريق لتشويه صورة من يعتقدون أنه خصم أو أنه لا يقف فى خندقهم. لكننا جميعا فى قرارة أنفسنا نعلم جيدا من نحن. كل واحد منا يعلم طبيعة معدنه ويعلم أين يقف ويعلم ماذا يريد؟. من حق كل منا أن يكون ما يشاء، لكن ليس من حق أى منا أن يحتكر الحقيقة أو أن يصادر على الآخرين حقوقهم. أما فيما يخصنى كصحفى فليس من حقى أن أقف إلى جانب فريق سواء من الناحية السياسية أو الأيديولوجية إلا فيما يمس القيم المهنية والوطنية. واجبى هذا يحتم على أن أقدم للمشاهد المعلومة الخام، أمينة، دقيقة، موثقة، مع التحليل المهنى المجرد، وعلى المشاهد من بعد ذلك أن يتخذ موقفه بنفسه بالطريقة التى يراها.

  دائما وأبدا كنت تحرص على وجود جميع الاطراف على مائدة الحوار.. كيف ستمثل الإخوان؟

ـ من الناحية المهنية، أنا لست وصيا على ذهن المشاهد ولا أعتقد أن المواطن المصرى، حتى هذا الذى لا يقرأ ولا يكتب، طفل غرير أو متخلف عقليا كى أحرمه من الاستماع إلى صانع للحدث. هذا حقه على، أما واجبى تجاهه فهو أن أقدمه له فى سياق عادل، متزن، يساعد على توضيح الصورة. ومن الناحية الوطنية، نحن فى أمس الحاجة إلى وضع حد سريع لتدهور حالة النسيج المجتمعى فى مصر. الأمر بهذا المعنى أكبر وأخطر من مجرد صراع على السلطة فى فترة زمنية محدودة معلومة، بل إنه يتعداه إلى مستقبلنا جميعا على المدى البعيد ومستقبل أبنائنا. إذن فمن الناحيتين، المهنية والوطنية، أرحب بجميع الأطياف فى عملى مادامت فى قلب الأحداث ومادامت تحترم القانون وحقوق الآخرين.

● قناة on tv التى تظهر على شاشتها تعتبر هذا التيار ارهابيا.. فكيف ستتعامل معه فى آخر كلام؟

ـ أولا أتحفظ على أن القناة ترى تيارا بشكل عام إرهابيا. نعم كانت لدىّ بعض التحفظات على الأداء الإعلامى فى الغالبية العظمى لوسائل الإعلام داخل مصر أو خارجها فى الفترة الأخيرة، لكن قناة «أون تى فى» تدرك ذلك وتعيد ضبط البوصلة بكل شفافية نحو ما عودت المشاهد عليه من مهنية وشفافية. ورأيى أن من الخطأ إطلاق الأوصاف على الناس. الأوصاف، من الناحية المهنية والقانونية والأخلاقية، تطلق على الأفعال لا على الناس، وطوال مشوارى المهنى لم أطلق على شخص وصف إرهابى أو مجرم أو لص، اللهم إلا إذا كان مزينا بذلك الوصف قضائيا. لكن واجبى كصحفى يلتزم القيم المهنية والوطنية أن أصف الفعل إذا كان إرهابيا أو مجرما بأنه كذلك. فإذا حمل أحدهم السلاح واعتدى على شخص مسالم فهذا فعل إرهابى إجرامى، وهو ما ينطبق أيضا على فعل التحريض على الأذى. وقناعتى أننا إذا بدأنا فى إطلاق الأوصاف على الأفعال لا على الأشخاص سنتجنب الكثير من سوء الفهم، وسنقترب أكتر مما نريده جميعا وهو دولة القانون.

  يسرى فودة كانت مقدمة برنامجه تعتبر مساحة رأى.. هل ستتخلى عن ذلك فى الشكل الجديد للبرنامج؟

ـ أنا لا أعبر عن رأيى فى برنامجى إلا نادرا، وحين أفعل هذا ألفت انتباه المشاهد إلى أنه رأيى أنا وليس خبرا أو معلومة. لكننا فى نهاية المطاف بشر نخطئ ونصيب ونفعل وننفعل، فإذا أضفت إلى ذلك خصوصية ثورة جامحة لا تزال مستعرة تدرك مدى صعوبة البقاء على خط الحياد طوال الوقت. الإنسان يحاول، وأحيانا يوفق وأحيانا أخرى لا يوفق. عزائى أننى أذكر نفسى دائما وأذكر زملائى بأننا نعمل فى مجال الصحافة التليفزيونية لا فى مجال المسرح ولا حتى فى مجال الكتابة الإبداعية، وقواعد العمل الصحفى متاحة لمن لا يعرفها.

● كيف ترى 30 يونيو.. ثورة أم انقلابا أم موجة جديدة لثورة 25 يناير؟

ـ نخطئ كثيرا إذا نظرنا إلى 30 يونيو فى حد ذاته بغض النظر عما سبق من أحداث، وما أرجوه أن يستوعب الجميع أن 30 يونيو مرحلة أخرى لثورة 25 يناير طويلة النفس، وما أتمناه أن يكون لدينا جميعا قدرة على الصبر وتحمل آلام عملية جراحية كبرى لا يزال فيها قلب مصر مفتوحا. واعتقادى، لا يزال، أننا نمر من مرحلة إلى أخرى بعملية تعلم متواصلة؛ فمازلنا حتى الآن يتعرف بعضنا على البعض الآخر، وهذا يستلزم ضرورة الوقوف أمام منحنيات بعينها فى مسيرة الثورة والتعلم من الأخطاء حتى لا نقع فيها مرارا وتكرارا، وإلا سيطول ما نحن فيه وتكون الخسائر أكثر كلفة.

● الفريق أول عبدالفتاح السيسى وهو صديق لك.. هل تراه تعلم من أخطاء المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير؟

ـ التقيت الفريق أول عبدالفتاح السيسى ثلاث مرات فقط، منها مرة فى مرحلة مبكرة جدا من ثورة 25 يناير خلال الـ18 يوما الأولى مع مجموعة من الزملاء الإعلاميين والمثقفين، ثم التقيته مرتين أخريين خلال العامين الماضيين وكان رأيى فيه من أول يوم مثل كثيرين أنه إنسان مهنى وطنى، ولديه القدرة على رؤية عميقة للمجال الذى يعمل به وأنه استطاع ان يرتفع بمعنويات القوات المسلحة بعد فترة مؤلمة مرهقة سواء من وجهة نظر المؤسسة العسكرية أو من وجهة نظر الشارع الثورى أيام المجلس العسكرى السابق. وفى نفس الوقت أدرك تماما لماذا ارتفعت شعبيته إلى هذا الحد بعد 30 يونيو، وفى اعتقادى أن الأسابيع والأشهر القليلة القادمة ستسفر لنا عن الكثير، لكن لديه قدرة على قراءة الموقف بشكل عميق، وانتخاب القرار الصائب فى اللحظة الصائبة.

● هل توافق على أن يترشح لرئاسة الجمهورية؟

ـ الصحفى لا ينبغى له أن يكون مع أو ضد، وأنا أؤمن أنه من حق أى إنسان مصرى أن يترشح للرئاسة بما ينظمه القانون، فإذا أجمع ما يكفى من المصريين على انتخاب شخص ما، أنا كصحفى سأقول إن غالبية المصريين انتخبوا ذلك الشخص.

● كيف ترى ازمة باسم يوسف ومنع قناة cbc بث حلقات برنامجه الجمعة الماضية؟

ـ سواء كانت هذه الأزمة مع الزميل باسم يوسف أو مع غيره أنا دائما مع حرية التعبير لأنى اؤمن بأنه لا يخاف من الكاميرا أو من الكلمة إلا من لديه شىء يخفيه. نحن جميعا نستمتع بإبداعات فريق عمل برنامج البرنامج وأتمنى أن تحل المشكلة بينه وإدارة القناة بشكل يحفظ للبرنامج ولأسرة الإعلام فى مصر وكل المدافعين عن حرية التعبير حقهم الطبيعى. وأيا ما كان الفريق الذى تنتمى إليه يجب أن تعلم أن تعطيل برنامج او إغلاق جريدة هو خبر غير سار لأى طرف من الأطراف.

  الاعلام الآن صوت واحد.. فهل يسرى فودة سيكون صوته مختلفا؟

ـ أعلم أنك تشير إلى مرحلة ما بعد 30 يونيو، وفى رأيى أن ما حدث بعد هذا التاريخ فى الإعلام بشكل عام هو حالة من «السعار»، كانت انعكاسا لحالة السعار التى وجدت على الأرض فى جانب من الشارع المصرى التى هى فى حد ذاتها كانت رد فعل قويا على عام من حكم الإخوان المسلمين لم يستطيعوا خلاله أن يضموا جميع طوائف الشعب وأن يطمئنوا الناس على أن مصر لن تذهب فى اتجاه أحادى يغلب مصالح فئوية لجماعة ما على مصالح الوطن كله.

● هل هذا يعنى أنك تراه سعارا مبررا؟

ـ لو كان مبررا إلى هذا الحد لما سميته «سعارا». أتفهّم جانبا من ردة الفعل؛ فالإخوان المسلمون عندما تسلموا مصر لم يستطيعوا أن يشركوا الآخرين معهم حتى يستفيدوا من خبراتهم وتستفيد مصر بشكل عام، بل إنهم اتجهوا فى الفترة الأخيرة إلى الانفراد بالحكم وإلى محاولة تحويل الدفة تأثيرا فى هوية مصر وفى مستقبلها كله. لدىّ كل التفهم أن كثيرين داخل مصر، وأنا واحد من هؤلاء، كانوا قلقين إلى أبعد الحدود قبيل الثلاثين من يونيو من محاولات يمكن تسميتها باختطاف مصر وتوجيهها فى اتجاه معين لا يأخذ صالح الوطن فى الاعتبار الاول بقدر ما يأخذ صالح جماعة بعينها، فهذا لم يكن صحيحا ولا يمكن قبوله. أما رد الفعل على ذلك، فجانب منه يتفهم والجانب الاخر لا يتفهم، لأن الامور عندما تزيد على حد معين تتحول إلى حالة من السعار الضار الذى نتحمل ثمنه جميعا.

● كيف ترى ترقب قطاع كبير من الجمهور لعودتك وتعليقهم عليها الكثير من الآمال؟

ـ ربنا يستر. لا أستطيع أمام هذا سوى أن ألتزم بما أحاول دائما أن ألتزم به. إن أصبنا فإننا نشكر جمهورنا على هذه الثقة، وإن أخطأنا نلتمس منه العذر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved