ما الفرق بين تعدد الزوجات قبل الإسلام وبعده.. وكيف حد الدين منه بضوابط تحمي حقوق المرأة؟

آخر تحديث: الإثنين 6 ديسمبر 2021 - 2:23 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

دائما ما تكون قضية تعدّد الزوجات محل للجدل والخلاف المتجدد داخل المجتمع المصري، بين مدافع يعتبر التعدّد شرع الله واجب تنفيذه، ومعارض لفكرة التعدّد باعتبارها تؤثّر سلبا على الزوجة والأسرة والأطفال.

وعادة ما تكثر الآراء وتتباين حول تعدد الزوجات، وهو الحق الذي أجازته الشريعة الإسلامية للرجل، واستبعده بعض علماء الدين لصعوبة تحقيق شروطه المذكورة في القرآن، بينما جرمته بعض الدول العربية والإسلامية، وأخرى قيدته.

لذلك، فتحت "الشروق" ملفا كاملا لتغطي قضية "تعدد الزوجات" من جوانب عديدة.

فلماذا تعددت الزوجات في الإسلام؟ وهل الأصل في الإسلام التعدد؟ وهل كان التعدد في غير الإسلام؟

التعدد في اليهودية
تعدُّد الزوجات كان شائعًا بين العرب قبل الإسلام، وكذلك بين الفرس واليهود، الذين ما زالوا يبيحونه حتى الآن، لكنه كان غير محدود بعدد، والظلم فيه شائعًا، حتى أمر الإسلام بالحد منه.

ولم يأتِ الإسلام بالتعدد ابتداءً كما يظن بعض الناس؛ وفقا لفتوى نشرتها دار الإفتاء المصرية ردا على هذه التساؤلات، في عام 2017.


الإسلام جاء بالحد من تعدد الزوجات
وتطرقت الفتوى إلى أن تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية "ليس مقصودًا لذاته وليس هو الأصل، وإنما هو مباح بشروطه المسطورة في كتب الفقه".

وتابعت دار الإفتاء أنه "من باب تصحيح المفاهيم وإرساء الحقائق، فالإسلام جاء بالحد من تعدد الزوجات، ولم يأت بتعدد الزوجات كما يظن الآخرون؛ فعن سالم، عن أبيه، أن غيلان بن سلمة الثقفي رضي الله عنه، أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»"، حديث شريف أخرجه أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه.

والحديث الشريف أمر بالحد من عدد الزوجات لمن كان يزيد على أربع، وفي المقابل لم يرِد ما يشير لأنه يجب على المتزوج من واحدة أن يتزوج أخرى؛ وذلك لأن تعدد الزوجات ليس مقصودًا لذاته، وإنما يتزوج الرجل مرة أخرى لأسباب ومصالح عامة.

تعدد الزوجات يمنح للمرأة حقها
وتابعت الفتوى: "الغريب أن أمر تعدد النساء في حياة الرجل يجد قبولًا عند من يهاجمون الإسلام في تشريعه لإباحة تعدد الزوجات، حيث يقبلون بتعدد الخليلات والعشيقات، ويرفضون أن يعطوهن صفة الزوجة؛ إذن هم يرفضون التعدد في إطار النظام والدين والقانون، ويدْعون إلى تعدد في إطار غير مشروع، وهو التعدد الذي لا يكفل للمرأة أي حق، بل يستعبدها الرجل، ويقيم معها علاقة غير رسمية ويسلب زهرة حياتها، ثم يرمي بها خارج قلبه وحياته، وقد يتسبب لأسرته في أمراض جنسية خطيرة إلى جانب أطفال السفاح الذين لا يعترف بهم في أكثر الأحيان".

لذلك، فزواج الرجل من امرأة أخرى حتى أربع نساء حكمه في الإسلام الإباحة إن كان قادرًا عليه، ولا يؤثر بالسلب والضرر البالغ على حياته الأخرى.

تفسير أهل التأويل والعلم
وأما تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، فقد تناولها الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل القرآن".

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل الآية الكريمة، فقال بعضهم إن معناها: وإن خفتم، يا معشر أولياء اليتامى، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه، وتبلغوا بصداقهنَّ صدقات أمثالهنَّ، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرَهن من الغرائب اللواتي أحلَّهن الله لكم وطيبهن، من ثانية إلى أربع، وإن خفتم أن تجوروا إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة فلا تعدلوا، فانكحوا منهن واحدة، أو ما ملكت أيمانكم".

فيما قال آخرون إن معناها "النهي عن نكاح ما فوق الأربع، حرصا على أموال اليتامى أن يتلفها أولياؤهم، وذلك أن قريشًا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدمًا مال على مال يتيمه الذي في حجره فأنفقه أو تزوج به، فنهوا عن ذلك، وقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها فلا تعدلوا فيها، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مُؤن نسائكم، فلا تجاوزوا فيما تنكحون من عدد النساء على أربعٍ، وإن خفتم أيضًا من الأربع أن لا تعدلوا في أموالهم، فاقتصروا على الواحدة، أو على ما ملكت أيمانكم".

وتابعت دار الإفتاء: "مما سبق يتبين أن الإسلام جاء ليحد من تعدد الزوجات بالطريقة التي كانت سائدة في هذا العصر عند العرب والفرس والروم، وأن الإسلام لم يوجب على المسلم الزواج من أربع، بل جعل ذلك على الإباحة، وهذا لا شك أفضل من تعدد العشيقات والخليلات، والذي ينتج منه أولاد الزنا، ويؤثر ذلك على المجتمعات بالأمراض الأخلاقية بل والجسدية".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved