«مانديلا».. مناضل أفريقي بعباءة عربية
آخر تحديث: الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 5:03 م بتوقيت القاهرة
إسماعيل الخولي
رحل الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا عن عمر يناهز 95 عامًا، بعد أن قضى «ماديبا» – اسم شهرة مانديلا- ثلث هذه السنوات في السجن، ليخرج ويحكم البلد الذي ناضل من أجل إنهاء الفصل العنصري به، وهو ما أثار توقعات بأنه سينتقم من المواطنين البيض الذين سجنوه، ولكن مانديلا أبهرهم بتسامحه، وحقق المصالحة الوطنية.
لم يكن مانديلا زعيمًا لجنوب أفريقيا فقط، بل أصبح أيقونة عالمية، ومقياس للنضال والتسامح، وبات صاحب رأي يستمع إليه العالم بإنصات، وكان للشرق الأوسط نصيب كبير من آراء «ماديبا».
ماديبا والحرب على الإرهاب:
بعد هجمات 11 سبتمبر بالولايات المتحدة، قدم مانديلا تعازيه في الضحايا، وأعلن دعمه لـ«الحرب على الإرهاب»، وهو ما دفع جورج بوش لمنحه وسام «الحرية الرئاسي» ووصفه بـ«رجل الدولة الأكثر احترامًا في عصرنا».
وتغير موقف مانديلا بداية من عام 2002، ثُم عارض في كلمة أمام «المنتدى الدولي للمرأة» عام 2003، هجوم الولايات المتحدة على العراق. وقال إن بوش الابن يرغب في إغراق العالم في هولوكوست، متهمًا جورج بوش بالغطرسة وغياب الرؤية والذكاء.
«ليس هناك دولة في العالم، ارتكبت فظائع غير قابلة للوصف، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تبالي بذلك»، هكذا علق ماديبا على حرب العراق، وشجع الشعب الأمريكي على التظاهر ضد الحرب، واتهم بوش بأنه يحارب من أجل النفط فقط.
مانديلا والقضية الفلسطينية:
كانت هناك علاقة قوية بين منظمة التحرير الفلسطينية، وحزب المؤتمر الأفريقي، الذي ينتمي إليه مانديلا للمطالبة بإنهاء الفصل العنصري ضد السود، ودافع مانديلا عن هذه العلاقة بسبب دعم المنظمة الفلسطينية للحزب الأفريقي.
«المنظمتان تعمل في نفس الصف، فهما تحاربان من أجل تقرير المصير» كان مانديلا يربط بين المنظمتين، ولكنه لم يشكك في حق الإسرائيليين في الوجود، فطالب عام 1999 خلال زيارة لفلسطين، بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، كما طالب من الدول العربية أن تعترف بـ«حق إسرائيل في الوجود ضمن حدود آمنة».
عام 1997، وأثناء فترة رئاسة مانديلا، بعث رسالة رسمية لياسر عرفات والفلسطينيين، من أجل تقرير المصير، وإقامة دولة مستقلة في إطار عملية السلام، «ماديبا» أيضًا سبق له أن قارن بين نضال الفلسطينيين ونضال السود في جنوب أفريقيا. وقال إن هجوم قوات الاحتلال على أسطول فك حصار غزة عام 2010 «لا يغتفر تمامًا»، ووصف الحصار بأنه «غير مفيد وغير قانوني ويشجع المتطرفين».
القذافي وماديبا.. صداقة مقربة
القذافي.. هو اسم أحد أحفاد زعيم جنوب أفريقيا الراحل، فكان العقيد الليبي الراحل صديقًا مقربًا لنيلسون مانديلا، لأنه مول العديد من الحركات المكافحة للعنصرية وحكم الأقلية بالقارة السمراء، بحسب بي بي سي عربية.
العقيد الليبي الراحل، كان قد مول حملة نيلسون مانديلا الانتخابية، ولذك رفض مانديلا أن يقطع علاقات جنوب أفريقيا مع ليبيا عندما وصل للرئاسة، بالرغم من الضغوط التي مارسها عليه حكام غربيين، وقال مانديلا: «أولئك الذين تؤذي مشاعرهم صداقتي بالقذافي.. ليقفزوا في الماء».
مانديلا لم يكتف بهذا الموقف مع القذافي، بل لعب دورًا مهمًا لإنهاء عزلة ليبيا مع الغرب، بعد أن توسط في صفقة مع المملكة المتحدة حول تفجير لوكربي عام 1988، وهي الصفقة التي اعتبرها مانديلا إحدى اكبر إنجازاته في مجال السياسة الخارجية.
وعندما أسس القذافي جائزة «القذافي الدولية لحقوق الإنسان» والتي قرر أن يتم منحها لشخصيات من العالم الثالث تصدوا للاستعمار والإمبريالية، كان الفائز في السنة الأولى صديق العقيد الليبي المقرب، نيلسون مانديلا.
«مصر عبد الناصر» تثير إعجاب الشاب مانديلا
مثلت مصر لمانديلا نموذجًا يستحق الإعجاب، فيروي في مذكراته التي أسماها «مسيرة طويلة نحو الحرية»، أنه تحول من شاب يرى أن التقدم يكمن فيما يقدمه الغرب، إلى مناضل يعتد بجنسيته الأفريقية.
وأضاف: «كانت مصر قد تملكت مخيلتي، وكنت دائما أرغب في زيارة الأهرام وأبو الهول وعبور نهر النيل أعظم أنهار إفريقيا، ذهبت إلى القاهرة وقضيت يومي الأول في المتحف أفحص القطع الفنية، وأجمع معلومات عن نمط الرجال الذين أسسوا حضارة وادي النيل القديمة، ولم يكن اهتمامي اهتمام هاويا للآثار، فإن من المهم للأفارقة القوميين أن يتسلحوا بالبرهان الذي يدحضون به ادعاءات البيض بأن الأفارقة لم تكن لهم في الماضي حضارة تضارع مدنية الغرب، واكتشفت في صباح واحد أن المصريين كانوا يبدعون أعمالا فنية ومعمارية عظيمة، بينما كان الغربيون في الكهوف».
ويضيف مانديلا أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه جمال عبد الناصر، كان نموذجًا مهمًا، وكان له الريادة في بدء برنامج سريع للتصنيع، وجعل التعليم ديمقراطيًا وبنى جيشًا حديثًا.
ولكن ما أثار اهتمام مانديلا أكثر، هو امتلاك مصر جيش وأسطول بحري وجوي، يقارن بجيش جنوب أفريقيا، وكانت هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تمتلك هذا الأسطول.