تحويل المستشفيات وتأجيل العمليات.. مرضى السرطان ضحايا محاولات احتواء كورونا في إيطاليا

آخر تحديث: الثلاثاء 7 أبريل 2020 - 3:47 م بتوقيت القاهرة

سارة النواوي

منذ تفشى جائحة كورونا في إيطاليا، شعرت فرانشيسكا ماسي بأن نهايتها تقترب؛ فهي مصابة بالتليف النخاعي -وهو سرطان نادر في نخاع العظام-، وكان من المقرر أن تجري عملية زرع هذا الشهر، إلا أنها تم تأجيلها نظرا لانشغال الدولة بمحاربة الفيروس التاجي.

أصبح الوصول إلى الآلاف من مرضى السرطان الذين يحتاجون إلى العلاج الكيميائي وعمليات الزرع والجراحة أمرًا صعبًا؛ بسبب تفشي الفيروس في جميع أنحاء البلاد؛ فقد تحولت العديد من أجنحة السرطان المتخصصة والمستشفيات لعلاج الفيروس، بينما أغلقت أخرى بعد إصابة الطاقم الطبي والمرضى، حسب "الجارديان" البريطانية.

تقول ماسي، التي تبلغ من العمر 46 عاما وتعيش في بونتيديرا، في مقاطعة بيزا: "في بداية تشخيصي كنت أخضع للعلاج، ولكن بعدما ساءت ظروفي، أصبحت عملية الزرع هي خياري الوحيد، أشعر بأن حياتي في خطر والموت يحيطيني من كل اتجاه؛ فبعدما عثر الأطباء على متبرعين أجانب، جاءت قيود الطيران الدولي لوقف انتشار الفيروس، ولذلك لم يستطع المتبرعون الوصول إلى إيطاليا، خشية الفيروس".

وجدت الأبحاث التي تقودها "كوديك فيولا"، وهي مؤسسة خيرية لدعم مرضى سرطان البنكرياس، أنه تم تأجيل 500 حالة من مرضى الثدي أو البنكرياس للعلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي، كما تم تأجيل 64% من العمليات الجراحية إلى أجل غير مسمى.

أما عن فرانشيسكا بيسكي -التي تبلغ من العمر 54 سنة- فإنها مصابة بسرطان البنكرياس منذ 3 سنوات، ومن المقرر أن تغادر روما للمتابعة في ميلانو، إحدى المدن الأكثر تضررا من الفيروس، وتقول: "يخشى الكثير من مرضى السرطان الإصابة بالفيروس في المستشفيات، لذلك يتخلون عن العلاج؛ فضلا عن أن العديد من المستشفيات اضطرت إلى إلغاء مواعيدها؛ بعدما تم نقل العديد من أطباء الأورام للمساعدة في حالة طوارئ فيروس كورونا".

وتحكي أليساندرا كابوني -47 عاما، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، ومصابة بسرطان الثدي منذ 10 سنوات-، عن معاناتها بعد مواجهتها صعوبات هائلة في السفر إلى ألمانيا: "اتصلت بوزارة الشؤون الخارجية ولكن لم يجيبني أحد، وحينما تواصلت مع القنصلية الإيطالية في فرانكفورت أخبروني أنني بحاجة إلى عدد من الشهادات للسفر إلى بلد آخر، وذلك نظرا للظروف الصحية".

وتضيف: "الكثيرون من مرضى السرطان باتوا يعيشون في حالة قلق دائم، خوفًا من الموت الذي قد يأتيهم في أي وقت، وقد تسبب الوضع الناجم عن فيروس كورونا في تعرضنا لضائقة نفسية وبدنية بالغة".

وتضيف جراتسيا دي ميشيل، البالغة من العمر 39 عاما، أنها أصيبت بسرطان الثدي منذ عام 2010، وقبل بضعة أشهر، تم تشخيص والدتها بسرطان البنكرياس. قائلة: "كان من المفترض أن تخضع والدتي لفحص بالأشعة المقطعية في مارس لمعرفة ما إذا كانت تحتاج إلى علاج كيماوي، ولكن تم تأجيل العلاج، كما كان من المفترض أن أخضع لاستئصال المبيض، وتم تأجيل عمليتي أيضًا نظرا للظروف الصحية الراهنة".

"الوضع ينذر بالخطر.. ولا مجال لعلاج مرضى السرطان"

العديد من المرضى والأطباء يخشون من أن تحد الإجراءات التقييدية لاحتواء الفيروس، من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة لمرضى السرطان، الذين يمثلون أيضًا 17% من الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا.

وقال باولو أسييرتو، طبيب الأورام بمستشفى باسكال في نابولي الذي يعالج مرضى فيروس كورونا، إن تحويل أجنحة السرطان لمعالجة مرضى كورونا قد يكون أمرًا محفوفًا بالمخاطر؛ موضحا: "أفهم حالة الطوارئ ولكن يجب ألا ننسى أن مرضى السرطان يحتاجون إلى علاجات متخصصة، فبالرغم من أن هناك حالات يمكن إدارتها بأمان باستخدام الاستشارات عبر الإنترنت، ولكن هناك حالات أخرى يجب تحديد أولوياتها، لأن عدم الاهتمام المستمر يعني الحياة أو الموت".

وفي إقليم أبروتسو، اندلعت الاحتجاجات بعد إعلان السلطات المحلية أن المستشفى الوحيدة المتخصصة به لعلاج سرطان النساء يجب تحويلها بالكامل لعلاج مرضى كورونا.

يقول أسيرتو: "بعد تفشي الفيروس أصبح لم يعد يتم سوى العمليات الجراحية العاجلة"، كما أن إغلاق الطرق الجوية من وإلى إيطاليا جعل من المستحيل لآلاف مرضى السرطان الوصول إلى العلاج في المستشفيات الأوروبية الأخرى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved